لا اعرف اوطانا ابتلت شعوبها بحكامها كما ابتلي الشعب العربي بهذه الافة التي اكلت الاخضر واليابس من حقوق وحريات هذا الشعب الذي يتربع على ارث حضاري يمتد لالاف السنين فمن هذه الارض انطلقت ابجدية التحضر بما تعني .
هذه الكلمة من معنى، من هنا خط اول حرف ودونت القوانين وظهرت المباني وانتشرت المدن ، من هذه الارض انطلق انبياء الله يدعون الى الحق والعدل والحرية، فيها السومريون والاراميون والفينيقيون والمصريون القدماء الذين اذهلوا العالم المتحضر في الوقت الحاضر بانجازتهم الحضارية الرائعة التي تعتبر سرا من الاسرار التي لم يضاهيها اي شعب على هذه البسيطة، هذا الشعب الذي احبه الله بهذه العبقرية الفذة التي توجت بظهور الاسلام ليحمل مشعل التوحيد الى مشارق الارض ومغاربها، هذا الشعب انطفأ مشعله الحضاري ليعيش في دوامات الانظمة الدكتاتورية ويرجع الى المربع الاول، قبائل متصارعة تحكمها مشايخ مزمنة ادمنت الجلوس على كرسي الرئاسة ، كل امم الارض توحدت ولملمت شعثها واتجهت نحو التطور والرقي الا امة العرب فشكرا لقادتنا و شكرا لهم اضاعوا فلسطين بعنترياتهم الفارغة . منذ بداية التنافس الاستعماري على الوطن العربي ومحاولة الدول الاستعمارية الحصول على المستعمرات بحثا عن الاسواق والمواد الاولية للانتاج الصناعي الهائل الذي اعقب الثورة الصناعية في اوروبا كانت مصر من ضمن الاقطار التي تعرضت للغزو الفرنسي عام 1798ونقرأ في تاريخنا اننا كعرب ومسلمين قاومنا هذا الاحتلال وساعدت ثوراتنا في فشل الغزو وانسحاب الفرنسيين مدحورين الا اننا نقرأ كذلك ان لهذا الغزو فوائد مهمة كانت اساسا لنهضة مصر المبكرة ومن ضمن هذه الفوائد وصول المطابع الى مصر وظهور الصحف والمجلات والكتب واتصال المصريين بالحضارة الاوروبية المتطورة في ذلك الوقت عن طريق البعثات التي ارسلت الى فرنسا على يد محمد علي باشا وظهور الاف مؤلفة من العباقرة والمبدعين في الفكر والشعر والفن والثقافة واصبحت المقولة المشهورة متداولة بين المثقفين ((ان مصر تؤلف وبيروت تطبع والعراق يقرأ)) الا ان كل هذه الجمهرة من المثقفين والفنانين والشعراء واصحاب الفكر لم تستطع ان تقنع دكتاتورا واحدا في وطننا العربي بترك كرسي الحكم بطريقة حضارية ليقرر هذا الشعب كبقية شعوب الارض في اختيار نظامه السياسي بحرية ودون انقلابات عسكرية توصل الحاكم الى السلطة وكانت النتيجة الحتمية لاي حكم دكتاتوري ان تكون نهايته اما بثورة شعبية دموية او بتدخل قوى اجنبية تطيح بالحاكم كما حدث في العراق... فشكرا لهم حين يمنحون المكارم السخية لانهم يملكوننا شكرا لهم ، بالامس اعتقل الصحفي المصري ابراهيم عيسى لانه اعتقد ان صحة الرئيس ليس على ما يرام وهذه الجريمة التي ارتكبها هذا الصحفي تستحق الموت ولكن حكمة الرئيس وعطفه الابوي تحولت الى السجن لمدة سنة واحدة ومكرمة من الرئيس لم يمض هذا الصحفي المتمرد سوى اشهر معدودات في السجن ليطلق سراحه مع جرة اذن بعدم تكرار مثل تلك التكهنات ، حلم احد العراقيين يوما انه في الحلم قام بانقلاب على الرئيس السابق صدام حسين واصبح رئيسا للجمهورية وعين وزراء من اصدقائه وعندما قص حلمه على جماعته في المقهى وبما ان رجال الامن الشجعان في كل ارض وفي كل مكان اقتيد هذا المسكين الى الامن ولم يسلم حتى اصدقاؤه الذين عينهم في الحلم، وزراء ايضا اقتادوهم الامن واحدا واحدا ولكن هذا العراقي الحالم لم ينل مكرمة الرئيس كما نالها الصحفي المصري ابراهيم عيسى والله اعلم ماذا حدث لهذا المواطن المسكين (( ومن ها المال حمل جمال )) كما يقول المثل العراقي..... فيا اخوتي صحفيو مصر سبحوا بحمد الرئيس وشكره على هذه المكارم السخية واياكم والتطاول على اولي الامر منكم حتى ولو كانوا فراعنة متجبرين لان ذلك معصية لله ، في اي زمان نعيش وفي اي مكان هل نحن على كوكب الارض ام في كوكب اخر هل نحن في الالفية الثالثة ام في القرون السحيقة الماضية، عصر الجواري والغلمان والسلاطين
أقرأ ايضاً
- الدكتاتورية من قبل.. ومن بعد
- تجريم زمن الدكتاتورية واجب جميع العراقيين
- بين الدولة العميقة والدولة العقيمة