الإرهاب الذي يضرب بأطنابه عمق الشعب العراقي ويحصد الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ في الأسواق العامة والتجمعات البشرية ودور العبادة والجوامع والحسينيات، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن في شهر تموز الماضي قضى حوالي ألفان من أبناء الشعب جراء العمليات الانتحارية الإرهابية 98% منهم من الأبرياء كلهم من الطائفة الشيعية كما ذكرت المصادر الإخبارية المستقلة.
لا شك إن الذين يقومون بهذه العمليات الإرهابية هم بالتأكيد يتقاطعون مع إرادة الشعب الذين انتخبوا ممثليهم وحكومتهم بملأ إرادتهم وإذا ما فشلوا في تحقيق مطاليب الشعب في توفير الأمن والخدمات فإنهم لا يحصلوا على ثقتهم في الانتخابات القادمة، وهذه هي الطريقة الديمقراطية التي يتم فيها التداول السلمي للسلطة من دون مؤامرات أو انقلابات أو أي شيء من هذا القبيل، وأي كتلة ترى في نفسها القدرة على خدمة الشعب فإن باستطاعتها أن تقدم برامجها السياسية والاقتصادية وتحوز على ثقة الجماهير في الانتخابات وتسيطر على دفة الحكم لكي تكرس شعاراتها الانتخابية على أرض الواقع، هذه هي الطريقة الحضارية المثلى في استلام دفة الحكم والمتداولة في الدول المتقدمة.
ويبدو إن القاعدة وفول البعث المجرمة لا يعترفون بالانتخابات ولا يقرون بحقوق المواطن بانتخاب الحاكم والحكم الذي يلبي احتياجاته في بناء الدولة والمجتمع بما يضمن سعادته ونجاحه في حياته اليومية، بل قد تعودوا على الإجرام والاستحواذ على الحكم بالمؤامرات والارتباط بالدول الديكتاتورية لوئد أية تجربة ديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط وبما أن العراق يقع في قلب العالم الإسلامي وما له تأثير على شعوب المنطقة العربية بالذات فكانت الأنظار جلها موجهة صوبه للنيل من تجربته الرائدة والانتقام من الشعب الذي يأمل خيرا من هذه التجربة بعدما سأم من الحكومات المستبدة التي أذاقته الأمرين في تدمير الوطن والمواطن، فإن القاعدة والبعث المجرم قد ارتضوا لأنفسهم في تحقيق أجندات الدول الإقليمية الديكتاتورية التي أغدقت عليهم المليارات من الدولارات في سبيل إفشال الحكومة المنتخبة وإيصال المواطن إلى قناعة مفادها أن خلاصه يكمن بعودة النظام الشمولي ولا فائدة مرجوة من الكتل السياسية المتناحرة فيما بينها في الكثير من الملفات التي لتلك الأنظمة دور ملحوظ في بث الخلاف فيما بينها.
وفي تلك الأجواء المتلبدة فإن فلول البعث المجرم قد أوغلوا إجراما بحق الطائفة الشيعية قبل وبعد نيسان 2003م بحصدهم الأبرياء في الحسينيات والأحياء الفقيرة ومساطر العمال في الموصل وكركوك وبغداد وبقية المناطق للانتقام من الأكثرية لأنها انتخبت النظام الديمقراطي في اسلوب الحكم ودق إسفين التناحر الطائفي في المجتمع وإيصال المجتمع إلى حالة اليأس من هذه التجربة وبالتالي إفشالها والإيحاء بأن خلاصهم يكمن بحكومة إنقاذ وطني مرتبطة بالدول الكبرى وليس بالطرق الديمقراطية والانتخابات، لأنهم لا يستطيعون خوضها حيث إن الشعب يمقتهم ويلفضهم لتاريخهم الدموي المشؤوم وجرائمهم التي ما تزال ماثلة أمام القاصي والداني، وبات من الواضح إن الإسطوانة المشروخة التي طالما يتشدقون بها في مقارعة المحتل وهم يعقدون الحوار معه ويا لها من مفارقة مضحكة!! وآخر تلك الاجتماعات ما حصل في تركيا بين ما يسمي بالمجلس السياسي للمقاومة العراقية والأمريكان بوساطة بعض المنافقين المشاركين في العملية السياسية، وفي نفس الوقت يصبون جام حقدهم وجهادهم المزعوم على الأبرياء من الشعب للحصول على الامتيازات السياسية بأن الوضع الأمني لا يستقر بدونهم وبدون مشاركتهم في العملية السياسية التي يحاولون الانقضاض عليها من الداخل.
نحن وعلى أعتاب رمضان المبارك شهر المغفرة والرضوان والتقوى حيث نقل عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إنه قال: فقمت وقلت: يا رسول الله، ما أفضل الأعمال في هذا الشهر (شهر رمضان)؟ فقال: يا أبا الحسن، أفضل الأعمال في هذا الشهر الورع عن محارم الله عزّ وجلّ، وقد بيّن الله تعالى في كتابه العزيز الهدف من الصيام (لعلكم تتقون) فلا فائدة في صيام البطن والفرج إذا لم تصم الجوارح والقلب عما حرّم الله تعالى، لا فائدة في البذل والعطاء المادي إذا لم يقترن بالتقوى. قال الله سبحانه (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)، حقن دماء الأبرياء وتوفير الخدمات للمواطن تعد من أفضل العبادات، وشهر رمضان هو خير محطة لصفاء القلوب واتحاد المواقف تجاه كل المؤامرات التي تحاك من قبل الأعداء للنيل من كرامة المواطن وسيادة الوطن، وهي دعوة إلى الكتل السياسية الوطنية الشريفة أن تتقي الله في الشعب الذي ضحى بكل غال ونفيس في سبيل إيصالهم إلى سدة الحكم لعلهم يحصلون على مقومات النظام الديمقراطي في دولة المؤسسات وحفظها من تدنيس الجاهلين.
أقرأ ايضاً
- أسطورة الشعب المختار والوطن الموعود
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2