- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الفساد الإداري... وتأهيل الضمير
من المؤسف جدا أن يصنف العراق على أنه من الدول المتقدمة في الفساد الإداري فهذا البلد الذي أحتضن أعرق الحضارات وأقدس المقدسات لا يستحق هذا التوصيف الذي هو بالنتيجة يعطي انطباعا لباقي شعوب الأرض على انه بلد غير متحضر ولم يستفيد من حضارته أي شيء وأنا أؤممن ومعي الكثيرين إن ما يمر به البلد من حالات للفساد إنما هي نتيجة لسياسات قديمة فرضتها المراحل المتعاقبة لحكم العراق والتي أدت إلى تفشي ظاهرة البطالة وغياب العدالة في توزيع ثرواته واستحواذ المتنفذين على مفاصل الدولة مما جعل المواطن دائم الحاجة للمال لسد متطلبات الحياة ومن خلال استغلال المنصب الوظيفي.. فالحاجة وأحيانا عدم القناعة والجشع الزائد وكذلك ضعف الشعور الوطني يؤدي بالإنسان إلى سلوك طرق غير شريفة في الحصول على المال والمناصب التي تؤهله إلى أن يكون فاسدا ومفسدا في ذات الوقت..
وللأسف أيضا هناك ازدواجية في التصرف تلازم بعض الناس فهو من جهة أي الإنسان الفاسد تراه ملتزما نوعا ما من الناحية الأخلاقية والدينية ومن جهة أخرى لديه نزعة الفساد والاستحواذ على حقوق الآخرين، اعتقد أن الفاسد أداريا بحاجة إلى إعادة تأهيل الضمير لان الضمير هو الرقيب الأول في القضاء على هذه الظاهرة كما أن سلطة القانون وقوته من خلال تفعيل دور الجهات الرقابية المخلصة في ردع المفسدين يمكن أن يحد من هذه الظاهرة كما إننا بحاجة إلى توحيد الخطاب السياسي وتحشيد الاستهجان الشعبي لهذه الظاهرة من خلال تدخل السادة الأجلاء من علمائنا الأفاضل والتركيز على الرأي الديني الصريح الرافض أصلا لهكذا أمور.. وهنا اتسائل من منا يقبل أن تواجهه مشكلة أو معضلة أو استغلال في أي مكان سببها الفساد الإداري وليضع الفاسد ادريا نفسه مكان المواطن أيقبل أن يتعرض لجشع ما من موظف أو مسؤول في الدولة؟..
ومع التوجه الجديد في عراق التغيير لم تأخذ العقوبة أو الرادع حجمها الطبيعي في فضح الفاسد إداريا أمام الرأي فهناك تعامل حذر مع هذه الظاهرة التي تنخر بمفاصل الدولة والمجتمع كما أن عملية الإصلاح والتصحيح في مسارات الدولة الجديدة تحتاج إلى بعض الوقت لكي تتخلص من سيطرة أصحاب النزوات السلطوية والتي تستغل المنصب لمصالحها الشخصية والفئوية والجهوية.
وبالتالي أعتقد أن هناك توجهات حقيقية من المخلصين من رجال الدين والسياسيين والمثقفين في هذا البلد لتجاوز هذه المرحلة و أعادة الوعي الغائب لدى الأشخاص الذين دفعتهم رغباتهم إلى السير باتجاه تخريب بنية هذا الشعب المغلوب على أمره..
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- كيف حارب السنغافوريون الفساد؟
- استرداد العائدات المتحصلة من جرائم الفساد