- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحسين (ع) وروعة التصرف بما منحه الله عز وجل
كيف ابتدأ الكلام عن حديث للامام الحسين (ع) قاله بعد مصيبة المت به الا انه وقف وقفة متجلد وكانه غير ابه لهذه المصيبة الا ان في داخله حزن والم ولكن ما اراد له ان يظهره فقال حديثه هذا والذي كتبت عنه كل كتب الاخلاق والوعظ لاظهار الجوانب الخلقية من حياة الامام الحسين عليه السلام حتى نتعظ ونتعلم فقد اسهبوا واطنبوا .
الرواية من كتاب الخوارزمي المعنون مقتل الامام الحسين عليه السلام ج1ص147 يقول الخوارزمي ( قال الشافعي مات ابن للحسين عليه السلام فلم ير عليه كآبة فعوتب في ذلك فقال (ع) : إنا اهل بيت نسال الله فيعطينا فاذا اراد مانكره فيما نحب رضينا ) وطالما انها في المقتل هذه الرواية اذا الابن الشهيد هو طفله الرضيع عليه السلام الذي نحره اللعين حرملة.
اغلب الكتب التي ذكرت الحديث عقبت على الحديث من الجانب الخلقي للامام الحسين عليه السلام منها مثلا ( علموا اولادكم حب ال البيت (ع) للدكتور محمد عبده يماني ـ بلاغة الحسين (ع) ج1 للسيد الموسوي )وغيرها الكثير من الكتب .
بعد التفكر والتاني في مضمون حديث الحسين (ع) فاني وجدت ان له افق وابعاد واسعة نستخلصها من هذه الكلمات البسيطة والعميقة والتي يتضح منها ماهية الدرجة والمنزلة التي هم عليها اهل البيت (ع) عند الله عز وجل ، تاملوا .
ابتدأ حديثه (ع ) بعبارة ـ إنا اهل بيت ـ واهل البيت طبقا للايات القرانية والاحاديث النبوية هم الائمة المعصومين الذين اوجب الله عز وجل علينا طاعتهم وهذا يعني كل الاستنتاجات والمدلولات التي تترتب على الحديث هي نفسها تترتب على الائمة المعصومين (ع) .
في رواية اخرى للامام الصادق عليه السلام هي على نفس المنوال وقالها لنفس الحدث حيث يقول (ع) ( إنا قوم نسال الله ما نحب فيمن نحب فيعطينا فاذا انزل مانكره في من نحب رضينا ـ مستدرك الوسائل للطبرسي ج2 ص458 )
وعبارة نسال الله عبارة عظيمة والله عز وجل هو العظيم والاعظم فانها تدل هذه العبارة على ان كل ما اوتي الائمة (ع) من علوم واستجابة دعاء هي بامر الله عز وجل وليس بامرهم وهذا رد على المغاليين والمدعين الوهية الامام علي (ع) .
هنا الوقفة الطويلة لكلمة ـ فيعطينا ـ والتي تستحق البحث والاجابة عن اسئلة تاتي من خلال البحث ولطالما ان مجال الكتابة هنا ضمن مقال لايمكن لنا التطويل ولكن ساركز على الزبدة مما ابغيه .
كلمة فيعطينا معناها انهم اذا سالوا الله عز وجل امر معين يتم لهم ذلك من غير الرد والادلة على الادعية المستجابة كثيرة منها لاهل بيته واصحابه وتكون الاستجابة اخروية اكثر مما هي دنيوية ومنها على سبيل المثال لا الحصر دعاؤه لأبى ثمامة الصائدى قال أبوثمامة للحسين: يا أبا عبداللّه، نفسى لك الفداء! إنّى أرى هؤلاء قد اقتربوا منك، واللّه لا تُقتل حتّى أُقتل دونك إن شاءاللّه، وأحبّ أن ألقى ربّى وقد صلّيت هذه الصلاة التى دنا وقتها فرفع الحسين (ع) رأسه، ثمّ قال:«ذكرت الصلاة، جعلك اللّه من المصلّين الذاكرين».
دعاؤه لحبيب بن مظاهر. لمّا برز حبيب فى ساحة القتال، لم يزل يقاتل حتّى قتل منهم خلقا كثيرا، ثمّ قال الحسين(ع): «يرحمك اللّه يا حبيب، لقد كنت تختم القرآن فى ليلة واحدة وأنت فاضل».
هنا المهم في صنف ادعية الامام الحسين عليه السلام على اعدائه التي تتحقق دنيويا واخرويا ومنها على السبيل المثال لا الحصر دعاؤه على عبداللّه بن حصين، عندما قال بأعلى صوته: ياحسين، ألا تنظر إلى الماء كأنّه كبدالسماء! واللّه لاتذوق منه قطرة حتى تموت عطشا. فقال الحسين:«اللهمّ اقتله عطشا، ولا تغفرله أبدا» فكان بعد ذلك يشرب الماء ولا يروى حتّى سقى بطنه فمات عطشا.
دعاؤه عليه السلام على مالك بن حوزة قال ابن اعثم:حيث وقف عند الخندق وجعل ينادى: أبشر ياحسين، فقد تلفحك النار فى الدنيا قبل الآخرة! فقال له الحسين (ع): كذبت ياعدّوالله، إنّى قادم على ربّ رحيم وشفيع مطاع، وذلك جدّى رسول اللّه (ص) ثم قال الحسين: من هذا الرجل؟ فقالوا: هذا مالك بن حوزة فقال الحسين (ع): «اللّهم حُزه إلى النار، و أذقه حرّها فى الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة». قال فلم يكن بأسرع أن شبت به الفرس فألقته فى النار، فاحترق قال: فخرّالحسين للّه ساجدا مطيعا، ثم رفع رأسه وقال: يالها من دعوة ماكان أسرع إجابتها! قال: ثم رفع الحسين (ع) صوته ونادى:«اللهمّ إنّا أهل بيت نبيّك و ذريته وقرابته، فاقصم من ظلمناوغصبنا حقّنا، إنّك سميع مجيب» هذه العبارة الاخيرة تستحق وقفة لشرح ابعادها لطواغيت الارض الان ومستقبلا .
دققوا تمعنوا تاملوا في هذه المثالين لدعاء الامام الحسين (ع) واستجابة الدعاء السريع له من قبل الله عز وجل .
اضف الى ذلك وكم من عين ماء تفجرت استجابة لدعائه وكم من شجرة اثمرت وكم وكم ، وهنا لعل السائل يسال اذن لماذا لم يدعو الحسين (ع) يوم الطف على اعدائه او تفجير الماء لاصحابه ؟ هنا وقفة تامل دقيقة ولكني ساستعين بمثل ومن ثم التوضيح .
لو كان هنالك ثلاثة اغنياء فالاول يصرف ماله متى شاء واينما شاء والثاني بخيل جدا لا يصرف منه شيئا والثالث يصرف باتزان ولايبذر ويتصدق بالمعقول والحق فايهما الافضل ؟ بلا شك الشخص الثالث .
اذن ما منحهم الله عز وجل لاهل البيت (ع) هو الكثير الكثير وازدادت منزلتهم عندما لم يسرفوا في الدعاء والطلب خوفا من غضب الله عز وجل والذي نتيجته سلب هذه النعمة وكذلك حتى لايغالي الناس بهم وللتوضيح اتيكم بشاهد من التاريخ .
قصة بلعم بن باعوراء الذي كان عنده اسم الله الاعظم وكل دعواته مستجابة الا انه اساء استخدام ما منحه الله عز وجل فاراد استخدام المنحة في الدعاء على نبي الله موسى عليه السلام فانعكس دعائه عليه وذلك لسوء تصرفه بما منحه الله عز وجل (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) ـ سورة الأعراف: 175 ـ انظرالقصة في بحار الأنوار: ج13 ص373-374 ب12 ضمن ح19.
والشاهد الاخر الذي اساء استخدام علمه هو الزهيري الذي لطالما وبخه الامام السجاد عليه السلام على ما يفعل مع حكام بني امية وسوء استخدامه لعلمه .
اما لو افرط في الدعاء فان النتائج ستكون سلبية كما هو عليه الحال للطائفة التي ادعت الوهية الامام علي (ع) نتيجة لما راته من استجابة دعاء واحد او اثنين سريعة ، فكيف هو الحال لو دائما يدعو الامام فيستجاب له ؟
فلو الامام الحسين عليه السلام دعا الله عز وجل لكل امر سوء ،ألَمَ به ما كانت والعياذ بالله وحاشا الحسين (ع) له هذه المنزلة العظيمة وهذا الذكر الرائع لواقعة الطف على مر التاريخ .
فاحدى المزايا الرائعة التي يتميز بها اهل البيت دون سائر الخلق هو الاتزان والحكمة في استخدام ما منحهم الله عز وجل من علوم ومكانة لم يمنحها لاحد غيرهم .
هنا ياتينا موضوع جانبي وهو علوم اهل البيت وحث اهل البيت على تعلم العلوم وجعل تعليم العلوم زكاة لمن لا يعلمه ( زكاة العلم تعليمه من لايعلمه ـ عن رسول الله (ص) ) فالعمل كالمال الذي عليه الزكاة فان الزكاة هي جزء من المال تعطى لمستحقيها من المحتاجين والفقراء والعلم كذلك هو جزء من المال يعطى للجاهل وطالب العلم بالقدر الذي يسد حاجته واذا كان المرء على درجة عالية من التقوى والورع فان درجته العلمية تزداد كما ازدادت درجة الايمان والورع كما هو عليه الحال لسلمان وابي ذروميثم التمار الذي اوتي علم المنايا والبلايا رضوان الله تعالى عليهم .
هنا اشارة الى كتاب ( مدينة المعاجز للسيد هاشم البحراني ) فاني اعتقد ان كل من يكون قلبه وعقله وصدره مفعم بحب اهل البيت (ع) وانه لاتراوده الشكوك فيما صدر وبدر منهم والاهم يستطيع الدفاع والنقاش عن مكانة اهل البيت (ع) يستطيع قراءة هذا الكتاب ، اما حب اهل البيت قلبا لا عقلا فانه سيوقع هذا المحب في اشكال كما وانه سيكون في حرج اذا ما ذكر احدى معاجز الائمة (ع) امام من يتمتع بعقلية علمية .
بعض المعاجز التي ذكرت في الكتاب قد لا تتوفر فيها صحة السند والمتن ولكن ليس كلها فالاغلب فيها صحيح .
أقرأ ايضاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- دور الاسرة في تعزيز الوعي بالقانون عند افرادها
- الرسول الاعظم(صل الله عليه وآله وسلم) ما بين الاستشهاد والولادة / 2