- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحكومات والتجاهل المقصود للاعلام
الحكومات العراقية المتعاقبة بعد التغيير جميعها لم تقدم للاعلام العراقي منجزاً او دعماً لوجستياً لا على مستوى التشريع ولا على المستويات الاخرى، ما تسبب في انهيار العديد من التجارب الاعلامية الجيدة، وتعكز اخرى على جهات متعددة لاستمراريتها فيما تعاني المتبقية منها من ضغوطات هائلة ترزح تحت وطأتها من دون ان يلتفت احد اليها.
وتجاهر هذه الحكومات بمساحة الحرية المتاحة لوسائل الاعلام وكأنها واحدة من اختراعاتها او هباتها التي تحققت على يديها متجاهلة بأنها حق دستوري كفله لها القانون، ولا منّة للحكومة او سواها في هذا الفضل ان عُدّ ذلك جميلا لاحد.
فعلى مدى السنوات الماضية وفي وقت قدّم فيه الاعلام العراقي قرابين ثمينة، لم يأبه احد لدمائها، بقي قطاع الاعلام وعلى جميع تخصصاته بدائياً في مفرداته ابتداء من التقنيات الفنية والطباعية والتجهيزات والاتصالات وانتهاء بالامكانات المتوافرة من الموارد البشرية، وقد اغفلت جميع الحكومات السابقة والحالية هذا حتى في المؤسسة الاعلامية الوحيدة للدولة واعني شبكة الاعلام العراقية التي رصدت لها ملايين الدولارات ولم تزل لاتمتلك في جريدتها الأم مطبعة حديثة واحدة اذ ان احدث مطابعها يقارب عمره ربع قرن، بينما تعاني قنواتها من الترهل والنمطية وكأنها مستنسخة عن تلفزيون العراق إبان النظام السابق، فيما صارت الحكومة واحزابها منافساً غير عادل للاعلام المستقل، ينافسه على مورد تمويله الاساس من الاعلان، ويحتكر المعلومات التي يفترض انها متاحة للجميع، ويستحوذ على مايتوفر من فرص لتطوير نفسه، فضلاً عن مراوحة مشروع قانون حماية الصحفيين في مكانه منذ عام او يزيد عنه.
وفي ضوء هذا الشح في كل شيء، لم تتعامل الحكومات وبضمنها الحكومة الحالية مع الأعلام باعتباره قطاعاً مثل غيره من القطاعات الأخرى يحتاج
الى تنمية شاملة ومتوازنة في تقويم وتوفير مستلزمات نهوضه واستمراريته مع الحفاظ على استقلاليته ومهنيته، بل عدت ذلك بطراً ورفاهية زائدة،
دفعت الحكومة جزءاً كبيراً من مقومات نجاحها في بعض المراحل ثمناً لها، عندما عجز الإعلام العراقي لهذه الأسباب عن مجاراة الإعلام الخارجي
وهجمته الشرسة على التغيير في العراق فمتى تتعامل الحكومة مع الاعلام على انه احد روافد البناء الديمقراطي وليس متمما للديكور؟.
أقرأ ايضاً
- هل الحكومات مُلزَمة بتعيين كل الناس؟
- كاهل الشعب وأثقال الحكومات ..
- نظرية الامام الرضا عليه السلام للاعلام