بقلم: علي حسين
تجلس أمام التلفزيون في انتظار أن تسمع خبراً مفرحاً يُبشرنا أصحابه أنّهم قرروا أخيراً أن يتقاعدوا، ويعترفوا أن ابتعادهم سيسهم في إعادة الاستقرار إلى البلاد، فتجد بدلاً من ذلك مطولات في شتم الإمبريالية ومطولات عن الإصلاح والنزاهة والشفافية ..
تذهب إلى تويتر والفيسبوك فتجد الجيوش الإلكترونية تملأ الصفحات بشتائم التخوين لكل من يختلف مع السياسيين الذين يحكمون العراق.
وأنا أقرأ ما تكتبه هذه الجيوش التي تعشق كل شيء إلا العراق!!، تذكرت لافتة رفعها أحد المتظاهرين في واحدة من جُمع الاحتجاجات التي قمعتها حكومة "العلامة" عادل عبد المهدي، فقد اكتشف الرجل أن أميركا خدعته بمشروعها الديمقراطي حين سلمت البلاد لأناس يتحسسون سلاحهم كلما سمعوا عبارة "دولة مدنية" فكتب ثلاث كلمات اختصر فيها كل معاناته وكانت: "طاح حظّج أمريكا".
وقبل أن استعرض لكم معاناتي من خطب الساسة كنت أنوي أن أكتب لكم عن خبر مثير، جرت أحداثه في اسبانيا حيث كتب رئيس الوزراء قبل أسبوع على منصة "إكس"، أنّه "يفكّر" في إمكانية تقديم استقالته بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضدّ زوجته بتهمة استغلال النفوذ.
يطل السياسي العراقي علينا وهو يتحدث عن المظلومية وحق الناس بالأمن والرفاهية، لكنه يتحول في النهاية إلى مقاول يوزع الإكراميات والعطايا والعقود على الأقارب والأصحاب والأحباب.. يكتب ريجيس دوبريه في كتابه "المفكّر في مواجهة القبائل"، أن "الناس تدرك جيدا أنّ الخطاب السياسي الانتهازي يتعكّز على فضيلة النسيان التي يتميز بها البشر"، فالحقيقة أنّ النسيان، غفر للكثير من مسؤولينا، جرائمهم التي صُنّفت في خانة الخطأ غير المقصود.
في كل يوم نقدِّم درساً جديداً في الديمقراطية، وكان آخرها تغريدات النائبة عالية نصيف عن الفساد وسرقة المال العام وقد بشّرتنا مشكورة الآن .. الآن وليس غداً، سينكشف الفاسد الحقيقي الذي سعى في الارض خراباً ودمر البلاد "ياسلام يامعلمة".
يلعنُ ساستُنا الفساد على شاشات الفضائيات صباحاً، لكنهم يجلسون معه مساءً في الغرف المغلقة، ولا أعتقد أن القارئ العزيز بحاجة إلى أن أعيد على مسامعه أسماء السادة "النُّهاب"! ولكني رويت لكم ما جرى مع رئيس وزراء اسبانيا، وما يجري في الكثير من بلدان العالم، حين يجد المسؤول نفسه مطالبا بان يقدم الحقيقية للشعب، الآن هل تريد أن تسأل: هل كثير على هذا الشعب المسكين أن يسمع أو يقرأ أنّ أحد الذين سرقوا اموال الشعب، بدلاً من أن يكتب تغريدات في مواقع التواصل الاجتماعي يضحك بها على عقول الناس، أن يودع السجن، لأنه سطى على المال العام؟.
أقرأ ايضاً
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القنوات المضللة!!
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!