- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الأحزاب الإسلامية وتخلية ممتلكات الدولة بين الوازع الديني وقوة السلاح
في الوقت الذي تؤكد فيه المرجعية الدينية العليا على عدم مشروعية التجاوز والتعدي على ممتلكات الدولة وأراضيها من قبل أي مواطن أو أي جهة وقد بيّنت ذلك من خلال الأجوبة على الاستفتاءات التالية:
1- هناك قطع كبيرة من الأراضي في كثير من الأحياء السكنية لم يتم توزيعها على المواطنين وتركت من قبل البلدية لجعلها حدائق أو ساحات أو مدارس ونحو ذلك من المرافق الضرورية للأحياء السكنية ولكن في الفترة الأخيرة قام البعض بتقسيمها وبنائها بيوتا سكنية فهل يجوز ذلك؟
الجواب: هذه القطع تعد من حريم المناطق السكنية ولا يجوز التصرف فيها بما ذكر.
2- يقوم البعض بتوزيع قطع الأراضي الموات على الناس لبنائها بيوتا لهم ويدعي بعض المتصدين للتوزيع أن لديه الإذن من سماحة السيد السيستاني فهل هذا صحيح؟
الجواب: هذا غير صحيح، ولا إذن بإحياء الأراضي الموات من دون استحصال الموافقات الرسمية.
3- يقوم بعض أئمة المساجد ببيع ما تجمع لديهم من المسروقات من الدوائر الحكومية ويدعون أن لديهم الإجازة في ذلك من قبل الحوزة العلمية فهل أذن سماحة السيد في بيعها؟
الجواب: لم يأذن مد ظله في ذلك، بل لابد من حفظ ما يتسنى حفظه وإرجاعه إلى الجهة ذات الصلاحية في الوقت المناسب.
4- تقوم بعض العوائل الفقيرة بالاستيلاء على البنايات الحكومية الفارغة وجعلها مساكن لهم فهل أذن لهم سماحة السيد بذلك؟
الجواب: لم يأذن مد ظله في ذلك.
5- يقوم بعض الناس باستخدام بعض الممتلكات المسروقة من الدوائر الحكومية كمولدات الكهرباء والسيارات في إطار الخدمة العامة فهل يجوز لهم التصدي لذلك كتصرف شخصي؟
الجواب: لا يجوز، والله العالم.
6- قام بعض ضعفاء النفوس بالاستحواذ على الممتلكات العامة من المستشفيات والجامعات والدوائر الحكومية مستغلين غياب السلطة والانفلات الأمني، فما حكم ذلك؟
الجواب: لا بد من الحفاظ عليها، ويرجح أن يكون ذلك بجمعها في مكان واحد بإشراف لجنة مختارة من أهالي المنطقة لكي يتسنى تسليمها إلى الجهات ذات الصلاحية لاحقا.
كلامنا هنا يدور حول محورين الأول: الأحزاب والتيارات والكتل السياسية ومنظمات المجتمع المدني، الثاني: المواطنون الذين قطنوا تلك الممتلكات بصفة فردية أو جماعية أو عشائرية.
أما الأحزاب والتكتلات فهي تنقسم بدورها إلى دينية ولا دينية، والثانية لا يعنينا الكلام معها إذ أنها تنصاع إلى قوانين الدولة فيما إذا كانت قوية تبسط سلطتها على الجميع من دون محاباة لفئة على حساب فئة أخرى، وكلامنا ينصب على الأحزاب الدينية التي من المفترض أن تتعامل مع الواقع الخارجي بما يتلائم مع ثوابت الشرع المقدس خصوصا تلك التي تنسب نفسها إلى المرجعية العليا في التقليد وإلا انسلخت عن كونها دينية، والسؤال الموجه لها إذا كانت تدري بعدم مشروعية استخدام الأبنية والأجهزة الحكومية لأغراض حزبية فتلك مصيبة وإن كانت لا تدري فالمصيبة أعظم.
فإنها مطالبة وفي كافة محافظات العراق بإخلاء جميع المباني الحكومية وتحويل جميع المعدات والأجهزة الرسمية التي كانت تستخدمها في السابق إلى الدوائر الرسمية، مع ضمان ما تلف منها في الاستخدامات الخاصة، ولتعلم أن سماحة السيد المرجع الأعلى يؤكد دائما على ضرورة حفظ النظام والقانون وتقوية الجهات ذات الصلاحية الرسمية التي تحافظ على الممتلكات العامة، وهي تابعة لعموم المواطنين والتصرف بها من غير علم موكلهم وهي (الحكومة الشرعية المنتخبة) هو بمثابة السرقة من حوالي (30) مليون مواطن عراقي، وهي من أشد أنواع السرقات والسحت الحرام، وعتبنا على الأحزاب الإسلامية كان من المؤمل أنها لو أقدمت على تخلية الممتلكات العامة قبل عملية البصرة وإجبارها على التخلية بقوة السلاح؟! وهي مطالبة حاليا بتخلية المباني في المحافظات الأخرى بالوازع الديني وليس بانتظار أمر الحكومة المركزية أو المحلية في ذلك!
أما المحور الثاني وهو يشمل المواطنين وهو بدوره ينقسم إلى مضطرين وهم الأكثرية إذ لابد للحكومة من توفير البديل المناسب لهم بمنحهم أراضي وتسليفهم للبناء أو توفير شقق سكنية وتوزيعها عليهم بأسعار التكلفة وبأقساط متباعدة، وطماعين وهم الأقلية إذ لابد أن تتخذ بحقهم الإجراءات القانونية لاستحواذهم على ممتلكات الدولة من دون مسوغ شرعي أو أخلاقي وكذلك مزاحمة المضطرين في حقوقهم المشروعة.
التجاوز والطرق الموضوعية للعلاج مسألة في غاية الأهمية وهي التعرض إلى كيفية معالجة مشكلة المتجاوزين من المواطنين في جميع مدن العراق ... ولكن في نفس الوقت ملاحظة الواقع المأساوي للكثير من العوائل نتيجة الغلاء في بدلات الإيجار والغلاء في المعيشة والتزايد المستمر للعوائل التي فيها الأرامل واليتامى وكبار السن الذين لا يملكون أدنى مستلزمات السكن ونحو ذلك أو الفقراء الذين لا يكفي موردهم إلا للأكل والدواء.
الكثير من هذه الشرائح المحرومة هي التي أضطرت لأن تتخذ مسكنا في أرض متجاوز عليها، كيف إذن يمكن أن يتصور حالها إن هدمت عليها دور التجاوز وتركوا في العراء لا أحد يأويهم من حرارة الصيف وبرد الشتاء وقساوة الظروف؟!!!
أقرأ ايضاً
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- إضحك مع الدولة العميقة
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود