بعد أكثر من تأجيل لقرار المحكمة الاتحادية بشأن جلسة انتخاب رئيس البرلمان، بات منصب "الرئيس" في حكم "المجهول"، وسط تلميحات باستمرار النائب الأول محسن المندلاوي في المنصب، وذلك عبر دعم سياسي من قبل جهة "ساندة" له من داخل الإطار التنسيقي، بهدف السيطرة على المنصب، لكن الإطار نفى هذه المزاعم، وأكد أنه لا ينوي الاستحواذ على المنصب، إلا أن خبيرا قانونيا أوضح إمكانية انتخاب رئيس جديد رغم عدم حسم الدعوى المرفوعة أمام المحكمة الاتحادية.
ويقول المحلل السياسي أحمد الشريفي، إنه "بما لا يقبل الشك، هناك اطراف سياسية مستفيدة من قضية عدم انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، فقد حققت مكسب سياسي لها في ظل وجود شخصية مقربة منها تدير البرلمان، وعدم وجود أي معارضة لهم".
ويضيف الشريفي أن "وجود محسن المندلاوي بمنصب رئيس مجلس النواب، يخدم قوى سياسية ضمن الإطار التنسيقي، فالكل يعرف أن المندلاوي مرشح الإطار لهذا المنصب تحت عنوان المستقلين، وبالتأكيد هو يعمل على تشريع القوانين التي يرغب بها الإطار وسيرفض ويعرقل تمرير أي شيء لا يريده الإطار، وجلسة انتخاب الرئيس الجديد الأخيرة بينت وكشفت ذلك للجميع".
ويؤكد "من غير المستبعد أن يبقى المندلاوي رئيسا للبرلمان لغاية نهاية الدورة البرلمانية الحالية، بسبب عرقلة حسم الملف من قبل اطراف سياسية مختلفة مستفيدة من هذا الأمر سياسياً وشخصيا، لاسيما في ظل الصراع السني – السني على المنصب".
وكانت المحكمة الاتحادية، قررت يوم أمس، رد الدعوى بشأن النائب شعلان الكريم، الذي ترشح لمنصب رئيس البرلمان، لكن النائب يوسف الكلابي، أكد في توضيح له، أن المحكمة لم ترد الدعوى، بل ما جرى رد شكلي وستعود الدعوى يوم غد (اليوم) بعد تعديل خطأ فيها.
يشار إلى أن المحكمة الاتحادية، أجلت في 28 من الشهر الحالي، الدعوى الأولى المقامة ضد شعلان الكريم، إلى الأول من نيسان المقبل، وهو ثاني تأجيل لهذه الدعوى، التي رفعت بعد جلسة انتخاب رئيس البرلمان، التي فاز بها الكريم بأعلى الأصوات، وشهدت لغطا كبيرا ولم تجرى الجولة الثانية من التصويت، بينه وبين أقرب منافسيه، سالم العيساوي.
وتسلّمت المحكمة الاتحادية العليا، منتصف كانون الثاني الماضي، دعوى ببطلان ترشيح شعلان الكريم لمنصب رئيس البرلمان العراقي على خلفية انتشار تسجيل سابق له اعتُبر، من قبل أطراف سياسية، "تمجيداً" لرئيس النظام السابق صدام حسين، وهي تهمة في حال ثبوتها تعني رفع الحصانة عنه وإحالته للقضاء وفقا للقانون المعمول به عراقيا والمعروف باسم "اجتثاث البعث"، حيث قدّم الدعوى يومها النائبان يوسف الكلابي وفالح الخزعلي، وتضمنت طلبا بإصدار أمر ولائي بإيقاف جلسة الانتخاب لحين حسم الدعوى.
وكانت النائب عن ائتلاف دولة القانون عالية نصيف كشفت، قبل يومين، عن تقديم حزب "تقدم" ثلاثة أسماء جديدة وسط انقسام الإطار التنسيقي إلى تيارين بهذا الشأن، مبينة أن الأسماء هم: أحمد مظهر، وعبد الكريم عبطان، وزياد الجنابي.
إلى ذلك، نفى القيادي في الإطار التنسيقي عائد الهلالي، أن نية الإطار التنسيقي الاحتفاظ بمنصب رئيس مجلس النواب من خلال المندلاوي، حيث يؤكد أن "الإطار لن يعرقل تسمية أي رئيس جديد لهذا المنصب، على العكس هو عمل وسعى للإسراع بحسم هذا الملف، لكن عدم توافق القوى السياسية السنية اخر هذا الأمر".
ويؤكد الهلالي، أن "قضية بقاء المندلاوي بكرسي رئيس البرلمان أمر مرتبط بحل خلافات القوى السياسية السنية وتقديم مرشح موحد لهم يحظى بمقبولية الجميع، وبخلاف ذلك بالتأكيد سيبقى المندلاوي يدير البرلمان بصفته النائب الأول، وهذا ما ينص عليه النظام الداخلي للبرلمان وقانون مجلس النواب".
ويستطرد أن "تأجيل حسم الدعاوى أمام المحكمة الاتحادية سيكون له تاثير على عدم حسم هذا الملف قريباً، فهناك توجه سياسي بأن يبقى هذا الملف معلقا لحين صدور قرار المحكمة حتى يكون خارطة طريق لحل الأزمة، وأي خطوة لانتخاب أي رئيس في ظل عدم حسم الدعوى قد تكون باطلة قانونيا ودستوريا".
وقررت رئاسة مجلس النواب، إنهاء عضوية رئيس المجلس محمد الحلبوسي، بشكل رسمي، استنادا إلى قرار المحكمة الاتحادية العليا، اعتبارا من تاريخ الرابع عشر من تشرين الثاني 2023.
وتشهد القوى السنية، خلافات كثيرة وحادة، من بينها انشقاق مثنى السامرائي، عن تحالف عزم بقيادة خميس الخنجر، وتشكيله تحالف العزم الذي ضم 15 نائبا، عندما قرر الأخير التحالف مع حزب تقدم بقيادة الحلبوسي وتشكيل تحالف السيادة، وهو ما رفضه السامرائي، وانضم للإطار التنسيقي.
ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائبا، كما لا يملك حزب تقدم صاحب أغلبية المقاعد السنية، سوى نحو 35 مقعدا.
من جانبه، يبين الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، أن "أي مانع دستوري أو قانوني لا يوجد أمام قيام مجلس النواب بانتخاب رئيس جديد، له حتى في ظل وجود دعوى مرفوعة لدى المحكمة الاتحادية ولم تحسم حتى الآن، بخصوص جلسة انتخاب الرئيس السابقة".
ويضيف التميمي، أن "هناك خشية من أن قرار المحكمة الاتحادية، ربما يلغي ما يصدر من البرلمان في حال انتخابه شخصية معينة لرئاسة البرلمان، في ظل عدم حسم الدعوى، وعلى هذا الأساس تم تأجيل حسم الموضوع لحين البت بالدعوى من قبل المحكمة الاتحادية، وهذا أمر طبيعي وإجراء سليم، لمنع وقوع البرلمان بأي خلل أو خطأ".
وبشأن ممارسة البرلمان لأعماله، يوضح "لا يوجد مانع قانوني يمنع البرلمان من ممارسة أعماله التشريعية والرقابية بسبب عدم وجود رئيس للبرلمان، فهناك نواب للرئيس، ولهم كامل الصلاحية في حال تغيبه لأي ظرف وسبب كان، وكل ما يصدره البرلمان في ظل غياب الرئيس هو دستوري وقانوني ولا يجوز الطعن به".
يذكر أن تحالف القيادة (السيادة سابقا)، قرر وبعد اجتماع عقد مؤخرا، بحضور الحلبوسي ورئيس التحالف خميس الخنجر، أن التحالف يمتلك الأغلبية السنية في البرلمان، وجرى تخويل الحلبوسي والخنجر بتسمية المرشح لمنصب رئيس البرلمان.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟