أكد العراق رفضه القاطع للخطة التي أعلنت عنها حكومة نتنياهو ودعا المجتمع والمنظمات الدولية للوقوف بوجه الإجرام الصهيوني الممنهج. وأصدرت وزارة الخارجية في وقت سابق، بياناً أدانت فيه الخطة التي أصدرها الكيان الصهيوني وتهدف لاحتلال غزة بالكامل, عادة أن هذه الخطة تأتي امتداداً لسياسة التجويع والتهجير والقتل الجماعي التي يمارسها الاحتلال بحق المدنيين الأبرياء في غزة، والتي تعد جرائم حرب تستوجب المحاسبة الدولية، داعية المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والإنسانية، ووقف هذه الانتهاكات فوراً.
موقف برلماني
رئيس كتلة "النهج الوطني" النائب أحمد طه الربيعي، أكد من جهته رفضه القاطع لما وصفه بـ"الخطة الصهيونية لإعادة الاستيطان في قطاع غزة"، معتبراً أنها "مشروع ميت قبل أن يُولد".
وقال الربيعي في حديث لـ"الصباح": إن "مثل هذه المخططات الشيطانية تصطدم بوعي شعبي ووجدان إنساني متجذر، وتأتي في سياق محاولات يائسة لإعادة إنتاج مشاريع استعمارية تجاوزها الزمن"، مشدداً على أن "الأرض قد تُحتل بالقوة، لكن الهوية والانتماء والذاكرة الجماعية لا يمكن انتزاعها، لا سيما في زمن أصبحت فيه الكلمة والصورة أقوى من الرصاصة".
وأضاف، أن "مجلس النواب، ومن خلال مواقفه الرسمية والنيابية، يقف إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني وحقه المشروع في تقرير مصيره"، محذراً من "تبعات السكوت الدولي عن جرائم الاحتلال ومحاولاته لتغيير الواقع الديموغرافي والسياسي في غزة".
وكان رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، أصدر أمس الأول السبت، بياناً أدان فيه ما وصفه بـ "الخطة الإجرامية" التي أعلنها الاحتلال الصهيوني للسيطرة الكاملة على قطاع غزة وتجويع سكانه، معتبراً ما يجري من قتل وتهجير قسري بحق أكثر من مليوني إنسان أعزل "وصمة عار على جبين الإنسانية".
وذكر المشهداني في بيان، أن "دماء الأطفال والنساء والشيوخ تهتف للعالم بالحق والعدالة وتعرّي صمته المخزي"، مشدداً على أن "ما يجري يمثل انتهاكاً صارخاً لكل القوانين والمواثيق الدولية واعتداء همجياً يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية وجرائم الحرب".
وهم أمني
رئيس مركز "الشرق للدراسات الاستراتيجية والمعلومات" في هولندا، علي مهدي الأعرجي، يرى أن الخطة الصهيونية الهادفة إلى إعادة الاستيطان في قطاع غزة بعد الحرب، "لا تعدو كونها وهما سياسيا وأمنيا، وليست مشروعًا واقعيًا قابلًا للتنفيذ".
الأعرجي قال لـ"الصباح": إن "منطق هذه الخطة يقوم على فرضيات عفا عليها الزمن، من بينها إمكانية استبدال الشعب، أو الاستحواذ على الأرض بالقوة"، وأضاف أن :هذا النوع من التفكير ربما وجد مساحة في الماضي، بفعل ضعف الوعي الشعبي، ومحدودية الإعلام، وغياب الإرادة الدولية في محاسبة المعتدي؛ أما اليوم، فقد تغيّر الواقع بشكل جذري".
وأشار إلى، أن "المواطن الفلسطيني لم يعد كما كان قبل سبعين عامًا أو حتى عقدين، بل أصبح جيلًا جديدًا يتمتع بوعي سياسي وفكري، يمتلك أدوات إعلامية ومنصات تواصل قادرة على تحويل محاولات طمس الهوية إلى فضائح عالمية".
وشدّد الأعرجي، على أن "الرفض الفلسطيني لم يعد محصورًا في المقاومة المسلحة، بل أصبح مقاومة شاملة – فكرية، سياسية، وإعلامية – تُسقط أي محاولة لفرض واقع استيطاني في غزة، وتحوّلها إلى مشروع خاسر من بدايته"، وأضاف أن "حتى على المستوى الرسمي، فإن الدول العربية والإسلامية، رغم تباين مواقفها، لا تستطيع علنًا دعم أي خطة استيطانية جديدة في ظل ما تشهده غزة من مجازر متواصلة".
فيما قال الخبير في الشؤون الأمنية والسياسية، الدكتور مخلد حازم، في حديث لـ"الصباح": إن "ما يحدث اليوم هو جزء من المخططات التي يتجه إليها نتنياهو، خاصة بعد تصاعد الضغوط الداخلية عليه في الكيان الصهيوني، نتيجة قضية الأسرى الصهاينة، والفيديوهات التي بثها مقاتلو (حماس) والتي تُظهر الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأسرى، بما في ذلك عدم توفر الطعام واحتمالية وفاتهم"، وبيّن أن "هذه المعطيات أثرت في الشارع الداخلي الصهيوني، وأدت إلى تصاعد الغضب الشعبي، وهو ما يحاول نتنياهو تفاديه عبر إغلاق جميع المنافذ التي قد تؤدي إلى نهاية الحرب".
وأضاف، أن "نتنياهو يعمل على إطالة أمد الحرب، لأن نهايتها قد تقوده إلى المحاكمة وربما تنهي مستقبله السياسي. لذلك، يسعى جاهداً لتحقيق ما يمكن تسويقه كـ(نصر)، لإرسال رسالة إلى الداخل الصهيوني مفادها أنه ما زال ممسكاً بزمام
الأمور".
وتابع: "الجميع يلاحظ عودة مقاتلي (حماس) إلى النشاط من خلال تنفيذ عمليات نوعية تعتمد على أسلوب الكر والفر، والاستدراج والتكتيك الميداني، بما في ذلك أسر جنود وإيقاع إصابات في صفوف القوات الصهيونية، كما حدث مؤخراً في بيت حانون وجباليا وبعض المناطق التي كانت القوات الصهيونية تسيطر عليها ظاهرياً، إلا أن خطط المقاتلين أجبرتهم على الانسحاب التدريجي منها".
وأشار إلى، أن "ما وصلت إليه المفاوضات في النهاية، ورفض (حماس) للشروط الصهيونية، أدى إلى اتخاذ قرار باحتلال ليس فقط مدينة غزة، بل كامل قطاع غزة، وهو ما يشكل تهديداً خطيراً لكل من الأردن ومصر والدول المجاورة، ويمثل بداية مرحلة جديدة مختلفة في الصراع".
وحذّر مخلد من أن "استمرار هذا التصعيد قد يؤدي إلى فتح جبهة جديدة في جنوب لبنان، في حال رفض حزب الله نزع سلاحه، ما قد يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي ويُدخل المنطقة في دائرة أوسع من المواجهات".
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!