كانت "سكينة" طفلة في الدراسة الابتدائية كباقي الاطفال فشعرت بآلام في رأسها وعجز الاطباء عن تشخيص حالتها، وبعد رحلة علاج طويلة استمرت لمدة (15) عاما، في مستشفيات داخل وخارج العراق واجراء عمليات جراحية وجلسات اشعاعية تراجعت حالتها الصحية وفقدت احدى عينيها واطرافها اليمنى وأنفقت عائلتها كل ما تملك حتى اصبحت محط عطف، واخر المطاف رمت برحلها في مؤسسة وارث مستغلة مبادرة عطاء الامام الحسين (عليه السلام) العلاجية المجانية لتجد فيها سبيلا الى الراحة والعلاج والخلاص.
بداية المعاناة
ويسرد والد المريضة "عدنان عيدان عبيد" الساكن بمنطقة المزارع خلف مجمع الغدير في محافظة النجف الاشرف قصة ابنته لوكالة نون الخبرية قائلا ان" ابنتي "سكينة" البالغ عمرها (23 عاما)، اصيبت بمرض الغدة النخامية منذ كان عمرها عشر سنوات وتدرس في الصف الثالث الابتدائي، فراجعنا عدد من الاطباء في محافظة النجف الاشرف ولم يستطيعوا ان يشخصوا مرض ابنتي، ووصلت الى مرحلة العجز عن السير وراجعنا اخر طبيب وبعد الفحوصات الاشعاعية اكد لنا انه عندها ورم الغدة النخامية في الدماغ، في الجزء المسؤول عن توزيع ايعازات الدماغ الى اعضاء الجسد، وابلغنا انه يستطيع ان يجري لها عملية في مستشفى الشهيد الصدر بالنجف الاشرف لكنه يخشى من المضاعفات التي قد تحصل عندها، فارسلنا الى طبيب آخر مختص في العاصمة بغداد بعد اتصال هاتفي معه وظرف فيه معلومات عن حالة ابنتي".
رحلة الى بغداد
ويستمر عبيد في نقل حكاية ابنته ويقول" ذهبنا الى بغداد في اعوام التدهور الامني وبمساعدة اقاربنا وصلنا الى الطبيب واطلع على تقاريرها الطبية فاخبرنا بضرورة العودة الى النجف والمجيء الى بغداد بعد عشرة ايام لإدخالها في المستشفى، وعدنا الى بغداد وادخلت ابنتي الى مستشفى غازي الحريري وتركنا الطبيب لمدة (15) يوما دون ان يأتي للكشف على ابنتي، وجاء بعدها يبحث عن ابنتي "سكينة" وابلغنا ان حالتها جيدة وعلينا المغادرة والذهاب الى النجف الاشرف والعودة بعد شهر كامل، واستمرت مراجعاتنا له لمدة (8) اشهر دون نتيجة، وكان مشغول في اجراء عمليات جراحية للمقاتلين من القوات الامنية المصابين في المعارك ضد عصابات "داعش" الارهابية، وبعد اجراء فحوصات مختبرية واشعاعية لابنتي تبين ان الغدة النخامية مغلقة وتحتاج الى عملية جراحية، وصار التفاضل في اجراء العمليات الجراحية لجرحى الحرب وتركت ابنتي، وبعد مدة تعاطف معي احد موظفي الاستعلامات وتابع حالة ابنتي مع الطبيب واتصل بنا طالبا احضارها الى المستشفى ببغداد، وبعد يومين من اجراء التحاليل المختبرية والاشعة ادخلت الى صالة العمليات في مستشفى التمريض الخاص وبعد خمس ساعات اخرجت من صالة العمليات وابلغونا بنجاح العملية".
بقايا ورم
الفرحة لم تكتمل عند هذه العائلة ويكمل الاب قصة ابنته بخبر غريب يقول عنه ان" الطبيب بعد حين ابلغه انه لم يرفع كل الورم في الغدة النخامية وابقى قليلا منه خشية اصابتها بمضاعفات ومنها الشلل او اصابة دماغها وعقلها، وطلب منا مراجعته كل شهر في بغداد وكان له ما اراد، وكل مرة نجري التحاليل والفحوصات وانفقت مبالغ طائلة بالملايين اثقلت كاهلي وكاهل عائلتي، واصبحت محط للعطف والترحم، وبعد ثلاث سنوات من المراجعات اخبرنا الطبيب بتكون "كيس ماء" عند الغدة النخامية ويتطلب عملية جراحية يفتح فيه دماغها لازالته، ونصحني احد اقاربي الذي اجرى عملية رفع الورم في الغدة في ايران للسفر واجرائها هناك، فسافرنا الى ايران لاجراء عملية بواسطة الاشعاع واجريت لها (30) جلسة اشعاع خلال شهرين من مكوثنا هناك وانفقنا مبالغ طائلة، وطلب منا الطبيب الايراني الرجوع للعراق والعودة لايران بعد ستة اشهر وعندما اكملت الحجز ودفعت مبلغ حوالي (4000) دولار اجتاحت العالم جائحة كورونا ومنع السفر بين البلدان".
مضاعفات وامل العلاج
يتحسر الاب وهو يصف حالة ابنته وما وصلت اليه فيشير الى ان" حالتها اصبحت حرجة حيث كبر "كيس الماء" واصبح يضغط على دماغها وفقدت البصر في احدى عينيها، واصاب الشلل اطرافها اليمنى اليد والرجل، وصارت مقعدة ولا تستطيع الحراك الا بعربة المعاقين وان يساعدها احد بدفعها، واخبرنا احد معارفنا ان في كربلاء المقدسة مؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام وفيها افضل الاطباء والاجهزة وان هناك مبادرتين للعلاج المجاني في شهري محرم وصفر، فراجعنا المؤسسة وفوجئت وهي المرة الاولى التي ارى فيها مستشفى في العراق بهذه الحداثة والنظافة والخدمات الطبية، وشعرت بطمأنينة واعتراني شعور بان علاجها سيكون هنا، اما التعامل الانساني من الاستعلامات الى الطبيب الى باقي العاملين فأقولها وبشكل صريح لم ارى مثله سابقا في العراق او خارجه وعلى الفور استقبلنا الطبيب في العيادة الاستشارية واطلع على حالتها واحالنا لاشعة الرنين المغناطيسي وتحاليل للدم باجراء سهلة واسلوب تعامل انساني للوقوف على حالتها وتحديد ما تحتاج سواء عمليات جراحية او علاج، او جلسات او جرعات ليكتمل شفائها مجانا بمبادرة رائعة اطلقتها العتبة الحسينية المقدسة لمساعدتنا ومساعدة باقي المرضى المحتاجين".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"
- تبعد (165) كيلومتر عن دمشق: يد السيستاني الرحيمة تغيث اللبنانيين في حمص السورية(فيديو)
- أدخنة النفايات والمعامل تخنق سماء بغداد.. فأين الحلول؟