تعتبر منطقة "الجعيفر" من اقدم مناطق بغداد وتقع في مركزها حيث تجاور مناطق الرحمانية وعلاوي الحلة وشارع حيفا، ويتميز اهلها باخلاصهم للنبي محمـد وأله الاطهار، واحيائهم لشعائرهم في الاحزان والافراح، وقد بنى اجدادهم حسينية في مدينة كربلاء المقدسة منذ (88) عاما لتكون مقرا لهم لتقديم الخدمة لزائري ابي عبد الله الحسين (عليه السلام) على مر العقود من الزمن، ورغم تعرضها الى الهدم من قبل الملعون المقبور "حسين كامل" بأمر من الطاغية المقبور في العام (1991) الا ان اهالي الجعيفر تمكنوا من استرداد حقهم بملكيتها بعد زوال النظام الدكتاتوري واعادة بنائها واستمروا على نهج اجدادهم وابائهم الى الآن يخدمون زوار الاربعينية.
تاريخ خدمة ناصع
يستذكر مسؤول الحسينية "جاسم سعيد مجيد الجعيفري الشمري" في حديثه لوكالة نون الخبرية تاريخ الخدمة الحسينية في عموم منطقة الجعيفر وخصوص الخدمة في الحسينية قائلا ان" الحسينية تأسست في العام (1937) من قبل الاهالي الساكنين في محلة الجعيفر الاولى، وفي مقدمتهم جدي "مجيد الحسين"، والحاج "عباس العلاوي"، و "فاضل المختار"، واغلب الوجهاء من اهالي الجعيفر القدماء، وكانوا في ثلاثينيات القرن الماضي اصحاب "سكلات" تستقبل وسائط النقل "الدوبة" وتفرغ فيها الحصران والخشب، ويخرجون جزء من ارباح عملهم اموال ويجمعوها في صندوق لاجل شراء هذه الحسينية، وتمكنوا بتكافلهم من بناء هذه الحسينية، للتخلص من مبالغ الاستئجار السنوية كونهم كانوا يأتون قبل هذا التاريخ الى كربلاء ويستأجرون بيوتا لتقديم الخدمة في الاربعينية ومحرم، وكانت مفروشة بالحصير المصنوع من الخوص والبواري، وتقع بقربها ساقية ماء وبساتين، وكانوا قبلها يحيون شعائر الحسين (عليه السلام) بالمحاضرات الدينية ومجالس اللطم والعزاء والخدمة الحسينية للمشاركين لمدة شهر كامل في شهر محرم في حسينية اهالي الجعيفر الموجودة بالمنطقة وتعلمنا منهم الاستمرار بها الى الآن، ومثلما علمني والدي وتعلم هو من جدي فجميع الموجودين الآن توارثوها من عائلاتهم، ودأبنا قبل حلول عاشوراء برفع الرايات وننشر السواد على الحسينيات والبيوت في الشوارع ونتهيأ لموسم العزاء الحسيني" ونعلن العزاء ونقيمه لأربع ساعات يوميا ونسير مواكب الزنجيل والطبول ونتبادل الزيارات مع مواكب الشواكة والكاظمية".
لم نترك الحسين
يتذكر "الشمري" امر وزارة الداخلية التي كان يديرها الملعون "عزة الدوري" بمنع الشعائر وبدايتها بتنزيل الاعلام والرايات الحسينية من الجوامع والبيوت وبالفعل جاءت الشرطة وامرتنا بإنزال الاعلام، وتصادم معهم شباب المنطقة وابعدوهم، لكن بعدها وخاصة بعد اعدام السيد الشهيد "محمـد باقر الصدر" واخته العلوية "بنت الهدى" استخدم النظام المقبور القسوة والسجن والاعدام لمن يخالف، وتبعها نشوب الحرب العراقية ـ الايرانية، فسيطر النظام المقبور بشكل تام واصبح من المحال اقامة الشعائر، ولكننا لم نترك الحسين (عليه السلام) وكنا نعقد مجالس العزاء بشكل ضيق في بيوتنا لا يتعدى حضور (10 ــ 20) معزي ونقيم حتى مجالس اللطم، كما دأبت نسائنا على اقامة المجالس العزائية النسوية، ونطبخ في البيوت ونوزع علنا تحديا للنظام، لانهم يعرفون بيتنا حسيني، اما في كربلاء فنأتي في الاربعينية بشاحنات "لوريات" ونردد هتافات "اهل الجعيفر والنعم راياتكم منشورة....غصبا على خشم العده قبر الحسين نزوره"، ونجلب معنا كل مستلزمات اقامة الموكب والمعدات والمواد الغذائية، ونبيت يومان ثم ننزل بموكب مهيب تعداده (37) كردوس كل كردوس يبلغ عدد المعزين فيه من (150 ــ 200) معزي، ونقيم العزاء في ضريح ابي عبد الله الحسين واخيه ابي الفضل (عليهم السلام)".
الهدم واعادة البناء
ويستذكر الامور التي جرت خلال التسعينيات بعد الغزو الصدامي للكويت وبعد سقوط الطاغية وانفراج الامور في العام (2003) قائلا "بعد انتهاء حرب غزو الكويت أمر الطاغية بتهديم وتفجير الحسينيات في كربلاء المقدسة وكان من بينها حسينية اهالي الجعيفر، واشرف على تهديمها المقبور المجرم "حسين كامل"، وبيعت بالمزاد العلني وبعد زوال النظام الدكتاتوري احيلت قضيتها الى دعاوى الملكية، وكوننا نملك كل متعلقاتها من سندات الملكية وغيرها تمكنا من استرداها بقرار قضائي من المحكمة المختصة بعد ثلاثة اشهر من اقامة دعوى على وزارة المالية، وحفزنا اهالي الجعيفر والاقارب والاهل لجمع التبرعات لبنائها وتمكنا من جمع (17) مليون دينار مكننا من بناء الهيكل فقط، وعام بعد آخر وبجمع التبرعات اكملنا بنائها، وفي العام (2009) وفي فصل الشتاء والبرد اعدنا الخدمة في الحسينية وهي ما زالت هيكل بناء بدون كهرباء، وجئنا بنسائنا ورجالنا بشاحنات الى كربلاء كما كان يفعل أجدادنا وآبائنا، واحيينا الشعائر لمدة خمسة ايام في الاربعينية، ووصلنا الى الوقت الحالي حيث نجتمع نحن الاقارب والمعارف قبل حلول محرم الحرام والاربعينية ونجمع المبالغ لتقديم الخدمة المتضمنة ثلاث وجبات في الفطور الصباحي وفيه الشوربة والبيض والحليب والشاي والماء البارد الذي لا ينقطع ليلا ولا نهارا، وفي الغداء تمن ومرق ولحم، والتشريب بعد ان نحرنا ثلاث عجول نطبخ منها يوميا (100) كيلوغرام، وفي العشاء نقدم المشويات مثل الكباب، والشاورما، والكبة، والمخلمة، وكنا نأتي بشاحنتين فقط، والان اصبح عدد الخدام اضعاف مضاعفة، كما نفسح المجال لزائرين عراقيين وايرانيين للمشاركة بتقديم الخدمة".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي








التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!