من المعروف ان زيارة الأربعين من المناسبات الدينية المهمة في العراق . والتي تصادف يوم العشرون من شهر صفر من كل عام هجري . وتعني هذه الزيارة مرورا ربعين يوم على استشهاد الإمام الحسين ( ع ) وصحبة الإبرار. وفي نفس الوقت تجتمع الروايات والمصادر التاريخية والدينية على ان رؤوس الإل النبي الأطهار قد رجعت الى مثواها الأخير عند الأجساد الطاهرة بعد رحلة أربعين يوم من كربلاء الى الكوفة و الى الشام ومن ثم العودة الى كربلاء ، و إقامة مأتم الأربعين على الميت من الأمور العامة المعروفة شعبياً وعالمياً . ويقال ان هذه العادة جاءت في الأسطورة الفرعونية المسماة ( أوزوريس ) و أول من أقام هذا العرف هم الفراعنة فقد كانت عملية تحنيط الميت تنتهي خلال أربعين يوم . وكانت هذه العادة معروفة عند العرب في العصر الجاهلي والإسلام أكد على هذه العادة ، إما إحياء أربعينية الإمام الحسين ( ع ) فهي من نوع خاص لأنها من علامات المؤمن وفق ماجاء في إحدى أحاديث الإمام الصادق ( ع ) حيث جعل زيارة الإمام الحسين في يوم الأربعين من علامات المؤمن المخلص .
ولذلك فان العراقيون يحيون أربعينية الإمام الحسين في كل عام لما فيها من أهمية كبيرة وثواب عظيم .
والمتتبع لهذه الزيارة على ارض الواقع في مدينة كربلاء سيلاحظ ان هناك فرق كبير بين المراسيم التي كانت تقام في زمن النظام السابق ، وبين المراسيم المقامة بعد سقوط الصنم ، ففي زمن النظام كانت الزيارة الأربعينية تستمر لثلاثة أيام فقط ومراسيم الزيارة عند الناس كانت بشكل خجول ومرتبك ، إما ألان فان زيارة الاربيعين تستمر خمسة عشر يوم في مدينة كربلاء مما يجعل الأجهزة الأمنية في إرباك ملحوظ وإغلاق تام للمدينة ، إما الهيئات المواكب الحسينية فإنها تجعل من الشوارع العامة والفرعية مقر لها فتنصب خيامها ( الجوادر ) وتقيم العزاء بكل انواعة ، وتظل إعداد الزوار تتوافد باستمرار طوال الخمسة عشر يوما وتبلغ ذروتها في الثلاثة أيام الأخيرة أي من يوم 18 ، 19 ، 20 .
ومن مراسيم العزاء اللطم والزنجيل و إقامة المجالس الحسينية و التشابهية و هي تمثيل واقعة رجوع السبايا على ارض الواقع وبشكل مسرحي وبدون مخرج مسرحي .
واما مايميز زيارة الأربعين في كل عام وعلى الصعيد الوطني هو وجود المزيج العراقي بكل الوانة واطيافة فقد تجتمع كل المحافظات العراقية بمدنها و اقظيتها ونواحيها ، وكذلك تجتمع اغلب العشائر العراقية حيث تنزل كل عشيرة على شكل مسيرة راجلة وتتوجه الى صحن الإمام الحسين ، وأيضا تجتمع طوائف العراق في ان واحد ويوحدها حب الحسين فترى الشيعة والسنة والأكراد والتركمان والمسيح ، واكثرما يميز هذه الزيارة هو توافد الزوار العرب والأجانب من البحرين والإحساء والقطيف والإمارات والباكستان والهند وإيران وغيرهم ، وبذلك تصبح مدينة كربلاء باقة ورد تجمع كل العراق وكل الطوائف والعشائر والدول الإسلامية ، هؤلاء لم يجمعهم عرق أو تعصب أو حزب أو شخصية سياسية أو مرشح انتخابي إنما جمعهم حب الحسين وحب النبي ( ص ) وانتصاره على أعداء الدين .
وإذا كانت هناك أمور سلبية قد حصلت فهي حالات خاصة تعبر عن وجهة فعل أصحابها ، وعلى العموم فان هذه الزيارة مليونية وحسب اخرالاحصائيات الرسمية فان عدد الزوار قد وصل من تسعة ملايين الى احد عشر مليون زائر ،
ولكن هناك ملاحظات مهمة يجب توضيحها :
1 ـ لما يحاول بعض السياسيين إظهار أنفسهم على الساحة ومشاركة الزوار في المشي المرثوني .
2 ـ لم نر أي مسؤل محلي يدير هذه الزيارة ميدانيا وخصوصا الذين خسروا الانتخابات .
3 ـ الخطة الأمنية كانت مرتبكة وغير منظمة لحين وقوع التفجير الانتحاري فنظمت بإحكام.
4 ـ عدم توفير وسائط نقل كافية لعودة الزوار الى ديارهم مما جعل العشرات من الزوار ينتظرون الحافلات للرجوع الى مدنهم .
على العموم ان زيارة الأربعين هي تمثل عراق مصغر ، في مكان واحد وزمان محدد .
وتتجسد شامخة في مدينة كربلاء مدينة الحسين .
إما لسان حال الزوار فكان يردد على الدوام :
قم جدد الحزن في العشرين من صفر
ففيه ردت رؤوس الإل للحفر