وفي تطور لافت، شكلت القوى السنية الفائزة بالانتخابات، تحالفاً سنياً شبيهاً بالإطار التنسيقي الشيعي، تحت عنوان “المجلس السياسي الوطني”، إلا أن مراقبين كشفوا عن “رغبة خارجية” وراء هذه الخطوة، كون الخلافات على المنصب الأول للمكون (رئيس البرلمان) ما زالت تتعمق، وسط حديث حول “فيتو” قد يمنع أكبر الفائزين، رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، من الحصول على منصب سيادي في البلاد.
وأعلن قادة أبرز القوى السنية في العراق، يوم الأحد الماضي، تشكيل تجمّع سياسي موحد تحت اسم “المجلس السياسي الوطني” بهدف توحيد الرؤى والقرارات بعد الانتخابات التشريعية التي خاضتها الأحزاب السنية بقوائم منفصلة.
وتعقيبا على تلك الخطوة، يعلق الباحث في الشأن السياسي عبد الله الفهد، بالقول إنها “خطوة شكلية، وأن الاجتماع جاء بناء على رغبة خارجية، لكن الخلاف على المناصب سيستمر، فكل جهة من الحاضرين غير مقتنعة بالجهة الأخرى، ولديها حسابات وتحالفات مع قوى شيعية وكردية، لضمان استمرار نفوذها في المرحلة المقبلة، ولهذا فأن الفيتو الكردي والشيعي سيلعب دوراً في تحديداً المناصب ومن يتزعمها من الشخصيات السنية”.
مجلس شكلي
ويشير الفهد، إلى أن “هذا المجلس هو شكلي، كما هو الإطار التنسيقي، فالخلاف داخل القوى الشيعية واصل لمراحل كبيرة، وأيضاً داخل القوى السنية”.
وجاء الإعلان عقب اجتماع في بغداد ضمّ قادة خمسة أحزاب وتحالفات رئيسية، بينها حركة “تقدّم” بزعامة رئيس البرلمان المُقال محمد الحلبوسي، وتحالف “السيادة” برئاسة خميس الخنجر، إلى جانب أحزاب “عزم”، “حسم”، و”الجماهير”.
وعن المنصب الأول المخصص للمكون، وإمكانية حصول أكبر الفائزين في الانتخابات من المكون السني، يؤكد الفهد أن “هناك فيتو يمنع تولي الحلبوسي أي منصب سيادي، وأهم المعارضين لهذا الأمر، هو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني”، مشيراً إلى أن “الحلبوسي لم يبق أي خط رجعة في العلاقة مع بارزاني، وآخرها، مطالبته بمنصب رئاسة الجمهورية، والجميع يعلم مدى الثقل الذي يتمتع به الحزب الديمقراطي على الصعيدين الداخلي والخارجي”.
ويتابع أن “الحاكمية الشيعية لن ترفض طلباً لبارزاني، وستحاول إرضاءه بأي طريقة، خاصة وأنهم يعرفون تأثيره على المجتمع الدولي، وخاصة علاقته الوطيدة مع الولايات المتحدة، ومبعوث ترامب الجديد مارك سافايا، والأطراف الشيعية لا تريد زيادة التوتر مع واشنطن”.
وينوه إلى أنه “حتى الآن ليس مضموناً أن تصادق المحكمة الاتحادية على عضوية محمد الحلبوسي في مجلس النواب الجديد، كون قبول ترشيحه للبرلمان خرج من الهيئة القضائية، ولم يعرض على الاتحادية حتى الآن، وبالتالي قد تستغل هذه القضية من بعض الأطراف السياسية لاستهدافه مرة أخرى”.
وحصل حزب تقدم في الانتخابات التي جرت مؤخراً على 35 مقعداً، فيما حصل تحالف عزم على 17 مقعداً، وتحالف السيادة على 13 مقعداً، وحسم على ثمانية ومقاعد، وحزب الجماهير على ثلاثة مقاعد.
«فيتو»
في الأثناء، يكشف مصدر سياسي مطلع، عن “وجود خلافات كبيرة داخل البيت السني على منصب رئاسة البرلمان، فالحلبوسي يخشى وجود فيتو على طرح اسمه لهذا المنصب”.
أما بخصوص رئاسة الجمهورية، يشير المصدر، إلى أن هذه “الفكرة كانت مجرد طرح من الحلبوسي للدعاية الانتخابية وجذب الأصوات، ولن يصر عليها، لأنه يدرك بأنه سيخسر حلفاءه في الاتحاد الوطني الكردستاني، ويزيد التوتر مع الديمقراطي الكردستاني، ولن يوافق الشيعة على إعطائه هذا المنصب”، منوهاً إلى أن “الحلبوسي وضع خيارات عديدة، لتكون بدائل، لشغل منصب رئاسة البرلمان، من بينهم محافظ الأنبار الحالي محمد نوري، ووزير التخطيط الحالي محمد تميم”.
وخلال الدعاية الانتخابية الأخيرة، طرح الحلبوسي خيار تحويل منصب رئاسة الجمهورية للمكون السني، ورئاسة البرلمان للكرد، لكن الأمر ما زال يواجه معارضة شديدة، من الأطراف الكردية، وحتى بعض الأطراف السنية، فيما أبدت بعض الأطراف الشيعية ومنها رئيس الوزراء المنتهية ولايته محمد شياع السوداني اعتراضها على تغيير المناصب.
«عقبات»
بدوره، يرى الباحث في الشأن السياسي مهند الراوي، أن هناك أسباباً تمنع الحلبوسي من شغله لمنصب رئاسة مجلس النواب، منها أن حزب تقدم لا يمتلك الأغلبية في المشهد السني، وإذا اتحدت القوى السنية الأخرى، من عزم والسيادة، والحسم، بإمكانهم تشكيل الأغلبية، وطرح مرشحهم لمنصب رئاسة البرلمان”.
ويتابع الراوي، أن “الأمر الآخر، هو أن هناك شخصيات داخل تقدم، لديها طموح لشغل منصب رئاسة البرلمان، وهو طموح مشروع، وبالتالي هذه مشكلة أخرى تواجه الحلبوسي”، منبهاً إلى أن “الفيتو الكردي، وخاصة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وزعيمه مسعود بارزاني، سيكون له التأثير الأكبر في منع الحلبوسي من شغل منصب رئاسة البرلمان، ولكنه سيحاول تقديم شخصية قريبة منه، ولكن لن يلجأ لخيار شخص من الأنبار، لكي لا يصنع زعيماً سياسياً منافساً له”.
مرشح واحد
من جهته، يؤكد عضو حزب تقدم محمد الدليمي، أن مرشح حزبه للمنصب الأول للمكون السني، هو “محمد الحلبوسي، ولن تستطيع أي جهة سياسية الاعتراض على هذا الترشيح، فالمكون الكردي يقدم مرشحه، ولا يعترض عليه أحد، وكذلك المكون الشيعي يقدم مرشحه لرئاسة الوزراء، ولا يعترض عليه أحد، ونحترم خيارهم، وعليهم احترام خيارنا”.
ويشدد على أن “قضية الحلبوسي القضائية انتهت، بعد ترشحه للانتخابات، لأن القرار الأول للاتحادية كان لا يستند إلى الدستور، ومسيس، ولذا فإن حجة وجود قرار قضائي، غير صحيح”، لافتاً إلى أن “حزب تقدم حصل على حوالي نصف مقاعد السنة، وأعلى من القوائم التي تليه بفارق كبير، وينبغي احترام خيار الديمقراطية، وما أفرزته نتائج الانتخابات، ولهذا سنتمسك بالحلبوسي للحظة الأخيرة”.
وقررت المحكمة الاتحادية في عام 2023، إلغاء عضوية محمد الحلبوسي من مجلس النواب الذي كان يرأسه، وتم عزله من المنصب، وذلك بتهمة تزوير توقيع النائب السابق ليث الدليمي.
ومنذ عام 2005، وبعد أول انتخابات، أجريت في ذلك العام، جرى العرف السياسي، بأن يكون منصب رئاسة الوزراء للمكون الشيعي، ورئاسة الجمهورية للكرد، ورئاسة مجلس النواب للمكون السني.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!