هذه الحزمة التي أصدرها في جلسته الاعتيادية الـ43 التي عقدت الثلاثاء الماضي، يرى بعض المراقبين أنها محاولة لتقويم المسار الحكومي وكسب ثقة الشارع، فيما يراها آخرون دعاية انتخابية صريحة تُستغل فيها إمكانات الدولة لخدمة أغراض سياسية، خاصةً أنها شملت ملفات حساسة مثل الأراضي التي ترتبط مباشرة بالمزاج الانتخابي للناخب العراقي.
دعاية انتخابية
وفي هذا السياق، قال النائب المستقل جواد اليساري إن الحكومة "تأخرت كثيراً في اتخاذ القرارات التي تمس حياة المواطنين، لذلك نشكك في نواياها كونها جاءت في الوقت الضائع".
ورأى اليساري، أن "ما يحدث اليوم هو دعاية انتخابية واضحة ومحاولة لكسب الأصوات واستمالة المجتمع".
بدوره، ذهب زهير الجلبي، القيادي في ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن "حتى المواطن بات يفهم أن هذه القرارات المتأخرة هي رسائل انتخابية صريحة".
وبين الجلبي، أن "رئيس الوزراء يستخدم كل إمكانات الدولة من موظفين وحمايات وموارد لعقد مؤتمرات وبرامج انتخابية، في سابقة لم تشهدها أي دورة سابقة، فحتى في التعيينات وتوزيع الأراضي والعلاوات يُجرى توظيف أدوات الدولة لأغراض انتخابية".
كما حذر من خطورة هذا النهج، داعياً إلى "تصحيح الحالة ومنع أي مسؤول يتبوأ منصباً حكومياً أو أمنياً من خوض الانتخابات في الدورة الحالية أو المقبلة"، معتبراً أن ذلك هو "الحل الأمثل لمنع استغلال السلطة في الدعاية السياسية".
من جانبه، اعتبر المحلل السياسي عبد الله الكناني أن "الثقة الشعبية بأي مسؤول حكومي أصبحت معدومة"، مشيراً إلى أن القرارات الأخيرة "ليست سوى وسيلة انتخابية هدفها التأثير على الرأي العام".
وذكر الكناني، "نحن أمام مشهد يُنفق فيه أكثر من 4 تريليونات دينار على الدعايات الانتخابية، في وقت يعيش فيه المواطن ظروفاً اقتصادية صعبة، وأن القرارات الأخيرة لم تأتِ لتقويم المسار، بل لتهيئة الأجواء للانتخابات فقط".
أما المحلل السياسي حسن الكناني، فعدَّ القرارات "إرضائية وهبات انتخابية"، مبيناً أن "ما يحصل هو استغلال للسلطة وتسويق للواجبات الحكومية اليومية على أنها إنجازات شخصية".
وشدد الكناني، على أن على "مفوضية الانتخابات مراقبة أي استغلال للمنصب أو المال العام لأغراض دعائية، وأن تحاسب كل من يستفيد من سلطته في هذا الجانب".
وجهة نظر مغايرة
لكن على الجانب الآخر، قدّم الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر رؤية مختلفة، إذ يرى أن قرارات السوداني "تأتي في إطار تصحيح بعض المسارات وليس لأغراض انتخابية".
وأكد البيدر، أن "الحكومة تحاول التماشي مع الرغبة المجتمعية وتلبية احتياجات الناس، ولم يصدر أي قرار يمكن اعتباره ذا طابع انتخابي مباشر".
ونوه إلى أن المشكلة في العراق "ليست في القرارات بحد ذاتها، بل في آلية تنفيذها"، مؤكداً أن السوداني "يتحفظ كثيراً في استخدام السلطة أو المال العام خوفاً من ردود الفعل الشعبية، خاصةً أن مستوى المراقبة المجتمعية بات عالياً، ولا يمكن لأي جهة أن تنفرد بالتصرف كما كان يحدث في الماضي".
وفي الرؤية نفسها، رفض السياسي محمد السامرائي اتهام الحكومة بالدعاية الانتخابية، موضحاً أن "القرارات الأخيرة تتعلق بتسيير شؤون المواطنين وتوفير الخدمات الأساسية".
وخلص السامرائي، إلى القول إن "الكثير من هذه الإجراءات تحتاج إلى أشهر لتنفيذها، وبالتالي لا يمكن وصفها بالدعايات الانتخابية، بل هي قرارات خدمية في جوهرها لكنها صادفت فترة الانتخابات".
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!