لم يمض شهر على إحالة المتسببين بحادثة وفاة طلبة الكلية العسكرية الرابعة في ذي قار إلى المحاكم العسكرية، حتى عادت القضية إلى الواجهة من جديد، بعد الموافقة على استقالة رئيس الأكاديمية العسكرية، المعفي من مهامه، الفريق ناصر الغنام، لغرض خوض السباق الانتخابي، رغم اتهام الأخير بالتورط في القضية.
وجاء في وثيقة نشرتها صحيفة "العالم الجديد"، أن الفريق الركن ناصر الغنام، قدم استقالته من الجيش العراقي، وذلك بسبب ترشحه واشتراكه في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وبحسب الوثيقة، فإن الغنام لم يروج طلب استقالته عن طريق رئاسة أركان الجيش، بل عن طريق وزارة الدفاع، وقد ذيل طلبه، الذي تمت الموافقة عليه، لغرض الاشتراك بانتخابات مجلس النواب.
وصادق رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في 21 حزيران الماضي، على إحالة المتسببين بحادثة وفاة طلبة الكلية العسكرية الرابعة إلى المحاكم العسكرية.
وبدأت القضية عندما تعرض 80 طالبا من الدورة 89، في 21 آيار الماضي، لحالات إغماء وإرهاق شديد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، والجهد البدني، ما أدى إلى وفاة طالبين، فيما نُقل المصابون إلى المستشفى لتلقي العلاج، بينهم حالات حرجة.
وقرر رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، على اثر ذلك، إعفاء رئيس الأكاديمية العسكرية الفريق الركن ناصر الغنام، ومعاونه، وعميد الكلية العسكرية الرابعة، وآمر الفوج المسؤول، بالإضافة إلى سحب أيديهم من العمل فورا، كما وجه السوداني بتشكيل مجلس تحقيقي عاجل لمحاسبة المقصرين، وكشف ملابسات الحادثة بشكل دقيق.
وقد أثارت الحادثة موجة من الاستياء في الأوساط الشعبية والرسمية، وسط مطالبات بضمان سلامة الطلاب، وتوفير ظروف تدريبية وإنسانية ملائمة في المؤسسات العسكرية.
الجدير بالذكر أن النتائج النهائية للجنة التحقيق بالحادثة لم تعلن حتى الآن (وقت كتابة الخبر).
وأكد عضو لجنة الامن والدفاع النيابية، أسكندر وتوت، في 25 آيار الماضي، أن المتورط الرئيسي بحادثة وفاة طلبة الكلية العسكرية الرابعة في محافظة ذي قار، هو الفريق الركن ناصر الغنام، بسبب أن "الأخير أعطى أوامر عسكرية بإبقاء الطلبة تحت أشعة الشمس أكثر من الوقت المحدد، ورفض طلب آمر الكلية بسحبهم".
وبحسب تقارير طبية، فإن “حالة الطلاب في الكلية العسكرية الرابعة في محافظة ذي قار البالغ عددهم 75 طالبا، بعد نقلهم للمستشفى تبين بوضوح انخفاض ضغط الدم والتقيؤ وفقدان الوعي وصعوبة التنفس”، حسبما ذكرته الصحيفة.
وكشفت التحقيقات الأولية بحادثة وفاة وإصابة طلاب الكلية العسكرية الرابعة بوعكة صحية، أنهم تعرضوا إلى أشعة الشمس المباشرة لعدة ساعات، مع نفاد مياه الشرب لديهم.
وتعالت الأصوات داخل البرلمان وخارجه، متهمة الفريق ناصر الغنام بـ”الفشل الإداري والإهمال الجسيم” في إدارة الأكاديمية، حيث غابت أبسط معايير السلامة خلال تدريب الطلبة، ما يُعد انتهاكا صارخا للضوابط العسكرية والإنسانية، حتى أن لجنة الأمن والدفاع البرلمانية طالبت بمراجعة آلية التدريب في الكليات العسكرية، لضمان سلامة المتدربين ومنع تكرار هذه الكوارث.
ووفق مراقبين، فإن حادثة وفاة الطالبَين ليست مجرد خطأ فردي، بل مؤشر خطير على خلل مؤسسي يتطلب إصلاحا جذريا في منظومة التدريب العسكري بالعراق، فلا يكفي إعفاء المسؤولين، بل لا بد من تغيير الثقافة الإدارية التي ما زالت تعتمد على القسوة والانضباط “الأعمى”، دون مراعاة لكرامة الإنسان وسلامته.
وقرر رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، في 24 آيار الجاري، تعيين الفريق البحري الركن، أحمد عمران الجنابي، رئيسا للأكاديمية العسكرية خلفا للفريق الركن، ناصر الغنام الذي أقيل من منصبه.
وتسلم الجنابي خلال مسيرته العديد من المناصب في وزارة الدفاع، حيث تولى سابقا مهام عميد كلية الدفاع الوطني في جامعة الدفاع للدراسات العسكرية، وأسند إليه لاحقا مهام رئيس أكاديمية الخليج العربي في البصرة.
وتعد هذه الحادثة هي الأولى من نوعها تسجل في الكلية العسكرية، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة بشأن نوع التدريبات التي يتلقاها الطلاب والغذاء، ومدى مناسبة الأجواء المحيطة بهم أثناء التدريب.
يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه البلاد إلى إجراء انتخابات تشريعية في 11 تشرين الثاني المقبل، وسط سباق محموم بين القوى والأحزاب السياسية.
وتعد الانتخابات العراقية القادمة، من أكثر الدورات تعقيدا منذ سنوات، بحسب العديد من المراقبين، حيث بات العراقيون يواجهون العديد من المشكلات في اختيار ممثليهم، في ظل ارتفاع أعدادهم، ووجود المال السياسي، الذي يعيق فوز المستقلين.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!