غير أن السوداني، الذي عزز موقعه السياسي بعد نتائج ائتلاف الإعمار والتنمية، يبدو متمسكاً بشروطه وفي مقدمتها تولي رئاسة الوزراء لولاية ثانية، مستنداً إلى قاعدة دعم شعبية وبرلمانية متنامية تمنحه هامشاً أوسع للمناورة في مفاوضات ما بعد الانتخابات.
وقال مستشار ائتلاف دولة القانون عباس الموسوي، في تصريح صحفي، “نرى أن هناك ارتياحاً إزاء نتائج الانتخابات التي ظهرت، وذلك لدى أغلب الكتل السياسية، وهذه رسالة إيجابية ستنعكس على موضوع تشكيل الحكومة”.
وأضاف: “ندرك جيداً، أن أي هدوء في الساحة السياسية، سيعجّل في تشكيل الحكومة العراقية”، مبيناً أن “حالة التفاهم والاستقرار بين بغداد وأربيل، هي نقطة إيجابية، ونعلم جيداً أن كردستان داعم أساسي في تشكيل الحكومة العراقية”.
ولفت إلى أن “الرضى عن نتائج الانتخابات، يعطي انطباعاً أن هناك نوايا طيبة من الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة والانتقال إلى مرحلة حلّ المشاكل بين الكتل السياسية من خلال حكومة منسجمة”.
وتابع الموسوي: “أثبتت التجارب والأيام أن تجربة الإطار التنسيقي أدت إلى استقرار العملية السياسية”، مؤكداً أن “الإطار التنسيقي لم يعتمد على مقاعد الكتل السياسية، وإنما على التمثيل السياسي للكتلة؛ لذلك نرى أن هناك توافقاً داخل الإطار التنسيقي وإصرار على بقائه ودعمه الذي أنتج ائتلاف إدارة الدولة”.
ونبه إلى أن “طبيعة النظام السياسي في العراق هو نظام ائتلافي برلماني؛ لذلك نحن نحتاج إلى هذا المطبخ السياسي من أجل إنجاز الرؤى والأفكار وبالتالي تجاوز الأزمات”.
وبيّن مستشار ائتلاف المالكي، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني جزء من الإطار التنسيقي، ومرحّب به كجزء فعال داخل الإطار التنسيقي”.
وبالنسبة لتشكيل الحكومة، قال الموسوي: “أصبحت هناك قناعة مؤكدة أن رئاسة الوزراء تنطلق من رؤية وإجماع الإطار التنسيقي وليس من خلال عدد الأصوات التي يحصل عليها الكيان السياسي”.
وأضاف، أن “الإطار التنسيقي وضع ضوابط لاختيار رئيس الوزراء المقبل، وما هي الإمكانيات التي يجب أن يحملها رئيس الوزراء من أجل أن يكلّف برئاسة الحكومة”، قائلاً، إن “الإطار الآن يدير ورشة من أجل وضع ضوابط اختيار الشخصية، وبعدها تطرح الأسماء وتتم مطابقة الضوابط على هؤلاء الأشخاص”.
من جانبه، قال خالد وليد عضو تحالف الإعمار والتنمية، إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لم يحضر آخر اجتماعات الإطار التنسيقي، مشيراً إلى أن بعض أطراف الإطار ما زالت ترفض توليه ولاية جديدة، ولديها “جملة من الملاحظات” على أدائه السياسي.
وأوضح وليد في تصريح صحفي، أن نتائج تحالف الإعمار والتنمية منحت السوداني زخماً سياسياً واسعاً، وأنه “حقق مقبولية وطنية بعد كسره النمطية التقليدية عبر نتائجه في محافظات مثل صلاح الدين ونينوى”.
وأكد، أن تشكيل الحكومة المقبلة مرهون بالاتفاق السياسي، مشدداً على أنه “لا يمكن المضي بحكومة جديدة دون توافق”، مبيناً أن تحالف الإعمار والتنمية “قد يتجه إلى خيار التحالف الطولي، وهو الأفضل للوضع السياسي في العراق، لأن البرلمان بحاجة إلى كتلة رقابية (معارضة) يفتقدها حالياً”.
وأضاف وليد، أن أطرافاً داخل الإطار لم تكن ترغب بخوض السوداني الانتخابات من الأساس، لكنها اليوم تطالب بالتفاوض معه، مبيناً أن “السوداني خرج بمؤتمر صحفي وفتح باب الحوار أمام جميع القوى السياسية”.
وأشار إلى أن “الإطار سبق أن اتهم السوداني بعدة أمور، من بينها التطبيع، واليوم إذا أرادوا عودته فعليهم أن يواجهوا تلك الاتهامات ورسائلهم السابقة”، منوهاً إلى أن “القوى التي تقف ضده اليوم وترفض ترشيحه لولاية ثانية، هي ذاتها التي كانت بالأمس جزءاً من حكومته وشاركت في قراراتها دون اعتراض”.
وكان الإطار التنسيقي قد أجرى بعد إعلان نتائج الانتخابات جولة مكوكية من اللقاءات والزيارات المتبادلة بين قياداته، في مسعى لإعادة ترتيب صفوفه وتوحيد رؤيته بشأن المرحلة المقبلة، فقد شملت الجولة زيارة قيس الخزعلي لنوري المالكي وهادي العامري وعمار الحكيم، ثم لقاء الحكيم بالعامري، وهي تحركات يرى فيها مراقبون محاولة واضحة لـ لملمة البيت الشيعي وإعادة بناء الإطار التنسيقي استعداداً لتشكيل الحكومة المقبلة، وضمان حصصه واستحقاقاته السياسية.
ويبدو أن الإطار التنسيقي يستعد مبكراً لحسم موقع رئاسة الوزراء قبل انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان، في خطوة تهدف إلى تقديم مرشحه المتوافق عليه مسبقاً، بخلاف الكتل الأخرى التي ما زالت تفاوض حول المناصب السيادية، مثل القوى السنية بشأن رئاسة البرلمان، والقوى الكردية حول رئاسة الجمهورية.
في المقابل، تتعمق الخلافات داخل البيت الكردي، إذ يربط الحزبان الرئيسيان (الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني) مسار تشكيل حكومة الإقليم بنتائج المفاوضات حول رئاسة الجمهورية في بغداد، ما يجعل هذا الملف يبدو أكثر تعقيداً وتشابكاً، كما تبرز منافسة سنية كردية غير معلنة على هذا المنصب، في ظل استمرار الخلاف بين محمد الحلبوسي وبعض الأطراف الكردية حول توزيع المناصب السيادية ضمن التفاهمات المقبلة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!