- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حوار الحسين عليه السلام مع ابن عمرو ابن العاص (2)
نعم فاتني ان اذكر في المقال السابق ان لحديث المعصوم شروط ومعايير يجب ان يخضع لها الحديث حتى تثبت درجة صحته وانا استطلع ما روي عن الحسين عليه السلام وجدت بعض الاحاديث غير مستوفية لشروط الصحة على اقل تقدير وفقا لما اعرفه انا وعليه اعرضت عنها لحين التاكد من صحتها .
والان اذكر هذه الرواية التي حدثت للامام الحسين عليه السلام بعد صفين الرواية تقول (رواه الطبريان في الولاية والمناقب و [ روى ] السمعاني في الفضائل ، بأسانيدهم عن إسماعيل بن رجاء وعمرو بن شعيب : أنه مر الحسين على عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال عبد الله : من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء ، فلينظر إلى هذا المجتاز ، وما كلمته منذ ليالي صفين ! فأتى به أبو سعيد الخدري إلى الحسين .
فقال الحسين : أتعلم أني أحب أهل الأرض إلى أهل السماء وتقاتلني وأبي يوم صفين ! ؟ والله ! إن أبى لخير مني ! فاستعذر وقال : إن النبي قال لي : أطع أباك .
فقال له الحسين : أما سمعت قول الله تعالى : ( وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) ، وقول رسول الله : إنما الطاعة في المعروف ، وقوله : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ! ؟ أو صاف الأمين والخائن و . . . )
التعقيب والتوضيح
اولا: اصل الحديث عن من اراد ان ينظر الى احب خلق الله هو كالاتي (ابن شهرآشوب : عن الرضا ، عن آبائه ، قال : رسول الله : من أحب أن ينظر إلى أحب أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى الحسين ) .
ثانيا : لعمرو ابن العاص ولدان استشارهما في مسالة اللحاق بمعاوية او تركه فاشار احدهم وهو عبد الله بالقول لابيه انه لو اردت الدنيا واستغنيت عن الاخرة فالحق بمعاوية واذا اردت الاخرة واستغنيت عن الدنيا فالحق بعلي واشار عليه ابنه الثاني ان يلتحق بمعاوية حيث المال وملك مصر معه .
فلما كانت اخر ايامه أي عمرو ابن العاص وهو ينازع الموت بعث لولده وهو عبد الله الذي اشار عليه باتباع علي ان اراد الاخرة وقال له هل من مخرج في هذه اللحظات عن ما اقترفت من ذنب فقال له الله تواب رحيم .
ثالثا :قد يعتقد احد ما ان هنالك تضارب بين حديث النبي واستدلال الحسين عليه السلام بالقران فهذا يعني ان احدهم صحيح والاخر خطأ ، والحقيقة الاثنان صحيح وفق ظروف واجواء تحتم صحة حديث ابن عمرو ابن العاص واذا ما انتفت هذه الظروف فان الحديث ما عاد له حاجة كما قال رسول الله (ص) لا يزال الزبير منا اهل البيت ، ومن ثم قال الزبير وقاتله في النار فظروف الحديث الثاني نسفت ظروف الحديث الاول وهذا الامر ينطبق على حسان بن ثابت الذي امتدح واقعة الغدير ولكن عاقبته عثمانية .
فالوقت الذي امر رسول الله (ص) بطاعة الاب كان عمرو ابن العاص ضمن المسلمين حتى ولاه رسول الله ( ص ) جيش المسلمين وجعل تحت امرته ابي بكر وعمر في معركة ذات السلاسل ( خسر فيها واعديت الكرة عندما سلمت الراية لامير المؤمنين علي (ع) فانتصر الاسلام فيها ) وما كان يظهر نفاقه أي ابن العاص بالرغم من علم الرسول بذلك ، ولكن مع تسارع الاحداث ونهوضه مع معاوية على امام زمانه وحجة الله على ارضه يكون قد فند موجبات الطاعة الابوية وكان استدلال الامام الحسين (ع) القرآني استدلال رائع .
رابعا : وانظر الى البعد الفكري للامام الحسين (ع) انه يعلم هنالك عدة وجوه لتفسير الاية فاعقب استدلاله بالاية الكريمة استدلاله بالحديث النبوي الشريف عندما قال ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).
خامسا : المسالة المهمة في استدلال الامام الحسين عليه السلام بالاية الكريمة هو ربط جحود امامة علي (ع) بالشرك بالله عز و جل فان عمرو ابن العاص عندما حارب علي (ع) في معركة صفين فكانه اشرك بالله عز و جل وهذا يؤكد حديث النبي محمد (ص) للامام علي (ع) عندما قال له ( ياعلي من انكر امامتك فقد انكر نبوتي ومن انكر نبوتي فقد انكر الله ) ، وهذا يؤكد النهج الواحد الذي يتبعه محمد واهل بيته ( عليه وعليهم افضل الصلاة والسلام ) .