بعد النجاح الذي حققته خطة فرض القانون والذي انعكس بدوره على الوضع الأمني في العاصمة بغداد وبعض المناطق الساخنة، وان ذلك لم يأت من فراغ
وإنما جاء نتيجة تضافر الجهود والتعاون بين المواطنين والقوات الأمنية وجدية الحكومة وعزمها على إنقاذ البلاد من هذا المأزق الخطير.
وفي طبيعة الحال فإن الإرهاب ليس هو الملف الوحيد الذي تعاني منه البلاد، وإنما توجد ملفات عديدة مطروحة امام الحكومة لغرض معالجتها، بل من أهم هذه الملفات وأخطرها هو الفساد المالي والإداري،والذي هو اخطر من الإرهاب، وفي بعض الأحيان ممول له وقد ثبت ذلك من خلال اعترافات بعض المفسدين، بالإضافة إلى انه أنهك واقع البلاد الاقتصادي وأخر عملية بناء واعمار العراق في جميع مفاصلها.
فقد توضحت الرؤية مؤخرا إن لدى الحكومة نية في معالجة الفساد، وقد لمسنا جديتها في ذلك من خلال تأكيدها مراراً على جعل العام 2008 عام الأعمار والقضاء على الفساد، ولكن النية لا تكفي بل يجب إن تكون هناك خطوات عملية مدروسة من اجل أن تدخل النوايا إلى حيّز التنفيذ، ولا أريد أن امثل دور المنظر لعمل الحكومة ولكن من باب التذكير، فعلاج هذه المسألة لابد من البدء وعلى الفور بوضع خطوات ملموسة تصب في هذا الاتجاه.
هناك ثلاثة عوامل مرتبطة مع بعضها البعض تعرقل عمل القضاء في التصدي لملف الفساد الإداري والمالي وهي كالأتي:
1 ـ القرار 136 والذي أصدره بريمر منذ خمس سنوات وحتى هذه اللحظة لم يجرؤ احد الغاءه، فهذا القرار يوفر حصانة للمفسدين ويعرقل عمل القضاء، فإن إلغاء هذا القرار سيمكن القضاء من ان يأخذ دوره بالمحافظة على ثروات العراق التي تهدر بالعقود الوهمية وغيرها.
2 ـ المصالحة الوطنية، فيكفي أن يقتل أبناء الشعب العراقي وتنهب ثرواته، ومعروف إن هناك مسؤولين مطلوبين للعدالة ويقف القانون عاجزاً عن محاسبتهم والسبب المصالحة الوطنية، وهذا لا يعني إننا ضد هذا الهدف الذي من شأنه إذا تحقق أن تتقدم العملية السياسية إلى الأمام.
3 ـ المحاصصة بأنواعها، وهذه بدورها تقف عائقا كبيرا أمام التقدم في ملف الفساد، فلم نسمع ونر في يوم من الأيام إن مسؤولا كبيرا قد استجوب من قبل البرلمان أو القضاء، مع العلم انه معروف للجميع إن أكثر الفساد لايأتي من الموظفين الصغار وان حدث فإنه لايرتقي إلى ما سرقه بعض الوزراء وأسماؤهم معروفة، ولم يجرؤ القضاء على مساءلتهم إلا بعد أن يهربوا بالأموال إلى الخارج وتصدر عليهم احكام غيابية، فأن المحاصصة تقف عائقاً أمام استجواب الوزير والسبب هو إن هذا الوزير تابع إلى الكتلة الفلانية وهي لاتوافق على استجوابه.
معالجة هذه العوامل الثلاثة الواردة الذكر هي الطريق الوحيد للتخلص من الفساد المالي والإداري، ونرى إن لم تسيطر الحكومة على المفسدين فعليها أن لا تتوسع بالإنفاق لكي تحافظ على هذه الثروات التي تذهب اليهم.
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- كيف حارب السنغافوريون الفساد؟
- استرداد العائدات المتحصلة من جرائم الفساد