- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أعداء العلم دمروا التراث البشري
قبل أيام قليلة ذهبت إلى العاصمة الحبيبة بغداد للنزهة والتجوال ، وأوصلتني قدماي إلى المكتبة المركزية العامة في بغداد و التي تقع في ساحة الميدان ، وهنا استرجعت الذاكرة الى الوراء . فقد زرت هذه المكتبة عام 2002 مرتين وزرتها أيضا قبل سقوط النظام السابق بأشهر، فقد كنت اعد بحث التخرج من الجامعة وكان مطلوب مني 30 مصدر تاريخيا فاطلعت على هذه المصادر جميعها في هذه المكتبة التي فيها ألاف الكتب من مختلف العلوم والآداب أنها كانت تحوي ارث بشري لكل الحضارات والشعوب والمولفات النادرة ، وتذكرت أيضا كيف رأينا هذه المكتبة تحترق من خلال شاشات الفضائيات وتتحول هذه الكتب والإرث البشري إلى رماد ورذاذ في دقائق إمام أنضار العالم اجمع والأمريكان الذين كانوا في مكان الحادث مع دباباتهم لم يحركوا ساكنا ..
هل ياترى كان الحريق مقصودا من قبل الأمريكان أم أنة كان عبثا من قبل السراق والمخربين والعابثين من أعداء العلم والمعرفة ..
مثلما هناك محبين لللادب والفنون والثقافة هناك من يكره الأدب والثقافة من الجهال والسفهاء ويحاربوها
وهؤلاء موجودون في كل العصور والأزمان، ولذلك فان حريق مكتبة بغداد المركزية لم يكن غريبا عن التاريخ أو بعيدا عنها..
ففي العراق القديم اشتهرت مكتبة اشوربانيبال الملك الأشوري وهي مكتبة ضخمة كانت في قصره في نينوى وضمت العديد من الألواح والرقم الطينية المتعلقة الأدب والافنون والنصوص الدينية وغيرها ولأكن بعد سقوط الإمبراطورية الأشورية عام 612 ق.م أضرمت النار في نينوى ونهبت هذه المكتبة ودمرت وسرقت محتوياتها..
وفي مصر القديمة اشتهرت مكتبة الإسكندرية الكبيرة التي كانت تزخر بالمخطوطات والبرديات الخاصة بالحضارات القديمة ، حيث تم حرقها عام 47 ق.م إثناء ثورة الشعب بالإسكندرية على يوليوس قيصر حيث دخل المكتبة وتحصن فيها فقام الثوار بحصارها وحرقها وهو بداخلها ويقال أيضا إن قيصر هو الذي حرقها ليشغل الناس بها ويهرب بنفسه ..
وعندما فتح العرب مصر عام 639 م قام البيزنطينيون بتدمير مكتبة الإسكندرية وحرقها للمرة الثانية بعد ان عمرت بعد حرقها الأول و كانت تزخر هاذ المرة بالكتب الدينية المسيحية وكتب اللغويات
وإما في الحضارة الصينية القديمة فكانت هناك عدد من المكتبات الضخمة في المدن الصينية لكن الإمبراطور الصيني تسن تشى هوانج 246 _ 209 ق.م أمر بجمع كل كتب العلوم والفنون والأدب والتاريخ وأمر بحرقها جميعا واضاع بذلك التراث الحضاري الصيني ..
وفي الغزو المغولي لبغداد عام 1258 م قام المغول بحرق المكتبات ورمي الكتب في نهر دجلة
واما الامريكان فاحرقوا المكتبة المركزية في بغداد وهربوا ما فيها من كتب اثرية الى امريكا ،
ولم تنتهي عقدة الكتب فقد قام الإرهابيون بتفجير شارع المتنبي في بغداد وأيضا احترقت الكتب والمكتبات في هذا الشارع ..
هنا اتسائل بعد هذا العرض التاريخي : لماذا هذه الحرب العشواء للكتاب والكتاب من قبل أعداء العلم الذين مازالوا يدمرون التراث البشري منذ أقدم العصور وحتى يومنا هذا .....
حسن الوزني
أقرأ ايضاً
- العلم للجميع ولكن بشرط
- الفساد العلمي بوابة تحول المعرفة إلى سلاح في يد الفاسدين
- البحث العلمي لمكافحة التصحّر في العراق: ضرورة ملحة لمواجهة التحديات البيئية