من باب ولا تبخسوا الناس أشياءهم، فإن بلدية كربلاء ومجلس المحافظة فيها قاموا مشكورين بتنفيذ العديد من مشاريع التنمية والإعمار بيد أنها بالأعم الأغلب إما تسير ببطيء أو تبقى الشوارع مليئة بـ (الطسات) والأتربة بعد مد أنابيب المجاري فيها مما يسبب إنهاكا للمواطن الكربلائي والزائر على حد سواء، ويبقى الأمل يحدونا للأخذ بيد مدينة كربلاء المقدسة وإيصالها إلى مصاف المدن المتحضرة لما تحتله من مكانة دينية وسياحية مرموقة بين مدن العالم.
وعودا على بدء قامت بلدية كربلاء وأثناء حفرها للمجاري بخلق مجموعة متنوعة من (الطسات) في العديد من شوارع كربلاء المقدسة، حيث لا يخلو شارع من (طسة) أو شق على طوله حتى قرب ضريح الامام الحسين (ع) وأخيه أبي الفضل العباس (ع) بحجة أنها تقوم بمد شبكة مجاري عملاقة، ولا نعرف متى تنتهي هذه المجاري التي ما أن تكتمل حتى تصاب بالانسداد بعد أيام! أو كما يقول البعض تصاب بالزكام وتبقى الشوارع على ما هي عليه (متروسة تراب) حتى بعد إكمال المجاري وعلى المتضرر أن يعتصم بالصبر والحلم عسى أن تنكشف هذه الغمة عن هذه الأمة.
وهناك أمر جدير بالملاحظة وهو انه بعد حفر أي شارع عادة يتم تبليطه بمادة الاسفلت بعناية حتى وكأنه لم يحفر، هكذا تتم العملية عادة في معظم دول العالم ومنها دول الجوار، إلا أن بلدية كربلاء ابتكرت امرا جديدا ألا وهو بعد حفر الشارع ومد الأنابيب تترك على حالها ليتشبع المواطن من الأتربة المثارة من قبل المارة والسيارات التي هي بدورها تأخذ نصيبها بـ (الطسات) التي تخلفها تلك الحفر، أما الحفر المقامة قرب الضريحين المباركين وما حولهما، فإن قسم المشاريع الفنية في العتبتين هو الذي قام بتبليطها بمادة الإسمنت وإلا بقيت كما هي في الكثير من الأحياء والمناطق في المدينة من دون معالجة.
وبلا أدنى شك أن جميع المواطنين في كربلاء وبالأخص من لديهم سيارات يسبحون بكرة وعشية باسم البلدية ويدعون بحرارة للمسؤولين فيها، ويتمنون أن يستند عملهم إلى:
أولا: إرسال بعض الكوادر في الدوائر الخدمية إلى دول الجوار لأخذ دورات في تصميم المدن وجماليتها.
ثانيا: أن تناط هيئة الإعمار في المحافظة إلى متخصصين تكنوقراط بعيدين كل البعد عن المحاصصة الحزبية والفئوية، وأن يكون تحركها مطابقا للمهنية ومحاكيا لمتطلبات الواقع.
ثالثا: تشديد الرقابة على الشركات العاملة المحلية والأجنبية لتسريع انجاز المشاريع وتشذيبها من كل ما يشوبها من روتين إداري وفساد مالي.
رابعا: إحالة المتلاعبين بالمال العام والمخلين بشرائط العقود، أعم من الأشخاص أو الشركات إلى المحاكم لينالوا جزاءهم العادل لاسيما أولئك الذين يستلمون الأتوات ضمن المشاريع المحالة.
خامسا: محاربة الإرهاب بكافة أشكاله والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه العبث بالممتلكات والمقدرات والمقدسات كائنا من يكون، وبدون الأمن فإن الإعمار يكون بمثابة خرط القتاد.
وبتحقيق هذه النقاط وغيرها نكون قد خطونا الخطوة الصحيحة الأولى في طريق البناء الشائك، الذي يتطلب من المواطنين والمسؤولين تكثيف الجهود لإذلال العقبات والمضي قدما لتحقيق مدينة نظيفة وجميلة بمناظرها الخلابة ومرافقها الحضارية المتطورة، والذي يدمي القلوب ويغيظ الصدور أن يرى الإنسان مدينة كربلاء المقدسة وهي متروكة مهمشة تتلكأ فيها المشاريع العمرانية وتسير فيها ببطء ولا بطأ السلحفاة، وحتى المشاريع المقامة ولاسيما في حقل المجاري فإن الحفريات تبقى على حالها لأشهر مديدة من دون معالجة ما يجعل المواطن المسكين جوفه يمتلئ بالأتربة المثارة من حفريات المجاري، وكأنما يماحك بعض المسؤولين ما أورده الشاعر فيما يخص زوار الإمام الحسين (ع) من ثواب: فإن النار ليس تمس جسما*** عليه غبار زوار الحسين، فإن لسان حالهم لكي يتطابق الظاهر بالباطن: فإن النار ليس تمس جسما*** تشبع جوفه ترب المجاري!!!.