فبعد أن كان يسعى جاهداً للحصول على منصب مجلس النواب بعد إقالته في 14 تشرين الثاني 2023، يتجه الآن نحو منصب رئاسة الجمهورية، وهو ما يعتبره البعض مناورة سياسية ذكية، بينما يراه آخرون دليلاً على عدم قدرته على توحيد الصف السني خلفه، هذا التحول يطرح تساؤلات حول مستقبل التحالفات السنية وتأثيرها على المشهد السياسي العراقي في المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، أكد المرشح عن تحالف تقدّم، عبد الكريم عبطان، أن التحالف سيكون الأول على صعيد المكوّن السني في بغداد والأنبار، وسينافس بقوة على المرتبتين الأولى والثانية في باقي المحافظات.
وأوضح عبطان في تصريحٍ صحفي، أن تحالفه حصد المركز الثاني في انتخابات مجالس المحافظات في بغداد، متوقعاً أن يحصل في الانتخابات النيابية المقبلة على عدد مقاعد يوازي “النصف زائد واحد” من مجموع مقاعد المكوّن السني.
وأضاف، أن “تحالف تقدّم سيختار الموقع الذي يخدم وضعه السياسي بعد إعلان النتائج”، مشيراً إلى أن ”من حقه اختيار المنصب الذي يتناسب مع استحقاقه الانتخابي، سواء كان رئاسة البرلمان أو رئاسة الجمهورية”.
ولم يستبعد عبطان إمكانية التوصل إلى اتفاق مع القوى الكردية، يمنحهم بموجبه رئاسة البرلمان، مقابل أن تؤول رئاسة الجمهورية إلى المكوّن السني.
وقال عبطان: “رئاسة الجمهورية تمتلك صلاحيات كبيرة، بعضها بروتوكولي لكنه مهم، فبموجب الدستور يمكن للرئيس تقديم مشاريع قوانين، وبالاتفاق مع رئاسة الوزراء يمكن حلّ البرلمان وتعطيل عمل الحكومة، وهي صلاحيات يمكن استثمارها بشكلٍ صحيح لخدمة المصلحة العامة”.
وأشار في ختام حديثه إلى أنه “يتوقّع انتهاء ائتلاف إدارة الدولة بحلول 11 تشرين الثاني المقبل”، مرجحاً أن “يحلّ محلّه تحالفٌ جديد يتولى إدارة الدولة ومفاصلها”.
وفي الوقت الذي يؤكد فيه الحلبوسي خلال خطابه الانتخابي أن منصب رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس النواب يجب أن يُحسم باختيار المكون السني دون اشتراط أو تقاسم مع المكون الكردي، باعتباره حقًا نابعاً من قوة عددية المكون، لكن الباحث في الشأن السياسي مخلد حازم، يفسر الخطاب عكس ذلك، مؤكداً أن “جميع القوى السياسية متفقة على عدم عودة محمد الحلبوسي إلى رئاسة البرلمان”، مشيراً إلى “وجود فيتو من جهات شيعية وسنية وكردية يمنع تولّيه المنصب مجدداً”.
وأوضح حازم خلال تصريح صحفي، أن “الحلبوسي يدرك مسبقاً استحالة تجديد ولايته، ولذلك يلجأ إلى طرح الموضوع علناً وتوجيهه للرأي العام في محاولةٍ لتحويل الأنظار وتهيئة الأرضية أمام خيارات بديلة”.
وأضاف، أن “حزب تقدم سيحصل على المركز الأول سنياً من حيث عدد المقاعد، لكنه لن يتمكّن من تحقيق الأغلبية داخل المكوّن السني، الأمر الذي يدفعه إلى تغيير بوصلته نحو منصب رئاسة الجمهورية، بالتنسيق مع بعض الأطراف السياسية”.
وأشار الباحث إلى أن “المرحلة المقبلة ستشهد هزّات سياسية وظهور وجوه جديدة غير متوقعة في المشهدين البرلماني والرئاسي بعد الانتخابات المقبلة”.
في المقابل علّق رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني حول الحديث عن احتمال منح رئاسة الجمهورية للعرب السنّة بعد الانتخابات المقبلة، ردّ بارزاني ممازحاً: "ربما هناك شخص سنّي كما يقال بالعراقي ضارب دالغة على رئاسة الجمهورية، دعونا نرى".
وأوضح بارزاني خلال مقابلة تلفزيونية، أن المنصب "أصبح عرفاً واستحقاقاً للكرد" ويحمل بعداً معنوياً أكثر من كونه منصباً تنفيذياً، قائلاً: "بعد الأنفال والقصف الكيمياوي، كان أن يصبح كردي رئيساً للجمهورية أمراً رمزياً. أما من حيث الصلاحيات، فرئيس البرلمان أهم من رئيس الجمهورية".
وختم بارزاني بالقول إن "القبول أو الرفض لأي تغييرات مستقبلية في التوزيع السياسي يعتمد على الأطراف العراقية كافة وعلى موقف الكرد".
يشار أن مع كل انتخابات، تتجدد المطالب السنية بهذا المنصب الرمزي، الذي يعكس الهوية العربية للعراق، لكنه اصطدم بعدة معوقات وهي تمسّك الأكراد بالمنصب، تعقيدات الشراكة مع الشيعة، وانقسامات داخل الصف السني حول الأفضلية بين رئاسة الجمهورية أو البرلمان.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!