لم يتبق سوى أربعة أشهر على انتهاء العام الحالي، وما زالت الموازنة الاتحادية حبرا على الورق لم يتم تنفيذها ولا صرف أموالها لغاية الآن، رغم تحذيرات المختصين بفقدان الثقة بقدرة الحكومة على الإدارة المالية ويتسبب بإرباك اقتصادي واستثماري وسياسي أيضا.
وفي هذا الإطار، كشف النائب السابق فيصل العيساوي، عن ثلاثة أسباب وراء تأخير إقرار موازنة 2024، مؤكداً ان الحكومة تجاوزت جميع المدد الدستورية والقانونية.
يشار إلى أن جداول موازنة 2024 جاءت من الحكومة بحجم انفاق 211 ترليون دينار وخرجت من البرلمان بحجم 226 ترليون دينار وتم التغيير، في الفقرات التالية: زيادة في مبلغ البطاقة التموينية 5 ترليون دينار، زيادة في الإيرادات النفطية 5 ترليون دينار، تقليل مبالغ الرسوم 5 ترليون دينار، زيادات مالية لوزارة الكهرباء وبعض المحافظات، حيث أن هذه الزيادات تعني زيادة عجز الموازنة من 64 الى 79 ترليون دينار، بحسب عضو المالية النيابية، معين الكاظمي.
إذ قال حسين في تصريح صحافي، إن “تأخير إقرار الموازنة الاتحادية التي من المفترض انها اعدت لثلاث سنوات يعود لأسباب عديدة أهمها عدم توفر السيولة المالية في السوق الاقتصادية العراقية”، مشيراً إلى أن “التلاعب بجداول الموازنة من قبل أعضاء مجلس النواب أثر بشكل جلي بتأخير إقرارها”.
وأضاف أن “رؤية الحكومة بعدم الانفاق على بعض المشاريع التي لا تنسجم مع منهاجها الوزاري ايضاً كانت مانعاً أمام إقرار الموازنة الحالية”، لافتاً إلى ان “تأخير إقرار الموازنة الاتحادية يعد مثلبة كبيرة على الحكومة الحالية كونها تجاوزت ثمانية أشهر في السنة المالية المقررة لها”.
وفي منتصف الشهر الماضي اثيرت قضية حصول تزوير أو تلاعب في جداول موازنة العام 2024، بين مجلس النواب العراقي، ورئاسة الوزراء، وهو ما أثار حالة من الجدل والتضارب في البيانات والمراسلات بين الطرفين.
وبدأت القصة، عندما قالت اللجنة المالية في مجلس النواب إن بعض أعضاء المجلس تلاعبوا في جداول الموازنة بعد المصادقة عليها، ومن ثم تم إرسالها إلى مجلس الوزراء، مشيرة إلى بدء تحقيقات حول القضية.
وبحسب عضو اللجنة معين الكاظمي، فإنه “بعد مراجعة الجداول من قبل اللجنة المالية والاتفاق عليها، مع إعطاء صلاحيات لرئيس الوزراء مناقلة 2 ترليون دينار لتنمية الإقليم في المحافظات، تم تغيير بعض الأرقام قبيل إرسالها لمجلس الوزراء”، مشيراً في تصريحات صحفية، إلى أن “التغييرات حدثت داخل مجلس النواب وقبل وصولها إلى الحكومة”.
وأخذت القضية منحى تصاعدياً، عندما أرسلت الأمانة العامة لمجلس الوزراء كتاباً إلى مجلس النواب للاستفهام بشأن "التلاعب" الحاصل في جداول الموازنة.
وجاء في الكتاب: “تدقيق الجداول المطبوعة ورقيًا المرفقة بكتاب البرلمان الموقع من قبل رئيس مجلس النواب (بالإنابة)، أظهر وجود اختلافات جوهرية فيها مقارنة بالنسخة المرسلة من مجلس الوزراء وخلافًا لنص القرار النيابي المذكور آنفًا، كما تم توضيحه في الجداول المرافقة ربطًا”.
كما أشار إلى أنّ “تدقيق الجداول المرسلة بصيغة الكترونية ضمن القرص المدمج المرفق بكتاب البرلمان، تبين وجود اختلافات جوهرية فيها مقارنة بالنسخة المرسلة من مجلس الوزراء، فضلاً عن اختلافها عن النسخة المرسلة ورقيًا المرفقة مع الكتاب نفسه”.
وضجت الأوساط الشعبية والرسمية في العراق حيال هذا التلاعب والجهة التي تورطت فيه، وبرغم أن الفساد المالي يُعدُ أمراً شائعاً، إلا أن وصولَه لهذه المرحلة يمثل تطوراً لافتاً ضمن مسار الفوضى التي تعصف بالبلاد.
وأقر مجلس النواب، في حزيران 2023، الموازنة المالية للسنوات 2023 و2024 و2025 بعد مخاض عسير وسلسلة من الجلسات البرلمانية، وعدّت هذه الموازنة هي الأضخم في تاريخ البلاد، إذ تبلغ قيمتها نحو 153 مليار دولار لكل عام.
ومشروع قانون موازنة العام 2024، تبلغ قيمته 197 تريليونا و828 مليار دينار (نحو 152.2 مليار دولار)، بعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار (48.3 مليار دولار)، بينما في موازنة العامين المقبلين، ستتغير الأرقام، وفقاً للأحداث في وقتها.
وكان الخبير الاقتصادي نوار السعدي، أكد في تصريح صحافي سابق، أن “تأخير تعليمات التنفيذ يؤثر بشكل كبير على الأداء الحكومي والاقتصاد الوطني، حيث عندما تتأخر الحكومة في إصدار تعليمات التنفيذ، تواجه المؤسسات الحكومية صعوبة كبيرة في تنفيذ مشاريعها وبرامجها، وهذا التأخير يؤدي إلى تعطيل خطط التنمية ويؤخر العديد من المشاريع الحيوية مثل البنية التحتية، الخدمات الصحية، والتعليمية”.
فيما شدد على أن “التأخير يتسبب في تقويض الثقة بين المواطنين والحكومة، فعند تأخر المشاريع الحكومية يمكن أن ينشأ شعور بعدم الثقة في قدرة الحكومة على إدارة الأمور المالية بكفاءة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار اجتماعي وسياسي، خاصة وأن حكومة السوداني أطلقت على نفسها (حكومة الخدمات)”
وتضمنت نسخة الموازنة المعدة لثلاث سنوات، العديد من المواد الخاصة بالاقتراض الخارجي، منها الاستمرار بالاقتراض وفقا لاتفاقيات سابقة، إلى جانب اقتراض جديد من مؤسسات دولية وحكومات مختلفة، وقد بلغت بعض أقيام الاقتراض أكثر من 3000 مليار دولار.
يذكر أن هذه الموازنة الثلاثية، ونتيجة لقيمة الرواتب المرتفعة جدا، بسبب التعيينات الجديدة، أدت إلى تقليص الموازنة الاستثمارية بشكل كبير، ويؤكد متخصصون بالاقتصاد أن هذا الأمر سيجبر الدولة على الاقتراض.
أقرأ ايضاً
- شاهد كربلاء المقدسة اثناء حظر التجوال يوم 20/11/2024(فيديو)
- يقيمون خارج البلاد.. أكثر من مليوني عراقي مستبعدون من التعداد
- مكتب السيد السيستاني بلبنان يقدم المساعدات الانسانية لـ90% من مراكز النزوح والخفاف يزور بعض المطابخ في احد مراكز النزوح