- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أخلاقية الإمام الحسين وأخلاقية أعداءه... ثنائية الصدق والخداع
امتاز إعلام جبهة الإمام الحسين بالصدق والصراحة والواقعية ولم يمارس الخداع والتضليل وإنما ركز على وقائع معلومة للجميع، ومن الشواهد على ذلك قول الحسين مخاطباً الجيش الأموي: (ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله)وقد جرت على نفس المنوال خطابات اتباعه في كل مواقع المعركة.
وأما الجبهة المقابلة فإنها استخدمت أسلوب البهتان والخداع والتضليل، ونادى عمر بن سعد: (يا خيل الله اركبي وبالجنة أبشري)، وهو يعرف حقيقة القيادتين ولكنه قاتل الحسين رغبة في ذلك واعترف بالحقيقة قائلاً: (ما رجع أحد إلى أهله بشر مما رجعت به أطعت الفاجر الظالم ابن زياد وعصيت الحكم العدل، وقطعت القرابة الشريفة). واتهم عبيد الله بن زياد والي يزيد على العراق مسلم بن عقيل بشرب الخمر حيث يقول له: ( وما أنت وذاك يا فاسق لمَ لم تعمل فيهم بذاك إذ أنت بالمدينة تشرب الخمر) فقال له مسلم بن عقيل: (أنا أشرب الخمر أما والله إن الله يعلم أنك غير صادق وأنك قد قلت بغير علم وأني لست كما ذكرت وأنك أحق بشرب الخمر مني).
وتجسدت الأخلاق الكريمة والأخلاق الرذيلة في الحوار الذي دار بين السبايا من جهة وبينهم وبين ابن زياد من جهة أخرى، بين الصدق والبهتان وبين الصراحة والخداع والتضليل، وقد لعب الإعلام الصادق دوراً في إجبار يزيد على التنصل من قتل الحسين وإلقاء اللوم على ابن زياد.
ومن أخلاق الإسلام هي الوفاء بالعهود والمواثيق وهي من الأخلاق الفاضلة لدى كل المجتمعات وإن لم تكن تتخذ الإسلام منهاجاً في الحياة، وقد وفى الحسين (عليه السلام) بكل عهد وميثاق قطعه مع الجبهة المقابلة، فبعد اتفاق الحسين مع الحر على أن يسايره فلا يعود إلى المدينة ولا يدخل الكوفة طلب منه الطرماح بن عدي أن ينزل قبيلة طي ليلتحق به عشرون ألف طائي فقال له الحسين: (إنه قد كان بيننا وبين هؤلاء القوم قول لسنا نقدر معه على الانصراف)، أما قادة الجيش الأموي وهم شبث بن ربعي، وحجار بن أبجر، وقيس بن الأشعث، وزيد بن الحارث ومعهم آلاف الجنود فإنهم دعوا الحسين إلى الكوفة ومن ثم غدروا به وقاتلوه وهذا قمة الغدر وعدم الوفاء.
وما تزال أخلاقيات ووفاء الإمام الحسين متمثلا بأخلاق ووفاء المراجع العظام وعلى رأسهم المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني ولولا تلك المواقف النبيلة في ضبط النفس وعدم الإنجرار إلى الحرب الطائفية التي حاول البعثيون والوهابيون أحفاد يزيد وأتباعه في الغدر والإجرام والخيانة من جر أتباع أهل البيت إليها، لشاهدنا أن العراق دخل في أتون حرب أهلية لا تبقي ولا تذر.
ولكن حكمة وعقلانية المرجع الأعلى جعلت أوهام وأفكار ومؤامرات الحاقدين على الإنسانية والسائرين في ركاب الدول الديكتاتورية ومن ضمنها الفضائيات العربية الحاقدة جعلتها هباء منثورا وردت كيد المجرمين بالرغم من القتل والتفجير والتشريد الذي مارسوه بحق أتباع أهل البيت إلى نحورهم، وكما قال تعالى: وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر : 43] فارتطم الإرهاب بصخرة صمود وتكاتف العراقيين بكافة أطيافه ومذاهبه، وبحكمة مراجعه الكرام وقادته الوطنيين الشرفاء.