يؤدي تلكؤ المشاريع وتقادم الزمن عليها إلى إرهاق الموازنة من خلال إضافة أموال طائلة لهذه المشاريع، بقرارات تتخذها الحكومة في كل جلسة لمجلس الوزراء، وبحسب خبراء اقتصاد فإن اندثار المشاريع سبب رئيسي لزيادة الكلف المالية لها، ناهيك عن التضخم السنوي والتغيّر في الأسعار، لافتين إلى أن هناك خللا في التقديرات الأولية ودراسة الجدوى لمعظم المشاريع في العراق.
ويقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، إن “المشاريع عندما تتقادم تؤدي إلى إضافة الكلف، لذا يجب أن يحسب معدل التضخم السنوي للأسعار ويجب أن تضاف هذه النسبة إلى المشروع”.
ويضيف المرسومي، أن “هناك مشاريع متلكئة تتعرض للاندثار، وبالتأكيد ينبغي تعويض نسبة الاندثار، لذا يضطر مجلس الوزراء لرفع قيمة المشاريع المتوقفة والمعطلة وتخصيص أموال مرة أخرى لها”.
ويفيد الخبير الاقتصادي، بأن “تلكؤ المشاريع حالة سلبية تؤدي إلى زيادة الكلف، فمعظم المشاريع لا تنفذ حسب الجدول الزمني المخطط لها، لأسباب تعلق بالتمويل أو بالإجراءات الحكومية، ولذلك تكلف الدولة أموالا طائلة”، لافتا إلى أن “المشاريع المتلكئة تترتب عليها نسبة اندثار عالية ينبغي أن تعوضها الدولة لاسيما إذا ما كانت الأسباب حكومية، ويكون التعويض مرة بسبب التضخم وتارة أخرى إذا ما حصل تغيير في سعر صرف الدينار أمام الدولار”.
ويقوم مجلس الوزراء أسبوعيا، بزيادة كلف العديد من المشاريع المقرة سابقا من دون أن يوضح الأسباب، فيما قرر خلال جلسته الاخيرة امس الاول الإثنين، زيادة الكلفة الكلية ومقدار الاحتياط لمشروع في محافظة البصرة، وإضافة مبلغ الاحتياط لمكوّن مشروع (الهيأة العراقية للحاسبات والمعلوماتية)، وزيادة مقدار الإشراف والمراقبة له، وزيادة الكلفة الكلية للمشروع.
إلى ذلك، يوضح الخبير الاقتصادي، نبيل جبار، أن “المشاريع تحسب في العادة مع حيز لتغيير الكلف بنسبة 10 بالمئة للتعاقد، لكن أي إمكانية للمتعاقد سواء كانت وزارة أو مؤسسة أو محافظة لأي تغييرات بالعقد تفوق الـ10 بالمئة تحتاج إلى صلاحية أعلى خصوصا بالنسبة للوزارات، لهذا تلجأ رئاسة الوزراء إلى إقرار قرارات خاصة بزيادة الكلف، كون مجلس الوزراء هو الهرم الأعلى ويمتلك هذه الإمكانية”.
وعن أسباب رفع الكلف، يرجع التميمي، ذلك إلى “تفاصيل مختلفة في كل مشروع”، ولكن بشكل عام يرى أن “ثمة خللا في عملية إعداد الجدوى للمشاريع ، وقد تكون هناك استثناءات بخصوص خدمات مضافة في بعض المشاريع، ولكن هذه الاستثناءات بدت كثيرة في الفترة الأخيرة”.
ويقلل من “دور ارتفاع الأسعار في زيادة الكلف المالية، لأن معدل الأسعار ثابت منذ أكثر من 10 سنوات، وقد تكون هناك تغييرات لكن ليست بقيمة الكلف المضافة”، لافتا إلى أن “زيادة الكلف قد تكون طبيعية في حدود معينة، لكن في الحالة الجارية يبدو أن هناك خللا في التقديرات الأولية”.
وأضافت الحكومة في وقت سابق أموالا بعشرات المليارات على مشاريع بعضها “متلكئ” وبعضها الآخر قيد الإنشاء، من دون أن تمنح الكثير من المعلومات عن هذه الزيادات، التي بلغت زيادة بنسبة 60 بالمئة على مشروع كلفته 30 مليار دينار.
ويتخذ مجلس الوزراء قرارات ترفع كلف المشاريع الخدمية والأبنية بنسب عالية، وتقول الحكومة إن بعضها نتاج عمليات توسعة تخطيط المشاريع، إلا أنها لم تقدم أسباباً لزيادة كلف مشاريع أخرى بنسب وتكاليف مالية كبيرة.
وأعلنت وزارة التخطيط، امس الثلاثاء، عن وجود آلاف المشاريع قيد الإنشاء للعام الحالي 2024، وقال المتحدث باسمها عبد الزهرة الهنداوي؛ إن “أكثر من 6 ألاف و500 مشروع مستمرة قيد الإنشاء، مؤكدا انخفاض كبير بعدد المشاريع المتلكئة التي كانت قد بلغت سابقا 1400 مشروع.
من جهته، يشير الخبير الاقتصادي رشيد السعدي، إلى أن “المشاريع المقرة سابقا كان تقييمها على أساس الأسعار في الفترة السابقة، وهذه الأسعار ليست ثابتة، إذ تغيرت الكثير من أسعار السلع والخدمات والمواد الأولية والرسوم والضرائب”.
ويضيف السعدي، أن “دراسة الجدوى في فترة زمنية مختلفة تحتم إضافة كلف أخرى لأن هناك الكثير من المشاريع المتلكئة، ومنها ما تم وضع حجر الأساس لها ثم أهمل لسنوات، فمثلا مشروع مترو بغداد الذي تدور أحاديث عنه منذ سبعينيات القرن الماضي مازال مشروعا على الورق فقط”.
ويبلغ عدد الشركات المتلكئة في القطاعات الخدمية، 100 شركة، حسب إحصائية لوزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة مطلع العام الحالي.
وفي العام الماضي، أكد رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، أن ملف المشاريع المتلكئة يندرج ضمن أولويات الحكومة، فيما شدد على رفض أي تأجيل، أو تأخير إضافي لإنجاز المشاريع، مبينا أن أحد أسباب تلكؤ المشاريع هو غياب المتابعة الجدية لها، التي تسببت بأن يستغرق بناء مستشفى عشر سنوات”.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- السياسيون يتبارون بـ"التسريبات".. والحكومة تشكو "الاستهداف"
- البرلمان "غاضب" والحكومة صامتة.. من يوقف الزحف التركي؟
- تهريب نفط إقليم كردستان متواصل.. والحكومة الاتحادية تتفرج