ووضعت إدارة محافظة بغداد بالتنسيق مع جهات أمنية وخدمية مختصة، أخيراً، خطة عمل عاجلة تضم عدة محاور للحدِّ من ظاهرة المشردين من حاملي الجنسية غير العراقية. ولا تتوفر إحصاءات حكومية رسمية بأعدادهم، إلا أنهم بالآلاف ينتشرون في عدد من المحافظات، وخصوصاً في بغداد والجنوب. ووفقاً لضابط في الشرطة المحلية، أكد مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن "هؤلاء دخلوا في السنوات الماضية بطرق غير رسمية، بسبب مشاكل في بلدانهم".
وأوضح أن "الحكومة لم تتخذ سابقاً إجراءات مشددة بحقهم، لكنها اليوم، بعد تقارير أمنية، فإنهم باتوا يشكلون خطراً، الأمر الذي دفع باتجاه التحرك نحو الملف"، مؤكداً أن "الخطوة تركز على جمع معلومات عنهم، ومن ثم إيواؤهم والعمل على إعادتهم لبلدانهم".
النائب الإداري لمحافظ بغداد، علي الغراوي، أكد أن "الخطة تركز على منع بقائهم داخل العاصمة دون تأشيرات رسمية من الجهات المختصة"، مبيناً في تصريح صحافي أن "المحاور تشمل قيام جهازي الأمن الوطني والمخابرات الوطنية العراقي إضافة إلى عمليات بغداد، بالتحقق من سمات دخولهم إلى البلاد وإجراءاتها واتخاذ اللازم مع المخالفين منهم بحسب القانون، فضلاً عن متابعة أماكن إقامتهم وتجمعاتهم إن كانت تحتوي على مواد مخدرة ممنوعة، مع الوقوف على أسباب مزاولتهم للتسول".
وأضاف أن "محاور عمل الخطة تتضمن كذلك توفير محافظة بغداد، بالتنسيق مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أماكن ملائمة لإيواء المشرّدين ممن لا مأوى لهم، فيما ستعالج وزارة الصحة من جانبها، المرضى أو مدمني المخدرات أو حاملي الأمراض النفسية من خلال إدخالهم إلى مصحات علاجية".
وأكد المتحدث أنه "سيُستعان بالفرق الميدانية لمفوضية حقوق الإنسان لتنظيم حملات مساندة للجهات المذكورة، بهدف مراعاة الجانب الإنساني بإيوائهم لحين إرجاعهم إلى بلدانهم"، مشدداً على أن "الحكومة المحلية لن تتهاون في تطبيق القانون حفاظاً على أمن المجتمع والمظهر الحضاري للعاصمة".
وتعكس الظاهرة تحولات اجتماعية معقدة، خصوصاً مع كثرة الداخلين إلى العراق من جنسيات مختلفة، إيرانيين وباكستانيين ولبنانين وسوريين، لظروف مختلفة، ووجدوا من التسول وسيلة للبقاء والعيش.
ويرى الباحث في الشأن الاجتماعي، مهيمن السامرائي، أن "الظاهرة تحتاج إلى قاعدة بيانات دقيقة لحصر أعداد المشردين بالعراق وتحديد جنسياتهم، مع ضرورة التنسيق بين وزارتي الخارجية والداخلية لضمان ضبطهم وإعادتهم إلى بلدانهم"، مبيناً، أن "الإحصاءات الرسمية لم توفر تلك البيانات المطلوبة، الأمر الذي يعقد الملف".
وأشار إلى أن "هؤلاء يشكلون خطورة على المجتمع العراقي، أمنياً ومجتمعياً، من خلال إمكانية أن يكونوا منتمين إلى عصابات دولية للمخدرات والتهريب والمتاجرة وغير ذلك، الأمر الذي يتطلب عدم التهاون في ملاحقتهم ومنع استمرار بقائهم".
واعتبر أن "الإجراءات الحكومية ضعيفة وليست بمستوى الخطر الذي يواجهه البلد من هؤلاء المشردين".
وكان وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، قد أفاد في تصريحات سابقة بأن العراق يشهد توافد سياح من مختلف البلدان، وأن العديد منهم بدأوا بالانخراط في سوق العمل دون التصاريح القانونية المطلوبة.
واعتبر أن هذه الظاهرة تؤثر سلباً في الاقتصاد الوطني وتنافسية سوق العمل، وأن وزارته لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المخالفين، داعياً إلى أهمية التعاون بين الجهات المعنية لضمان تطبيق القوانين واللوائح الخاصة بالعمالة لمختلف الوافدين الأجانب للبلاد.
ونفّذت السلطات العراقية في أعوام سابقة حملات أمنية لضبط المخالفين من الجنسيات الأجنبية لشروط الإقامة، ووفقاً لبيانات تصدرها وزارة الداخلية العراقية اعتُقِل الكثير منهم ممن لا يملكون أوراقاً أو تراخيص إقامة من جنسيات سورية وباكستانية وإيرانية وبنغالية ودول أخرى، وهم موجودون في العراق وينشطون ضمن العمالة المحلية غير المرخصة والتسول اللذين تسعى الحكومة العراقية لمكافحتهما.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!