مع التزايد السكاني الكبير في العراق يجري الحديث منذ منتصف العام الماضي عن حزمة من مشاريع المدن السكنية الجديدة في بغداد والمحافظات لتخفيف حدة أزمة السكن وانتشار العشوائيات، فيما تبرز الحاجة لوجود شبكة طرق تربط هذه المدن المستحدثة بمراكز المحافظات وتبعدها عن الزخم الحاصل في الشوارع نتيجة طاقتها الاستيعابية التي فاقت الحد المخطط لها.
وفي حزيران الماضي أعلنت اللجنة العليا للاستثمار والإعمار، برئاسة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، مجموعة فرص استثمارية للمدن السكنية الجديدة، وهي مدينة الجواهري الجديدة في قضاء أبو غريب غربي بغداد، وعلي الوردي جنوب شرقي العاصمة، ومدينة ضفاف كربلاء بمحافظة كربلاء جنوب غرب بغداد، ومدينة الفلوجة الجديدة بمحافظة الأنبار غربي العراق، ومدينة الجنائن بمحافظة بابل جنوب العاصمة، ومدينة الغزلاني بمحافظة نينوى شمال بغداد، كما لحقها مدينة علي الوردي السكنية في بغداد.
ويقول المتحدث باسم وزارة الإعمار والإسكان، نبيل الصفار، إن “هناك خطة لإبعاد مشاريع المدن السكنية الجديدة عن الزخم المروري لشوارع بغداد والمحافظات، وذلك سيتم من خلال ربطها بشبكة طرق سريعة جديدة أو موجودة بالأساس”.
ويضيف “الطرق الواصلة لمشاريع المدن السكنية الجديدة هي من أبرز المميزات التي ستتمتع بها والتي يتم من خلالها الاتجاه إلى خارج المدن لوجود ضغط على الخدمات داخلها والاكتظاظ السكاني الكبير، فعلى سبيل المثال مدينة علي الوردي السكنية لها طريق خاص يؤدي إليها، كما هو الحال ببقية المدن السكنية الجديدة يوجد طرق واصلة أساسا إليها أو سيتم تعبيدها حديثا”.
ويشير إلى أن “المدن الجديدة وضعت لها خطة متكاملة لتوفير البيئة المناسبة لساكنيها والوصول والخروج بسلاسة كبيرة، كما أن خاصية الجذب لهذه المدن تتمحور أساسا في مواقعها التي ستكون مستقطبة للسكان الذين يفضلون الخروج من المدن”.
ويبين الصفار أن “المميزات الأخرى لهذه المدن تتمثل بجعلها مستدامة، إضافة إلى وجود مساحات خضراء كبيرة، فضلا عن كونها صديقة للبيئة، مع وجود استخدام للعوازل الحرارية في البناء، وستكون متكاملة للعيش فيها بتوفر المرافق الخدمية والمستشفيات والجامعات وكل الخدمات الأخرى بحيث لا يحتاج السكان لشيء خارجها”.
ويؤكد على “استمرار التوجه الحكومي نحو إكمال خارطة هذه المدن السكنية في بغداد بواقع مدينتين هي الجواهري وعلي الوردي التابعتين لهيئة المدن الجديدة، إضافة لمدينة الصدر السكنية التي تقع تحت مسؤولية أمانة بغداد، وهناك مدن جديدة ستعلن كفرص استثمارية خلال الأيام المقبلة بنفس المعايير والمواصفات”.
وتهدف الحكومة ضمن الخطط المعدة للوصول إلى 250 – 300 ألف وحدة سكنية، تستهدف من خلالها الطبقات الفقيرة والمتوسطة وسط عجز في قطاع الإسكان بعموم العراق يصل إلى أربعة ملايين وحدة سكنية.
من جهته، يعتبر المختص في هندسة الطرق، علي عبد الكاظم، أنه “من المهم إيجاد شبكة طرق خاصة وسريعة لربط المدن السكنية الجديدة بشبكات الطرق العامة الواصلة مع محيطها داخل كل محافظة، إذ أن عدم إيجاد الطرق الجديدة لتسهيل الذهاب والإياب لهذه المدن سيؤدي لعزوف عن الإقبال عليها عند إكمالها”.
ويتابع “الإعلان عن المدن السكنية لا يعني فقط البناء والمميزات في داخل أسوارها، بل الحديث يجب أن يركز أيضا على محيطها وارتباطها بالأماكن الضرورية والحيوية كالأقضية والنواحي التي تجاورها، فضلا عن مراكز المحافظات التي تتبعها”.
ويشدد عبد الكاظم على “ضرورة التدقيق في تنفيذ مشاريع الطرق لهذه المدن الجديدة المعلنة وعدم تكرار الخطأ الذي وقع في مدينة بسماية السكنية وغيرها من المجمعات السكنية التي أصبحت شبكة الطرق المؤدية لها والقادمة منها مشهورة بالحوادث المرورية بسبب زخم المركبات ورداءة الشوارع وقلة الطاقة الاستيعابية”.
يشار إلى أن ما تم بناؤه في العراق منذ العام 2003 إلى الآن بتمويل حكومي لا يتجاوز السبعة آلاف وحدة سكنية، وفقا للبيانات الرسمية، فيما يجدر الانتباه إلى وجود جميع المدن السكنية الجديدة في مناطق جرداء تم تخصيصها لها، ما يعني استهدافها إنهاء عمليات تجريف الأراضي الزراعية التي باتت تتحول لأحياء سكنية بكثرة في داخل مراكز المدن وأطرافها.
وكانت وزارة التخطيط، قد توقعت في وقت سابق ارتفاع عدد السكان في العراق إلى 42 مليون نسمة بحلول نهاية العام الماضي، فيما أشارت إلى أن العراق لم يصل مرحلة الانفجار السكاني وأن نسبة النمو السكاني تقدر بـ2.6 بالمئة.
وفي ظل ذلك، تبقى الحاجة ملحة لتأهيل شبكة الطرق العامة في العراق، بالنظر لزيادة الحوادث المرورية وزيادة أعداد المركبات، إضافة إلى ضرورة تشييد طرق معبدة وحديثة تكون متكاملة من حيث شروط السلامة لإيقاف تفاقم أعداد الضحايا سنويا في بغداد والمحافظات خاصة مع الشروع بالمدن السكنية الحديثة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟