ابحث في الموقع

سدود تركيا تحجب مياه دجلة والفرات والعراق أمام اختبار أوراقه الثلاث

سدود تركيا تحجب مياه دجلة والفرات والعراق أمام اختبار أوراقه الثلاث
سدود تركيا تحجب مياه دجلة والفرات والعراق أمام اختبار أوراقه الثلاث

لم يفلح العراق منذ منتصف القرن الماضي بوضع حلول نهائية لأزمة المياه المتكررة، حتى باتت ورقة ضغط بيد دول المنبع، وتحديدا تركيا، لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية عبر التحكم بتدفق المياه إلى البلاد.

ومع تباين التصريحات حول التزام تركيا بالاطلاقات المائية التي بدأت فيها الشهر الماضي، لمساعدته في تجاوز أزمة شح المياه التي بدأت تؤثر على الحياة في عدد كبير من المحافظات، أكدت لجنة الزراعة والمياه النيابية، أن بغداد تمتلك ثلاث أوراق للتحرك خارجيا من أجل استعادة حقوقها المائية من أنقرة.

وتحبس الدولة التركية بواسطة سد إليسو مياه نهر دجلة، فيما تحجب مياه نهر الفرات بواسطة سد أتاتورك حادة من تدفقه إلى الأراضي السورية منذ أكثر من عامين، حيث انخفض منسوب مياه الفرات في العراق إلى مستويات تاريخية، ما أثّر على حياة الملايين من السكان في البلاد.

وقال عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية ثائر الجبوري، إن “هناك سلسلة من القوانين الدولية تحدد مسارات واضحة لإنصاف الدول التي تقع على الأنهار المشتركة بين دول المنبع والمصب، بما يضمن حصولها على حصص عادلة”.

وأضاف، أن “أنقرة لم تفِ بوعودها بزيادة الإطلاقات المائية في نهري دجلة والفرات طوال المرحلة الماضية، الأمر الذي أوصل العراق إلى مرحلة حرجة جدا في ملف الأمن المائي”، مبينا أن “أمام بغداد ثلاث أوراق يمكن أن تتحرك من خلالها على الصعيد الدولي، وهي الأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية، والتحكيم الدولي، وصولا إلى المنظمات الإقليمية والإسلامية التي تمتلك أدوات ضغط يمكن عبرها تسليط الضوء على أزمة شح الإطلاقات المائية من تركيا باتجاه العراق”.

وأشار الجبوري إلى أن “العراق لا يطالب إلا بحقوقه المشروعة في الحصول على حصص عادلة من مياه نهري دجلة والفرات اللذين يشكلان أكثر من 70% من احتياجات المحافظات العراقية”.

ويوفر العراق نسبة 70 بالمئة من إيراداته المائية من خارج الحدود، حيث تسعى الحكومة إلى التنسيق مع دول أعالي الأنهار بشأن الإيرادات.

وكانت النائبة عن كتلة تيار الفراتين رقية النوري، قد كشفت في 7 آب الجاري، عن نزوح 24,500 عائلة داخل العراق بسبب الجفاف والتغيير المناخي، مشيرة إلى أن الحكومة وضعت 6 معالجات لتقليل موجة النزوح في الجنوب.

ويعد التغيّر المناخي أحد أبرز التحديات التي تواجه العراق، إذ يسهم بشكل كبير في ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم الجفاف، نتيجة الانخفاض الحاد في منسوب المياه الواردة إلى نهري دجلة والفرات من تركيا وإيران المجاورتَين، اللتين تعانيان بدورهما من آثار التغيرات المناخية، فيما يفاقم هذا الواقع التحديات البيئية والصحية والإنسانية التي يواجهها العراق، ما ينذر بكوارث وشيكة تمس مختلف مناحي الحياة، لا سيما أن العام الحالي يُصنف الأكثر جفافاً منذ نحو ثمانية عقود، وفقاً لتقديرات خبراء.

ويشتكي العراق منذ سنوات من السياسات المائية غير العادلة التي تنتهجها تركيا، عبر بناء العديد من السدود على نهر دجلة ما تسبب بتراجع حصصه المائية، وأيضا إيران، من خلال تحريف مسار أكثر من 30 نهرا داخل أراضيها للحيلولة دون وصولها إلى الأراضي العراقية، بالإضافة إلى ذلك، فاقمت مشكلة الجفاف وقلة الأمطار خلال السنوات الأربع الأخيرة من أوضاع البلاد البيئية والزراعية.

وكانت السلطات العراقية أعلنت مطلع الشهر الماضي، عن موافقة تركيا على رفع إمدادات العراق من المياه بواقع 420 مترا مكعبا في الثانية الواحدة، لمساعدته في تجاوز أزمة شح المياه التي بدأت تؤثر على الحياة في عدد كبير من محافظات البلاد، إلا أن ذلك قوبل بانتقاد واسع لما تضمنه من مقايضة الماء بمشاريع طريق التنمية، فضلا عن كونه لشهرين فقط (تموز وآب).

وقال وزير الموارد المائية، عون ذياب عبد الله، مؤخرا، إن تركيا لم تنفذ حتى الآن التصاريف المتفق عليها سابقا والمحددة بـ420 مترا مكعبا في الثانية لشهرَي تموز وآب، مبينا أن مجموع الإطلاقات المائية من تركيا وسوريا باتجاه العراق تبلغ 353 مترا مكعبا في الثانية فقط، وهو أقل بكثير من الحاجة الفعلية المقدرة بـ600 متر مكعب لنهرَي دجلة والفرات.

وذكر عضو لجنة الزراعة النيابية، ثائر الجبوري، في 3 تموز الماضي، أن الإطلاقات الحالية من تركيا لا تمثل سوى 15 بالمئة من الكميات المتفق عليها مع العراق خلال فصل الصيف، مؤكدا أن الأمن المائي في العراق يمر بمرحلة حرجة جدا.

وأجرى العراق وتركيا خلال السنوات الماضية الكثير من المفاوضات بشأن حصة البلاد العادلة من المياه، إلا أن نتائجها غالبا ما تكون مؤقتة أو مرتبطة بظروف سياسية، دون التوصل إلى اتفاقية ملزمة بشأن الحصص المائية، حيث تزداد المشكلة تعقيدا مع غياب سياسة مائية وطنية متكاملة، وتراجع الاستثمارات في تحديث شبكات الري والزراعة، إضافة إلى الهدر الكبير في استخدام المياه.

وتُعد مناطق الجنوب والفرات الأوسط الأكثر تضررا، حيث بدأت تظهر تداعيات الجفاف بشكل واضح من خلال الهجرة القسرية للسكان، وانخفاض الإنتاج الزراعي، وتهديد مصادر مياه الشرب.

وعلى الرغم من محاولات العراق الحثيثة لمعالجة ملف المياه، وآخرها زيارة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني إلى أنقرة ولقاؤه مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلا أن تلك الجهود لم تنجح حتى اليوم في إنهاء هذه الأزمة.

ويُعد ملف المياه في العراق من أبرز التحديات المزمنة التي تواجه البلاد، خصوصا في المناطق الجنوبية التي تعتمد بشكل رئيسي على الزراعة كمصدر للرزق.

وكشفت لجنة الزراعة والمياه النيابية، في 23 حزيران الماضي، عن تراجع الإيرادات المائية في نهري دجلة والفرات إلى مستوى دون 50 بالمئة، فضلا عن انخفاض الخزين المائي في السدود الى النصف ايضا، داعية رئيس الوزراء، محمد السوداني لتفعيل الورقة التجارية للضغط على تركيا.

ووفقا لتقرير صادر عن منظمة البنك الدولي، أنه بحلول العام 2040، سيكون العراق بحاجة إلى 233 مليار دولار، كاستثمارات للاستجابة إلى حاجاته التنموية الأكثر إلحاحا، فيما هو بصدد الشروع في مجال نمو أخضر وشامل، أي ما يساوي نسبة 6 بالمئة من ناتجه الإجمالي المحلي سنويا.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!