ابحث في الموقع

نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية يكتب :أجيال الانتخابات

نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية يكتب :أجيال الانتخابات
نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية يكتب :أجيال الانتخابات
بقلم:القاضي كاظم عباس/ نائب رئيس محكمة التمييز الاتحادية

مازالت مشاهد اول زحف انتخابي حقيقي وانطلاق عجلة الممارسة الديمقراطية الدورية لإدارة الدولة العراقية سنة ٢٠٠٥ وفقاً لأسس دستورية حاضرة في الذاكرة العراقية وباقية وتبقى إلى الأبد وتتجدد في كل موسم انتخابي وبالذات يوم الإقتراع بعد عصور من الإستبداد والدكتاتورية والظلم اذ ان العراقيين و منذ تلك الانتخابات ولأول مرة بتاريخهم الحديث وبإرادة حرة واعية قل نظيرها في العالم  قد فرضوا وإختاروا الديمقراطية نهجاً سلمياً لتداول السلطة وانتهى حكم القائد  الاوحد وعشيرته إلى غير رجعة  ومن عاش تلك الأيام من الناخبين ومارس في بناء أسس هذا النهج الأمثل في إدارة الدولة قد ذاق حلاوة أن يكون حراً بلا رقيب غير ضميره في انتخاب من يشاء فرداً او قائمة وهو بإصبعه البنفسجي يشترك بسن القوانين تارة ووضع أعلى منصب تشريعي وتنفيذي في سدة الحكم تارة أخرى ومراقبته عن طريق ممثليه تارةً ثالثة والمواطن العراقي الأصيل وهو يمارس حقه الديمقراطي هذا يسترجع الماضي القريب وما رأى بأم عينه وعاشه الجميع من مسرحيات هزيلة لانتخابات أنظمة حكم الانقلابات والبطش إبان تسلط الدكتاتورية والحزب الأوحد والتي أعدت نتائجها سلفاً بفوز الديكتاتور او زبانيته بنسبة ١٠٠٪؜  او ٩٩،٩٪؜من أصوات المقترعين وغير المقترعين في محاولة مكشوفة سمجة منها لتجميل نهجها الوحشي والدموي مع أبناء شعبها الصابر على ظلمهم. 

لقد وَلت هذه الأنظمة الاستبدادية إلى غير رجعة وأضحى الحكم بيد الشعب عن طريق صناديق الاقتراع التي فور صدور نتائجها وفي اغلب الأحيان يضاف أسم آخر لقائمة (السابقين) على قيد الحياة من رئيس للجمهورية سابق او رئيس لمجلس النواب سابق او رئيس لمجلس الوزراء سابق ويتطلع الشعب بشغف الى معرفة الأسماء الجديدة منهم والذي ساهم بصورة مباشرة او غير مباشرة في وصوله لسدة الحكم الدستوري وبآليات دستورية وقانونية حصنها الأول والأخير القضاء  العراقي الرصين الذي يحرص على ديمومة النظام الديمقراطي وضمان انتقال سلمي وسلس للسلطة ولا يبغي من وراء ذلك شروى نقير  وهذه الحالة قمة الديمقراطية تفتقدها معظم الأنظمة العربية والشرق أوسطية وبالذات الدول المجاورة للعراق فليس لديهم قائمة من (السابقين) على قيد  الحياة لا ملوكاً سابقين ولا رؤوساءً سابقين.

التقييد واحترام الآليات الديمقراطية التي نص عليها الدستور العراقي عن طريق الممارسة بالترشيح والاقتراع وحتى المقاطعة للانتخابات فهي ثمرة من ثمرات الديمقراطية التي تترسخ وتضرب جذورها عميقاً جيل  بعد جيل وعصر بعد عصر فالناخب والمقاطع كلاهما فائزين طالما صدر ذلك من إرادة حرة ليس من الأهمية الكبرى الفائز من الفرقاء السياسيين بالانتخابات الأهم من ذلك إجرائها وهذا خيار الحكماء من أبناء شعبنا ونحن نعيش هذه الأيام  الدورة الانتخابية السادسة لمجلس النواب العراقي والتي راهن  البعض على عدم اجرائها لمشارب شتى وجدنا ما يلفت النظر اذ ان أولادنا الصغار الذين كنا يوم الانتخابات الأولى نصطحبهم معنا في يوم الاقتراع وهم فرحين فرحة العيد الكبير مع الاهل وهم يلوحون بسبابة إصبعهم البنفسجي  ويطيلون النظر الى هذا اللون باحترام كأنهم عرفوا مغزاه بانه الأمن والأمان للبلاد والعباد هذه الصبغة الرمز هي التي تجنبهم الخراب والدمار وانهارٍ من الدماء والتي إكتوى بها آبائهم وأجدادهم في عصور الدكتاتورية والاستبداد والأيام المظلمة وهؤلاء البراعم الصغيرة الذين كانوا يستفهمون منا ببراءة انذاك متى يأتي اليوم الذي يحق لهم المشاركة في الانتخابات قد شاركوا  اليوم العرس الانتخابي الأخير بعد ان كبروا  ناخبين منهم او مرشحي.

هذه الأجيال الصاعدة وهي تمارس دورها الإيجابي عن طريق الاقتراع او الترشيح بغية ضمان تحقيق تداول سلمي للسلطة والتي لم تعاصر أيام الاستبداد والديكتاتورية وبعد ان تجذر النهج الديمقراطي في البلد عميقاً في وجدان وضمير الأمة العراقية بأجيال متعاقبة جيل بعد جيل بانتخابات دورية لم تتوقف ولن تتوقف إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها.

وبفخر نقولها ان جيل المجتمع العراقي هو جيل الانتخابات الديمقراطية الدورية التي يمارسها الشعب العراقي في تجربة ديمقراطية قل نظيرها في الأنظمة العربية والإسلامية القريبة منا والبعيدة ووفقاً لمدد حددها الدستور لا تزيد بأي شكل من الأشكال عن أربع سنوات تحت مظلة القضاء العراقي العادل المنصف وهذه الحقيقة التي يعيها كل منصف من أعظم النعم التي حباها سبحانه وتعالى على العراق والعراقيين فالأجيال الحالية كانت على موعد مع قدر شاء الله ان يكون اول مرة في حياة العراقيين منذ عشرات من سنين الجبروت والإقصاء والتهميش والظلم  بتقرير مصيرهم بوسائل سلمية مستدامة تحفظ الحرث والنس.

فعلى هذه الأجيال واللاحقة بشكل أكبر وكل من موقعه مسؤولية تأريخية ومضاعفة بالمحافظة على هذه الثوابت المقدسة في إدارة الدولة وإحترام مؤسساتها وعدم التساهل مع كل من تسول له نفسه بالرجوع إلى أيام الاستبداد والديكتاتورية والنيل من النظام الديمقراطي الدستوري العراقي الفريد.

وإلا فلات حين مناص


المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
كلمات مفتاحية
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!