ابحث في الموقع

هل بدأت إبادة العراقيين عطشاً بعد قطع تركيا مياه الرافدين ؟!

هل بدأت إبادة العراقيين عطشاً بعد قطع تركيا مياه الرافدين ؟!
هل بدأت إبادة العراقيين عطشاً بعد قطع تركيا مياه الرافدين ؟!

بقلم: علاء اللامي

قبل ربع قرن تقريباً، قال الراحل هادي العلوي: إذا سمح العراقيون لتركيا بتنشيف أو إزالة دجلة والفرات من الوجود فسيكونون أهون على الله من بعوض المستنقعات !

لطالما حذر المتخصصون بهايدروليكا المياه والسدود ومعهم بعض الكتاب والمثقفين الوطنيين العراقيين غير المتخصصين منذ ثمانينات القرن الماضي من خطورة المشروع التركي لمصادرة مياه الرافدين خلف شبكة هائلة من مئات السدود مختلفة الأحجام.

ودعوا الدولة العراقية إلى اتخاذ موقف حازم يعتمد القانون الدولي الضغط الاقتصادي بما لدى العراق من أوراق قوة تجارية واللجوء لتدويل مشكلة احتجاز مياه النهرين في تركيا وقطع روافد دجلة من قبل إيران حتى الوصول مع الدولتين إلى اتفاقيات ملزمة بحصص عادلة للعراق من مياه أنهاره. ولكن دون جدوى، بل وبلغت الكارثة ذروتها مع قيام حكم المحاصصة الطائفية الذي جاء به الاحتلال الأميركي، وأصبحت حصة العراق من مياه أنهاره تعطى من قبل تركيا مقابل تبادل تجاري لمصلحتها بلغت 20 مليار دولار سنويا تقريبا بل ورفضت تجديد اتفاقية مرور النفط العراقي عبر الأنابيب في تركيا مطالبة بمضاعفة المبالغ التي تأخذها مقابل هذا المرور عدة أضعاف.

إضافة إلى السكوت الحكومي العراقي المشين عن احتلال تركيا لعدد من المناطق داخل الأراضي العراقية واعتداءاتها المتكررة على البلدات العراقية بتواطؤ مفضوح مع الإقطاع السياسي الكردي – جناح البارزانيين وبعض العوائل الموصلية العميلة تاريخيا لتركيا كعائلة النجيفي، وإقامة قواعد عسكرية لها فيها والامتناع عن تدويل هذه الكارثة والاحتكام إلى المحاكم والهيئات الدولية واستعمال الورقة الاقتصادية بالتهديد بوقف الاستيراد من تركيا.

كانت الأوراق الضاغطة التي بحوزة العراق كثيرة ولكنها تآكلت بمرور الوقت وبسبب جبن حكام بغداد الطائفيين واستخذائهم للأجنبي، واليوم ومع خطر تفاقم الكارثة وبلوغها مستوى فقدان مياه الشرب ما يهدد حياة ملايين العراقيين (في وقت تجاوز عدد سكان البلاد الأربعين مليون نسمة).

لا يمكن مواجهة الكارثة المحدقة من قبل هذا النظام التباع العاجز الفاسد الذي فرَّط بأراضي العراق ومياهه الإقليمية جنوبا ولذلك سيكون من واجب العراقيين الاستقلاليين والحريصين على حياة شعبهم تفكيك هذا النظام وإقامة نظام وطني مستقل ينقذ العراق مما حل به ومما سيحل به قريبا مع فقدان مياه الشرب والبدء بوضع استراتيجية إنقاذية شاملة لمواجهة سدود تركيا ومشاريع إيران المائية وضمان حصة رسمية وثابتة من مياه النهرين وفق الاتفاقية القانونية الدولية المسماة: اتفاقية قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية (Convention on the Law of Non-Navigational Uses of International Watercourses) هي وثيقة أقرتها الأمم المتحدة في 21 مايو 1997 تتعلق باستخدامات والحفاظ على كل المياه العابرة للحدود الدولية، بما فيها المياه السطحية والمياه الجوفية. وسبق أن شرحها كاتب هذه السطور في عدة مقالات، وفي كتاب صدرت طبعته الأولى سنة 2012 والثانية سنة 2024، ودعا الدولة العراقية إلى اعتمادها في الدفاع عن مياه الرافدين ولكن الفاسدين لا يأبهون للرافدين ومياه الرافدين طالما يتوفر في بيوتهم ومكاتبهم قناني المياه المستوردة من الإمارات والسعودية وبلدان صحراوية أخرى !

إن الخبر الصادر عن وزارة الموارد المائية العراقية والذي يفيد بأن الخزين المائي الكلي في العراق لم يتبق منه إلا 8%، ولا ندري إن كان المقصود من جملة مياه الخزين في البحيرات والخزانات خلف السدود أم من الخزين الحي من مياهها، وفي كلتا الحالتين فهذا يعني إننا دخلنا فعلا في قلب كارثة العطش والإبادة. هذا الخبر – الحدث الجسيم لو حدث في بلد آخر لأعلنت حالة الطواري القصوى والاستنفار الشامل.

إن على حكومة السوداني الهزيلة المستكينة أن تنتبه لخطورة المرحلة التي يمر بها العراق وشعبه وتنشغل قليلا بهذا الخطر وعلى رئيسها أن تخفف قليلا من لهفته للولاية الثانية ومن اهتمامه بالانتخابات القادمة وينشغل بما هو أهم ألا وهو حياة أكثر من أربعين مليون نسمة. إن على هذه الملايين وطلائعها من الشباب أن تتحرك وتواجه الحكومة بمطالبها ولا تنتظر الموت عطشا وتنزح من منطقة إلى أخرى وإلا فهي تستأهل كل ما سيحصل لها من تعطيش وإبادة دونما مقاومة.

المقاومة دفاعا عن الحياة وعن الرافدين أصبحت خيارا لا بد منه وقد تكون بدايتها الصحيحة والفعالة بمقاطعة شاملة لكل البضائع والمؤسسات التركية فمن تركيا فسوريا تأتي حوالي 65 بالمئة من مياه الرافدين وهي الأولى بالمقاطعة أما من إيران فتأتي 11.7 بالمئة ولا بد أيضا من اتخاذ موقف رسمي حازم منها، وما تبقى من روافد دجلة داخل العراق.

قبل أكثر من ربع قرن قال الراحل هادي العلوي نبوءته المأساوية:

إذا سمح العراقيون لتركيا بتنشيف أو إزالة دجلة والفرات من الوجود فسيكون أهون على الله من بعوض المستنقعات!

فهل ستصدق هذه النبوءة على أرض الواقع وتتطلخ جباه الحكام وخصوصا الساسة الشيعة بعار زوال الرافدين وموت العراقيين عطشا فيكونون أهون على الله من كل طغاة الأرض وبعوضها؟!

الصورة لسدة البدعة على نهر الغراف. وهو أقدم نهر اصطناعي في العالم شقه الرافدانيون العراقيون القدماء قبل أكثر من أربعة آلاف وثلاثمائة سنة في عهد الملك السومري أنتيمينا بن إيانا توم الأول، ملك مدينة لكش الجنوبية (حكم هذا الملك في فترة 2400 ق م)، وهو ملك من سلالة لكش الأولى”، أي أنه نهر حيٌّ عمره 43 قرناً ولكن لم يحافظ عليه العراقيون في زمن حكام الطوائف العملاء للأجنبي حيث تحول إلى مستنقع آسن وهو الذي كان يروي عطش قرى وبلدات ومدن محافظتي ذي قار والبصرة.

 

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!