بقلم: د. سلام عودة المالكي - وزير أسبق
يعيدنا الانسحاب الأمريكي الحالي من العراق إلى نهاية عام 2011 عندما انسحبت القوات الأمريكية من العراق وفتحت الباب أمام داعش لدخوله وجعله في دائرة الحرب ودوامه الصراعات التي شهدتها المنطقة آنذاك، خصوصاً وأننا نعيش فوضى كبيرة في المنطقة العربية، من سقوط نظام الأسد في سوريا وسيطرة جماعات متطرفة على السلطة هناك، بالتزامن مع توغل عسكري صهيوني على امتداد مساحات واسعة من هذا البلد، إضافة إلى تصاعد التوترات بين الكيان وإيران قد تشعل الحرب مرة أخرى، بينما لا تزال الأحداث في لبنان مستمرة في التعقيد بعد القرار الأخير للحكومة هناك بمشورة أمريكية بنزع سلاح حزب الله ومحاولة إدخاله في أزمة داخلية وخارجية مع تزايد الضغوط الدولية عليه.
من هنا يجب ألّا نغفل عن النشاط الأخير المتزايد للمجاميع الإرهابية قرب الحدود العراقية السورية في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد انهيار الاتفاق وتبادل المناوشات بين السلطة السورية وقسط في عدة مناطق مما ينذر بانزلاق البلاد نحو الأسوأ وصدام أشمل وكذلك النشاط الأمني للعديد من العناصر الارهابية داخل العراق، كما يجب الحذر والانتباه من تسارع وتيرة الأحداث التي قد تشهدها البلاد خلال الفترة القادمة التي قد تعود بنا إلى مرحلة الحرب مع داعش عام 2014 وما تركته من تداعيات وآثار لا زالت قائمة إلى يومنا هذا بالرغْم من استقرار الوضع الأمني نسبياً مع وجود صمام الأمان الحشد الشعبي الذي يسيطر على أكثر المناطق أهمية بالنسبة إلى نشاط الجماعات الإرهابية الداعشية وغيرها.
إن القرار الأمريكي الأخير هو الحل الأمثل للعراق لبناء قواته العسكرية والأمنية دون الاعتماد على أي طرف خارجي ومسك زمام الأمور على الأرض ومنع عودة أي تدهور أو توتر من شأنها ضرب الاستقرار الداخلي مع ضرورة عدم التهاون في اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة المواطنين مع قرب الانتخابات البرلمانية المقبلة التي قد تستغل لإشعال فتيل أزمة غير متوقعة، وكذلك مراقبة ما يجري في المنطقة من تغييرات جيوسياسية مهمه مع إعلان الكيان عن نيته تنفيذ مشروع إسرائيل الكبرى الذي يستهدف دول عدة، إضافة إلى التهديدات المستمرة في شن حرب جديدة على إيران قد تأتي تداعياتها على العراق الذي ليس بمنأى عنها.
فالإدارة الأمريكية وبمعيه كيانها اللقيط بدأت بإعداد العدة لتغيير كبير في المنطقة العربية وإيران بل حتى تركيا ليست بمأمن منها وأخذت بإشعال الحروب والفتن الداخلية من أجل السيطرة وسلب ثرواتها ومقدرتها الاقتصادية وتغيير الخرائط وإزالة دول وأنظمة حكم مع تواطؤ بعض حكومات المنطقة في هذا المشروع المشؤوم. إن القادم شديد الخطورة دون أدنى شك، والاستعداد والترقب وأخذ الحذر والعبرة من الماضي القريب قد يجنبنا الكثير من الأزمات والكوارث التي لا يمكن تلافي آثارها وانعكاساتها السلبية.. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!