أثارت خلافات الكتل السنية على اختيار مرشح وحيد لشغل منصب رئيس مجلس النواب، أو حتى الاتفاق على من هي الأحق بهذا المنصب، استياء الكتل الأخرى، حتى دفعت بالإطار التنسيقي، وهو التحالف السياسي الأكبر وصاحب أكبر كتلة نيابية، إلى اللجوء لمنطق التهديد لحسم هذا الخلاف، وفيما يرى نواب أن الأمر لم يعد قابلا للتمديد أكثر ويجب حسمه وانتخاب رئيس جديد، يؤكد آخرون أن التلويح بتحديد مهلة لن يفضي إلى انتخاب الرئيس المرتقب.
ويقول النائب عن الإطار التنسيقي مختار الموسوي، إن “أزمة انتخاب رئيس مجلس النواب لا يمكن أن تطول أكثر، خاصة أنها أثرت كثيرا على عمل المؤسسة التشريعية، كما أنها أثرت سلبا على الاستقرار السياسي، بسبب الخلافات والصراعات ما بين الكتل والأحزاب”.
ويضيف الموسوي، أن “الإطار التنسيقي منح القوى السياسية السنية لما بعد انتهاء زيارة عاشوراء للاتفاق فيما بينها على الدخول بمرشح واحد يمثلهم أو الذهاب نحو الدخول بمرشحين وترك أمر التصويت للنواب، ونتوقع هذا الأمر هو الأقرب للمشهد بسبب عمق الخلافات السنية – السنية”.
ويؤكد أن “الإطار التنسيقي عازم على حسم انتخاب رئيس مجلس النواب مع بداية جلسات الفصل التشريعي الجديد، ولا توجد أية نية للتأجيل والمماطلة أكثر من ذلك، وعلى كل الأطراف السياسية احترام ما سينتخب النواب، ولن نسمح بإفشال الجلسة لأي سبب كان”.
ويوم الأحد الماضي، قال القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي، إن الأطراف المنضوية فيه منحت القوى السياسية السنية موعدا لغاية يوم 20 من تموز يوليو الجاري، أي ما بعد انتهاء مراسيم عاشوراء لحسم موقفهم والاتفاق فيما بينهم على ملف انتخاب رئيس البرلمان، مضيفا أنه في حال عدم اتفاق القوى السياسية السنية فيما بينها، فسيتم عقد جلسة انتخاب رئيس مجلس النواب، بأولى جلسات الفصل التشريعي، ويترك الأمر للنواب وأي مرشح يحصل على أعلى الأصوات سيكون هو الرئيس الجديد، ولا تأجيل في ذلك، فقوى الإطار تريد حسم الملف سريعا، كونه أثر سلبا على العمل التشريعي والرقابي.
ويعدّ منصب رئيس مجلس النواب من حصة السنة وفقا للعرف السياسي الدارج في العراق منذ تشكيل النظام السياسي بعد العام 2003، في حين يذهب منصبا رئيس الوزراء للشيعة، ورئيس الجمهورية للكرد.
من جهته، يوضح القيادي في حزب تقدم محمد العلوي، أنه “لغاية هذه اللحظة لا يوجد أي جديد بشأن انتخاب رئيس مجلس النواب، والخلافات ما زالت قائمة ومستمرة ونحن مصرون على موقفنا بأن هذا المنصب استحقاق سياسي وانتخابي لنا ولا تنازل عنه”.
ويشدد العلوي، على أنه “لا يمكن فرض أي مهلة علينا من قبل أي طرف سياسي، وهذا الأمر يجب أن يحسم عبر التفاهم والاتفاق، وليس عبر التهديد، ونحن ما زلنا نؤكد أنه لا يمكن انتخاب أي رئيس جديد للبرلمان دون موافقة حزب تقدم عليه، كونه من يملك الأغلبية السنية داخل البرلمان، وهذا الأمر تتفق معه أطراف عديدة داخل الإطار التنسيقي”.
وينوه إلى أن “الحوارات ما بين الأطراف السياسية السنية متوقفة ولا جديد فيها، وآخر اجتماع كان خلال زيارة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، وبعدها لم يحصل أي اتفاق لغاية الآن ولهذا لا جديد بخصوص الأزمة ولا نتوقع أن هناك انفراجة قريبة لهذه الأزمة”.
ووصل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، صباح الأربعاء الماضي، (3 تموز 2024)، إلى العاصمة بغداد في زيارة هي الأولى منذ ست سنوات، والتقى برئيسي الجمهورية والوزراء ورئيس مجلس النواب بالإنابة، كما عقد اجتماعات مع زعماء الكتل والأحزاب السياسية الشيعية والسنية، في محاولة للتوصل إلى حلول للمشاكل العالقة سواء بين بغداد وأربيل أو فيما بين الكتل البرلمانية.
وفي اليوم التالي لوصوله، عقد بارزاني الخميس الماضي، اجتماعا مع رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي، للتباحث بشأن عقدة انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، وتقريب وجهات النظر بين الكتل السنية، وعقب ذلك توجه بارزاني إلى زعيم تحالف السيادة خميس الخنجر حيث عقد هناك اجتماعا ضم جميع قيادات القوى السياسية السنية بما فيهم الحلبوسي، بهدف التوصل لحلول وحسم أزمة انتخاب رئيس المجلس والخروج باتفاق يدعم ترشيح شخصية واحدة تمثل جميع الأطراف السنية لهذا المنصب.
إلى ذلك، يذكر المحلل السياسي محمد علي الحكيم، أن “هذه ليست المرة الأولى التي يمنح فيها الإطار التنسيقي مهلة معينة للقوى السياسية السنية لحسم ملف انتخاب رئيس مجلس النواب، ومنح هذه المهلة لا يعني أن الملف سيتم حسمه بعد انتهاء هذه المهلة”.
ويبين أن “الخلافات السياسية عميقة وكبيرة حول انتخاب رئيس البرلمان، وهي لا تقتصر على البيت السياسي السني، بل هناك خلافات أعمق ما بين قوى الإطار التنسيقي بشأن المرشحين لهذا المنصب، وهذه بسبب وجود مصالح واتفاقات جانبية ما بين زعماء الإطار وبعض قادة القوى السياسية السنية”.
وينبه الحكيم، إلى أن “كل المعطيات ما زالت تؤكد أن أزمة انتخاب رئيس البرلمان لن تحل وسيبقى محسن المندلاوي رئيسا للبرلمان لنهاية الدورة البرلمانية وهذا الأمر تريده بقوة أطراف داخل الإطار التنسيقي وكذلك حزب تقدم الذي لا يريد أي رئيس بديلا عن الحلبوسي، خشية من منافسته على نفوذه”.
وفشل مجلس النواب، في 18 آيار الماضي، في اختيار رئيس جديد له، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة “حاسمة” لترجيح كفة أحد المرشحين النائب سالم العيساوي عن حزب السيادة، ومحمود المشهداني المدعوم من حزب تقدم.
وكانت المحكمة الاتحادية قد قررت في 21 تشرين الثاني 2023، إنهاء عضوية رئيس المجلس محمد الحلبوسي بشكل رسمي، وأصبح النائب الأول محسن المندلاوي رئيسا للمجلس، والذي أعلن لمرات عدة تحديد موعد لعقد جلسة انتخاب رئيس جديد إلا أن جميع الجلسات التي عقدت لم تفضي إلى انتخاب البديل بسبب خلافات على المنصب بين القطبين السنيين حزب تقدم بزعامة محمد الحلبوسي، وتحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟