ابحث في الموقع

رزق الكادحين في موسم الانتخابات العراقية

رزق الكادحين في موسم الانتخابات العراقية
رزق الكادحين في موسم الانتخابات العراقية
مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية البرلمانية المقررة في (11 تشرين الثاني الجاري)، تنبض شوارع العراق بحركة غير اعتيادية. فبينما يخوض المرشحون سباق الدعاية واستمالة الناخبين، وجد كثير من الشباب والعاطلين عن العمل في هذا الموسم السياسي فرصة مؤقتة لإنعاش جيوبهم.

فكما جرت العادة، تتحوّل الساحات العامة والأرصفة هذه الأيام إلى ورش صغيرة تنشط فيها الأيدي لتركيب اللافتات، ورفع الصور، وتوزيع المنشورات، فيما تتناثر الدعوات لحضور مؤتمرات ومناسبات رياضية وثقافية وفنية واجتماعية في الأحياء والمناطق الشعبية، يتبناها مرشحون. في خلفية هذا المشهد السياسي الصاخب، تدور حركة اقتصادية صامتة لكنها حيوية، يستفيد منها بشكل أكبر عاملون بسطاء يعمل كثيرون منهم بالأجر اليومي.

سائقو سيارات النقل و"الستوتات" - تلك الدراجات النارية الحوضية التي أصبحت وسيلة عمل يومية لآلاف العراقيين - من بين المستفيدين من الدعايات الانتخابية، حيث يعملون على نقل المواد الانتخابية وما يتعلق بها داخل المناطق.

يقول أحمد عبد الواحد، وهو سائق عربة نقل محلية (ستوتة) في بغداد، إنه منذ الصباح إلى وقت متأخر من الليل يكون على أهبة الاستعداد وعلى تواصل مع مدير الحملة الإعلامية لأحد المرشحين.

ويوضح عبد الواحد، أنه يتنقل منذ الصباح حتى وقت متأخر من اللّيل بين المقرات الانتخابية، ينقل هدايا وعصائر وأطعمة أو صور كبيرة للمرشحين، وأغراض مختلفة، إذ "ينفق المرشحون أمولاً طائلة على إقامة حفلات دعائية"، ويضيف أن "هذا الموسم مثل عيد لنا، لأن المرشحين يدفعون بسرعة ولا يساومون. خلال أسبوعين عملت أكثر من أي وقت بالسنة".

بين جلبة الشوارع وصوت مولدات الكهرباء، يبدو أن موسم الانتخابات يخلق سوقاً مصغرة تحركها الدعاية السياسية، لكنها تتغلغل إلى جيوب البسطاء؛ فشركات الطباعة، ومتاجر القماش، وحتى البائعون الصغار والمحال البسيطة، جميعهم ينتعشون في هذا الوقت من العام.

ذلك ما يؤكده سالم جاسم، وهو سائق سيارة نقل في محافظة بابل، إذ يؤكد أن الحملات الانتخابية "تحيي السوق الميتة"، على حدّ وصفه.

ويضيف: "من الصباح حتى المساء نحمّل خيماً، وكراسي، ومكبرات صوت للمهرجانات. كل يوم هناك عمل، وأحياناً نعمل في وقت متأخر من الليل. نثبت الصور في الطرق وعلى المباني وفي كل مكان. أنا أعمل ضمن فريق يتكون من عشرة أفراد. أنا على يقين بأنه لو أجريت الانتخابات كل ستة أشهر ستنتعش حياة عدد كبير من البسطاء".

في زاوية أخرى من المشهد، لا تقتصر الحركة على السائقين فحسب، بل تمتد إلى العمال اليوميين الذين وجدوا في الحملات الانتخابية مورداً سريعاً.

ويقول كرار علي، وهو يعمل في تركيب اللافتات الدعائية: "أنا أعمل عادة في البناء بأجر يومي، لكن العمل غير متوفر باستمرار" لذلك عمل في أكثر من خمسة مواسم انتخابية برلمانية ومحلية بنشر وتثبيت الدعايات الانتخابية وصور المرشحين لما يزيد عن 13 ساعة يومياً خلال "موسم" الانتخابات.

منتظر رحيم يشاطر زميله كرار الرأي، إذ يعملان في فريق واحد، ويؤكد أن ما يجنيه في الأسبوع الواحد من العمل في الدعايات الانتخابية يعادل ما يجنيه خلال شهرين من العمل أجيراً في البناء، ويواصل قائلاً: "مهمتي تتجسد في تثبيت الصور وتعليق البوسترات في الشوارع ومختلف الأماكن".

يتحدث كثيرون عما يسمونه بـ"الرزق الإضافي"، في إشارة إلى الانتخابات، وهؤلاء غالباً يعملون في وظائف بأجور متدنية، يبحثون عن فرصة عمل تزيد مدخولهم. ومن بين هؤلاء حسن الساعدي (42 عاماً)، الذي يعاني من إعاقة في قدمه ويعمل منظفاً في أمانة بغداد، يقول إنه شارك في حملات دعائية لمرشحين تمثلت بزراعة أشجار وتنظيف شوارع. حسن، الذي يعيل أسرة من أربعة أفراد، يشير إلى أن "هذه المناسبات تمثل لي ولأمثالي فرصة لجني مبلغ من المال نسد به ديوناً أو نشتري به لوازم ضرورية لأسرنا ومنازلنا".




المصدر: العربي الجديد
كرار الاسدي

كرار الاسدي

كاتب في وكالة نون الخبرية

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!