- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
دراسة عن الموقف من البعث والبعثيين الجزء الاول
منطلق الدراسة :
خلال عشرات الحوارات واللقاءات التي تمت بين مسؤولي وممثلي ووسطاء وزارة الحوار الوطني والهيئة العليا للحوار والمصالحة الوطنية وبين قيادات وممثلي المجموعات المعارضة للحكومة , كانت واحدة من الملفات التي يتم طرحها وبحثها , ملف يتعلق :
- بحزب البعث الحاكم في العهد السابق .
- وبالبعثيين الذين عملوا في هذا الحزب وخاصة القيادات .
- وبهيئة اجتثاث البعث التي تم تأسيسها في بداية العهد الجديد .
- وبقاعدة النظام السابق وبرموزه .
وكانت تطرح وجهات نظر عديدة ومتنوعة ومتناقضة احيانا فيما يخص كيفية تعامل الحكومة العراقية الدستورية ومبادرة مشروع المصالحة الوطنية مع هذه المواضيع في ذلك الملف الهام والحساس .
يسعى هذا الملف الى بلورة مقترحات عملية في هذا المجال .
يتكون الملف واضافة للاسطر السابقة الذكر من :
اولاً – استعراض عام لتاريخ حزب البعث في العراق .
ثانياً – بحث كتبه الباحث والاعلامي العراقي المعروف محمد عبد الجبار الشبوط .
ثالثاً – استنتاجات واقتراحات عامة .
أستعراض عام موجز لتاريخ حزب البعث في العراق
- تم تأسيس حزب البعث في العراق عام 1948 أي في العهد الملكي في العراق .
- تم تاسيسه من قبل عراقيين درسوا في سوريا , حيث ان التاسيس الاول للبعث كان في سوريا , وبعد جمع خلايا حزبية انشأها ( ميشيل عفلق ) مع خلايا اخرى انشأها ( زكي الارسوزي ) المنظّر الحقيقي للبعث اضافة الى تنظيم اسّّّسه ( اكرم الحوراني ) وتكون الحزب كنتيجة لاجتماع هذه الخلايا والتشكيلات .
- خلال العهد الملكي استطاع الحزب بناء خلايا حزبية له في بعض مناطق العراق في الناصرية في الجنوب وفي بغداد ومن ثم في بعض مدن المنطقة الغربية .
- وكذلك استطاع الحزب كسب عدد من العسكريين العراقيين .
- بالرغم من الصراعات الموجودة بينه وبين القوى السياسية الاخرى , الاّ ان الحزب دخل( جبهة الاتحاد الوطني ) التي تكونت قبل انقلاب 14 تموز 1958 .
وشارك في الحكومة الجمهورية الاولى في عهد المرحوم عبد الكريم قاسم وذلك بشخص أمينه العام انذاك ( فؤاد الركابي – الذي قتله صدام في السبعينات ) الذي اصبح وزيراً .
- وبعد اشهر من الانقلاب العسكري في 1958 تفجّرت الصراعات بين حزب البعث ومعه المجموعات القومية من جهة وبين الزعيم عبد الكريم قاسم ومعه الشيوعيين والحركات الكردية من جهة اخرى .
- عام 1959 قامت مجموعة من البعثيين ( بضمنهم صدام ) بمحاولة لأغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم ولكنها لم تنجح , كما ساهموا وبدعم مصري ( في عهد جمال عبد الناصر ) في التمرد العسكري الذي قاده ( الشواف ) في الموصل ضد حكومة الزعيم قاسم .
- تمكن حزب البعث وبالتحالف مع بعض الشخصيات والقوى المدنية والعسكرية القومية من القيام بانقلاب عسكري ناجح ( في 14 رمضان 8 شباط 1963 ) وقاموا بقبل عبد الكريم قاسم والمقربين منه في مبنى الاذاعة وعرضوا أجسادهم المشوّهة بالرصاص والدماء على شاشات التلفزيون ونقلت فيما بعد العديد من التقارير والدراسات وجود دعم امريكي وبريطاني لهذا الانقلاب للوقوف اما النفوذ السوفيتي المتزايد في العراق .
- بعد أشهر من انقلاب شباط 1963 تفجرت الصراعات بين جناحين في حزب البعث يقود احد الجناحين قائد ما سُمي انذاك بالحرس القومي ( منذر الونداوي ) ومعه عدد من اعضاء القيادة القطرية .
- كما تفجّرت الصراعات بين البعثيين وبين القوميين الناصريين المدعومين من جمال عبد الناصر مما ادى الى نجاح عبد السلام عارف في تنفيذ انقلاب عسكري ضد البعثيين بعد تسعة اشهر من حكمهم الاول واستطاع جذب بعض العسكريين البعثيين الى صفه في الانقلاب الاخير .
- قام البعثيين بمحاولة انقلاب فاشلة ضد عبد السلام عارف عام 1964 , واخيراً بعد اربعة سنوات نجحوا في تدبير انقلاب عسكري ضد نظام عبد الرحمن عارف ( شقيق عبد السلام عارف الذي توفي في حادث سقوط طائرته عام 965 ) والذي تميزت فترة حكمه بالكثير من الحريات السياسية والاعلامية لمختلف القوى السياسية ) .
حيث نجح جناح البعث المؤيد لعفلق ( كان يسمى بجماعة القيادة القومية وكان يسميه المناوئون له بجماعة البعث اليميني او جماعة شركة النفط البريطانية ) بتاريخ 17 تموز 1968 من تنفيذ انقلاب عسكري مدعوم من مدنيين بعثيين وبالتواطؤ مع مسؤول الاستخبارات العسكرية عبد الـرزاق النايـف ( قـتـلتـه مخابـرات صـدام في السبعينـات في لندن ) ومع قائد الحرس الجمهـوري ( ابراهيم الداود ) في عهد عبد الرحمن عارف , حيث مكنوا الانقلابيين من دخول القصر الجمهوري , وفيما بعد أغتالت مجموعة صدام قارئ البيان الاول للانقلاب ( حردان عبد الغفار التكريتي ) في الكويت واغتالت كذلك ( ناصر الحاني ) الذي كان حلقة اتصال وتمويل بين المجموعة الانقلابية وبين سفارات غربية في بيروت .
بصورة عامة :
1- لم يُعرَف حزب البعث في العراق وهو خارج السلطة بكونه حزبا ذو قاعدة شعبية واسعة , وانما كان يضم اعداد محدودة موزعة في مناطق ذات توجهات قومية وعشائرية خاصة , ويقال بان عدد اعضائه عند قيامه بانقلاب 17 تموز 1968 لم يتجاوز العشرات ولذا لجأ الى التحالف مع مسؤول الاستخبارات العسكرية في عهد عارف وكذلك طلب دعم بعض الدوائر السياسية والامنية الغربية .
2- ولكن عندما يكون في السلطة يستخدم الحزب امكانات الدولة واجهزتها للضغط على المواطنين للانتماء بالترهيب والترغيب الى صفوف الحزب , حتى وصلت الحالة في الثمانينات في العراق , هو ان حصول العراقي على حقوق المواطنة يمر من خلال الانتماء الى حزب السلطة الذي هو حزب البعث .
ويتم فرض شراء كتب الحزب على الموظفين في دوائر الدولة عند استلامهم لرواتبهم .
3- من يدرس تاريخ البعث في العراق , يكتشف ان اهم الوسائل التي اعتمدها حزب البعث للوصول الى السلطة , ليست هي صناديق الانتخاب او الحركة الشعبية الواسعة او السبل الدستورية المعروفة وانما اهم وسائله هي الانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية وطلب الدعم من دوائر خارجية .
4- الامر الغريب الاخر هو ان المتابع لفترة حكم البعث الاخيرة ( 1968 - 2003 ) سوف يكتشف ان اغلب زعامات الحزب المدنية والعسكرية تم تصفيتها مباشرة او بطرق غير مباشرة من قبل صدام والمقربين اليه واكبر مجزرة نفذها صدام بحق رفاقه كانت مجزرة حدائق القصر الجمهوري في تموز 1979 عندما اراد احتلال الموقع الاول في الحزب والدولة والجيش بدلاً من احمد حسن البكر حيث قام بقتل حوالي ثلثي القيادة القطرية وعدد كبير من الوزراء البعثيين وعدد من القيادات العسكرية البعثية وعدد من اعضاء قيادة فرع بغداد وغيرهم .
5- تميزت فترة حكم حزب البعث بقيادة صدام : -
- بحملة واسعة لتصفية زعامات وكوادر وقواعد القوى الوطنية العراقية بمختلف توجهاتها الفكرية , وهو الامر الذي لم تشهد العهود السياسية السابقة ( 1920 – 1968 ) له مثيلاً .
- وبانتهاكات صارخة وواسعة لحقوق الانسان العراقي حتى بلغت عدد السجون المئات واعداد المعدومين رسميا مئات الالاف واعداد المفقودين مئات الالاف واعداد المهجرين والهاربين ثلاثة ملايين عراقي .
- وبشن حروب خارجية على بعض الدول المجاورة للعراق .
- وبتاجيج الصراعات العنصرية والطائفية والاجتماعية والسياسية بين ابناء المجتمع العراقي العريق , وهو ما نشاهد نتائجه ومضاعفاته الخطيرة هذه الايام .
- تدمير القدرة الاقتصادية للبلد من خلال الحروب وفتح الابواب واسعة امام التدخلات الخارجية التي وصلت ذروتها في الاجتياح العسكري الامريكي للعراق .
كما قام البعث بتخصيص 5 % من عائدات النفط لحساب امين الحزب انذاك ( صدام ) وهو ما ادى الى هدر المليارات من اموال الشعب العراقي .
بالطبع بعض البعثيين الذين اعتنقوا فكر حزب البعث ومن الذين ناضلوا في صفوفه ضد الاستعمار وناضلوا ايضاً ضد دكتاتورية صدام ودفعوا ثمناً باهضاً بسبب نضالهم ذاك وعملوا من اجل خدمة المبادئ والشعارات القومية التي رفعها الحزب للنهوض بواقع الامة العربية , لايعتبرون جناح صدام هو الممثل والوريث الحقيقي لحزب البعث الذي يعتبروه حزباً وطنياً وقومياً ساهم في صياغة نضالات الشعب العراقي لعقود من الزمن , ويرون كذلك ضرورة اعطاء فرصة عادلة لهم ليبرزوا الوجه الاخر لحزب البعث ... ذلك الوجه الذي لاتعتقد غالبية القوى الوطنية العراقية بوجوده اصلاً , لأن ممارسات صدام وأعوانه هي في الواقع نتاج الفكر البعثي الذي يصفه مناؤوه بالعنصرية والفاشية والتخلف .
يتبع ( الدراسة لها جزء 2)
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- الآثار المترتبة على العنف الاسري
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب