علي حسين
منذ أن قررت النائبة عالية نصيف استخدام الأحذية بدلاً من الكلمات في مخاطبة زملائها داخل جلسة البرلمان ، ونوابنا الأفاضل السابقون منهم واللاحقون، مصرون على تحويل قاعة البرلمان إلى سوق للمنفعة وتبادل المنافع ومعارك جانبية هدفها السيطرة على مؤسسات الدولة.
هكذا تحولت الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند على القانون، ووسيلة لخدمة الناس إلى حروب ومعارك لتكتب في النهاية شهادة وفاة للديمقراطية الحقيقية، ولتضعنا في قوائم الفشل، عروض ملت منها الناس، لأنها تحولت شيئاً فشيئاً من مباراة في السياسة إلى مقاطع كوميدية رخيصة في صالات عرض من الدرجة الثالثة، ليتحول مجلس النواب الذي أراد له العراقيون أن يكون مكاناً للخدمة الناس وتنمية قدرات البلد وتشريع القوانين التي تساهم في ارتقاء البلد إلى سوق للمنفعة والحصول على المكاسب، مما أدى إلى غياب القضايا التي تهم الشعب ليحل محلها صراع من أجل الاستحواذ على ما تبقى من امتيازات، مضحكات ديمقراطية أضرت وتضر بالحرية والعمل البرلماني، وسياسة تحولت من خطاب طائفي مقيت إلى مرحلة الشتائم واللكمات والركلات.
هل هناك ما هو أسوأ.. نعم، سأخبر جنابك أن البرلمان الذي يبلغ عدد أعضائه 325، هناك أكثر من مئة نائب لا يدخلون قبته، لكنهم يتمتعون بالامتيازات والحمايات والرواتب المليونية ومعها المقاولات والعقود، وإذا كنت من هواة تتبع أخبار مجلس النواب العراقي فيمكنك إحصاء عدد الحضور منذ انعقاد جلسته الأولى وحتى كتابة هذه السطور وستجد أن البرلمان لم يدخله 300 نائب في يوم من الأيام، بل أن الرقم لا يصل حتى للمئتين في كثير من الجلسات.
الإحصائيات التي أمامكم: معارك الساسة ضد الناس، وعنف الناس في ما بينهم، وصلافة البعض ممن يعتقدون أن بناء النظام يتم بطريقة خطف الكراسي والتسلل إلى مؤسسات الدولة بشعارات كاذبة، ولهذا نجد أن أخبار العنف والخراب التي تتصدَّر نشرات الأنباء، هي نتيجة طبيعية للسياسة الجاهلة أو لنسميها السياسة الخبيثة.
وأتمنى وأنت تتابع معي سجلات حضور النواب، أن تتابع الفضائيات وتستمع للخطب النارية التي يلقيها بعض النواب عن الحرص على مؤسسات الدولة، ومحاربة الفساد، والإصلاح، والسيادة وستجد أننا نعيش مهزلة ديمقراطية من الطراز الأول.
في الديمقراطيات الحقيقية يتجاوز الإعلام حدود المحرمات السياسية، وعندما يخطئ السياسي أو المسؤول تصبح كل أفعاله تحت رحمة الصحف والفضائيات. وتصدر عن المسؤول عدة تقارير تتابع نشاطه ونجاحاته وإخفاقاته.
تدمر الصحافة في بلدان الديمقراطية مستقبل النائب والمسؤول والسياسي، عندما يرتكب خطأ صغيراً.. فيما نحن لا نزال نصر أن نغلق أبواب الحقيقة أمام الناس.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!