ابحث في الموقع

بينهم مئة مغترب من دول شتى.. مستشفى العطاء في بغداد يعالج (39000) متعاطي من المخدرات

بينهم مئة مغترب من دول شتى.. مستشفى العطاء في بغداد يعالج (39000) متعاطي من المخدرات
بينهم مئة مغترب من دول شتى.. مستشفى العطاء في بغداد يعالج (39000) متعاطي من المخدرات

رغم ان بنايته قديمة وامكانياته محدودة وخبراته وليدة نيف من السنوات الا ان مستشفى العطاء لعلاج الادمان من المخدرات تمكن بجهود عراقية خالصة تكونت من اصرار وعزيمة وحسن توكل على الله وثمرة تشغيل مشترك بين قيادة "سرايا السلام" التابعة للتيار الوطني الشيعي وبين دائرة صحة بغداد الرصافة التابعة لوزارة الصحة، انبرى من خلاله الرجال وتساندهم النساء من الاطباء والتمريضيين والمختبريين وباقي التخصصات الطبية، معهم المرشدين الدينيين والمبلغين واصحاب مهن اخرى، ليشدوا الاحزمة ويتكفلوا بعلاج الشباب ممن انزلقت ارجلهم في طريق آفة المخدرات القاتلة التي دمرت حياتهم وحياة عائلاتهم، وتمكنت خلال ثلاث سنوات من معالجة واعادة تأهيل (39) الف شاب متعاطي ومدمن على المخدرات من مختلف المحافظات العراقية، ناهيك عن آخرون جاؤوا من بلدان شتى من العراقيين المغتربين في الخارج.

علاج كورونا


وقال المعاون الاداري للمستشفى "عامر علي نجم" من دائرة صحة بغداد الرصافة في حديثه مع وكالة نون الخبرية ان" هذا المستشفى اسسه زعيم التيار الوطني الشيعي السيد "مقتدى الصدر" عام (2020) اثناء وقوع جائحة "كورونا" لغرض معالجة المصابين بهذا الفايروس والمحافظة على حياة العراقيين بعد ان اكتضت المستشفيات في العراق بالمصابين، وبالفعل قامت قيادة "سرايا السلام" خلال ايام معدودة بافتتاح المستشفى بخمس طبقات وبطاقة (150) سرير، ووحدة (RCU) بالتعاون مع دائرة صحة بغداد الرصافة التابعة لوزارة الصحة، وما زال التعاون والدعم مستمر بيننا، وقامت "سرايا السلام" بتجهيز النستشفى بالاجهزة والمعدات والاسرة والفرش ومعملين متكاملين لانتاج "الاوكسجين" وكذلك اسطوانات الاوكسجين، وبعد انتهاء الجائحة اهدي احدهما لاحد المستشفيات، وجميع المستلزمات التي يحتاجها المستشفى تتوفر بسرعة، فيما تكفلت وزارة الصحة بتوفير الملاكات الطبية، والتمريضية، والمختبرية، والصيدلية، وتوفير وجبات الطعام للمصابين ومرافقيهم والملاك الطبي والتمريضي، كما تبرع افراد "سرايا السلام" في حينها بتوفير الكثير من ادوات العمل من المنظفات والمعقمات والماسكات والكمامات، وتطوع الكثير منهم لخدمة وعلاج المرضى مجانا وحماية المستشفى واسيجتها ومحيطها والمحافظة على مناطق العزل ومنع الاختلاط بين المصابين والمراجعين، وتوفير الحماية للملاك الطبي، واستمر العمل لمدة سنتين كامليتين تمكنا خلالها من علاج "الاف" المصابين بفايروس "كورونا" من الرجال والنساء والكبار وصغار السن".

علاج الادمان


انتهت جائحة "كورونا" وزال الخطر لكن الهمة لم تنتهي والعزم والاصرار على تقديم الخدمات للمجتمع مستمرة وتمخض عنها تحويل المستشفى الى ناحية اخرى مهمة يقول عنها ان" اسباب عدة ادت الى اصدار السيد "مقتدى الصدر" قرار بتحويل المستشفى الى علاج المدمنين والمتعاطين للمخدرات بعد تحديات كثيرة ادت الى سرعة انتشارها بشكل مخيف وزيادة اعداد المتعاطين وعدم ضبط الحدود لاستهداف الشعب العراقي، وتحول العراق من ممر الى سوق ومستقر، ونحن في جانب الرصافة من بغداد نعتبر مناطق زخم سكاني كبير جدا، وحينها قبل ثلاث سنوات ونصف السنة لم تكن توجد في العراق مصحات نفسية تعنى بعلاج المدمنين على المخدرات، وكان الموجود فقط هو مستشفى الرشاد "الشماعية" المتخصص بعلاج الامراض النفسية والعقلية"، ومع استمرار التعاون المثمر والكبير بين قيادة "سرايا السلام" ووزارة الصحة قامت دائرة صحة بغداد الرصافة بادخال مجموعة من منتسبيها الذين تصدوا لعلاج المصابين بفايروس "كورونا" في دورة تدريبية مكثفة ومتقدمة على علاج الادمان والمتعاطين، واجريت للمتقدمين امتحانات تقييميه وكانت نتائجهم مذهلة ومتقدمة كونهم تقدموا للعمل برغبة وتفاني، وباشر المستشفى بالعمل في شهر حزيران من العام (2022) بافتتاح رسمي حضره وزير الصحة حينها الدكتور "هاني العقابي".


البرنامج العلاجي


باشر الفريق الطبي والتمريضي والساند بعلاج المرضى ويشير الى ذلك بقوله ان" العمل بدأ بحفظ سرية هوية المتعاطي احتراما له ولعائلته وعشيرته كونه مغرر به ومتورط، ونتسلم المتعاطي او المدمن بأنه مريض جاء ليتعالج وليس متهم بأي جنحة او جناية ولا علاقة للجهات الامنية به، وجميع من نستقبلهم جاؤوا بارادتهم وحريتهم والقانون يحميهم من العقاب على التعاطي، وبرنامجهم العلاجي في المستشفى مجاني بالكامل وتتحمل تكاليفه قيادة "سرايا السلام" ووضع من قبل اطباء نفسيين متخصصين ارسلوا للمستشفى من قبل وزارة الصحة يداومون لايام محددة خلال الاسبوع الواحد، كما لدينا باحثين اجتماعيين يعملون ليومين اسبوعيا، ووفرنا برنامج للتوجيه الديني والعقائدي يقدمه طلبة الحوزة الدينية الاجلاء، ووفرنا للمتعالجين ملعب كرة قدم لممارسة الرياضة حيث تأتي في احيان متفاوتة فرق كرة قدم وتخوض مباريات مع فريق المرضى المتعالجين لزرع الثقة في انفسهم لان تعاملنا الاساس معهم انساني بحت وننظر لهم انهم اصدقائنا وابنائنا وليسوا متعاطين، وقاعة للالعاب الرياضية فيها دراجة لممارسة رياضة الجري وادوات الفنون القتالية كون هناك مدربين للفنون القتالية يأتون متبرعين لتدريب المتعاطين على رياضة الفنون القتالية، وطاولة لكرة المنضدة، وكيس للملاكمة، ومبيت المرضى وتكييف القاعات وتزويدهم بالملابس والطعام والشراب، ويبدأ يومهم بتناول وجبة الافطار وتناول العلاج المحدد له من الطبيب المختص، واجراء الكشف الطبي واخذ التحاليل الخاصة به ويخير المريض بين الدخول الى المستشفى والخضوع لبرنامج العلاج او تزويده بالدواء والعلاج وبرنامج يمارسه في البيت بمساعدة عائلته، ثم يمارسون الرياضة، ويستمعون الى محاضرات دينية واخلاقية وتنموية، ويستمر بقائهم في المصحة لمدة اسبوعين الى شهر كامل ثم يخضعون للفحص الطبي لتقرير حالتهم وتقدمها، واذا قرر الفريق الطبي خروجه من المستشفى نبقى نتابع حالته لمدة تتراوح بين (6 ــ 12) شهرا باتصال مباشر وزيارات دورية يقوم بها للمستشفى ببطاقة نزوده بها، ومرضى بغداد زيارتهم اسبوعية، وابناء المحافظات كل اسبوعين لبعد المسافة عليهم، ويخضعون للفحص الطبي والمختبري للتأكد من عدم عودته للتعاطي وبطرق فنية يتعبها الفريق الطبي".

قروض وزارة العمل


ويضيف لقد " وجدنا ان الاعم الاغلب منهم التزم بالعلاج وتحسنت حالتهم وتعافوا خلال ستة اشهر من العلاج، وحاليا الكثير منهم عاد لممارسة حياته الطبيعية، وبالتعاون مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي ساعدتنا في تدريبهم بعد ارسال كتاب رسمي من المستشفى للوزارة وتوفر الشروط التي تنطبق عليهم، حيث تكفلت الوزارة بمنحهم مبالغ مالية اثناء دخولهم في دورات تدريبية لتعلم المهن مثل الحدادة، والنجارة، والحلاقة، والسباكة، وغيرها، وبعد اجتيازهم للدورة بنجاح يقدم على قرض ميسر تمنحه لهم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لافتتاح مشروع عمل، وتتراوح قيمة القرض الممنوح للمتعافي والناجح بالدورة التدريبية من (8 ــ 10) ملايين دينار عراقي، وحاليا يوجد الكثير منهم افتتحوا محال بهذه القروض، وبهذه النهاية انقذنا المتعاطي واعادناه للحياة وانقذنا عائلة كاملة هو مسؤول عنها".

(39) الف متعالج


واوضح ان" المستشفى الذي تصل طاقة الاستيعابية الى (200) سرير تمكن خلال ثلاث سنوات ونصف السنة من معالجة حوالي (39) الف متعاطي ومدمن، وقلة قليلة من الذي دخلوا الى المستشفى تأخر علاجهم وتأهيلهم واصبح على دفعتين بدل دفعة واحدة، بل اصبح المتعافين يستقطبون اصدقائهم ممن غرر بهم للتعافي في المستشفى، لان وسيلة اقناعهم تصبح اقوى من غيرهم والمتعاطين الباقين يثقون بهم، ولم يقتصر عمل المستشفى على علاج العراقيين من الداخل بل لدينا الكثير من العراقيين مغتربين في دول عدة مثل مصر، وتركيا، وبلجيكا، واستراليا، ودول اخرى يصل عددهم الى اكثر من (100) متعاطي جاؤوا الى المستشفى وخضعوا للعلاج وتعافوا بعد معرفتهم بما تقدمه المستشفى من خلال مواقع التواصل الاجتماعي"، مشددا بالقول ان" العراق يحتاج الى مستشفيات اخرى مماثلة لمستشفى العطاء، وعسى ان تلتفت الحكومة لهذا الامر، ولدينا مقترحات مشاريع اخرى نأمل ان تساعدنا الحكومة في تنفيذها مثل تقديم الدعم الاعلامي لعمل المستشفى بما يجعل المتعاطين يقدمون اليه دون تخوف، ونحتاج الى دعم لوجستي اكثر لعدم وجود تخصيصات مالية ولدينا الكثير من النقص في تقديم الخدمات بسبب عدم توفر الدعم، لاسيما مع عدم اقرار الموازنة وقلة السيولة النقدية في السوق، كما نحتاج ورغم جهود دائرة صحة بغداد الرصافة الكبيرة الى رفد وزارة الصحة للمستشفى بملاكات طبية وتمريضية".


رأي طبي


من جانبه اكد مدير القسم الفني في المستشفى الصيدلاني "مصطفى عبد الرزاق" في تصريحه لوكالة نون الخبرية ان" المستشفى وفر ملاكات طبية وتمريضية على قدر مسؤولية علاج وتأهيل المرضى، لان لدينا اطباء متخصصين واطباء مقيمين دوريين، يفحصون ويعاينون المتعاطين حال دخولهم الى المستشفى ويشخصون حالتهم ويمنحهونم العلاج المناسب لها من الصيدلية الاستشارية الخاصة بالمستشفى، ويحددون مدة رقودهم في المستشفى، لان حالات المتعاطين مختلفة منهم في بداية التعاطي وادمانه خفيف يسهل علاجه، وهناك من يتعاطي اكثر من مادة مخدرة يصعب علاجه نوعا ما، وتكون اعراضه الانسحابية صعبة اي تخليه عن التعاطي ليس سهلا، واذا انقطع عنه العلاج تظهر عليه اعراض ويمكن السيطرة عليها بالعلاج او الحجر وقطع المسبب عنه، ونعمل هنا ثلاث اطباء متخصصين بالطب النفسي وستة اطباء مقيمين على مدار (24) ساعة، ورغم ضخامة الاعداد لكن جهود الملاكات الطبية والتمريضة والادارية والساندة كبيرة جدا اعطت تلك النتائج المذهلة في علاج عشرات الالاف من المتعاطين، حيث نركز على احتوائهم نفسيا والتعامل معهم بطريقة لا تشعرهم بالنقص او الخجل ونعيد لهم الثقة بانفسهم، بل انهم يحبون الاطباء ويستجيبون لنصائحهم ويأخذون العلاج اللازم لهم، والكثير منهم يأتون للقائنا والسلام علينا بعدما اعدناه الى الحياة من جديد".

قاسم الحلفي ــ بغداد

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!