يعيش المتقاعد صالح العزاوي معاناة مزدوجة، فقد أصيبت زوجته الأربعينية بسرطان الرحم، وهو ما يتطلب علاجات باهظة الأثمان تصل إلى 400 ألف دينار شهرياً في حين أن راتبه التقاعدي لا يتجاوز 500 ألف، ولا تقتصر هذه المعاناة عليه فقط فهو يؤكد أن معظم المصابين بالسرطان يواجهون نفس المشكلة.
وفي محافظتي ديالى وواسط المجاورة لها واللتان تعدان من بين المحافظات المتوسطة في عدد السكان تم تسجيل نحو 10 آلاف إصابة.
المدير العام لدائرة صحة واسط جبار الياسري، يقول، إن "في المحافظة أكثر من ستة آلاف إصابة بالسرطان بسبب تفشي المخلفات الحربية الإشعاعية، وتلوث المياه، والانبعاثات المصاحبة لاستخراج النفط.
ويضيف المخاطبات الرسمية مع وزارة النفط بشأن مراقبة مستوى الانبعاثات بالتنسيق مع وزارة البيئة لم تصل إلى نتيجة تتوافق وأعداد الإصابات التي تعيشها واسط.
يشار إلى وجود أكثر من 30 ألف إصابة بالأمراض السرطانية في العراق، قبالة نقص كبير في المراكز التخصصية لمعالجتهم من حيث التقنيات والعلاجات، وكذلك المراكز والعلاجات ما دفع الآلاف من المصابين إلى أن يجولوا المحافظات بحثاً عن العلاج الباهض الثمن.
بدوره يؤكد محافظ واسط محمد المياحي، أن "لدى الوزارات ميزانيات انفجارية ومنها الصحة، وكذلك المحافظات تتوفر لديها إيرادات محلية، مثل واسط، رفدت وزارة الصحة بمركز لمعالجة أمراض السرطان بقيمة 23 مليار دينار ضمن مشاريع تنمية الأقاليم".
ويلفت إلى أن "أجهزة التشخيص والمعالجة التي جهزت إلى المركز تمكن القائمين عليه من تصنيفه ضمن أفضل المراكز بالشرق الأوسط".
ولم يكن النفط بعيدا عن قائمة المتهمين بارتفاع أعداد الإصابات، فناحية الأحرار شمال غرب مدينة الكوت مركز محافظة واسط، والتي تضم حقل الأحدب النفطي، ما تزال تسجل ارتفاعا في إعداد الإصابات السرطانية والأمراض الجلدية.
ويؤكد النائب عن واسط سجاد سالم، أنه "وجهت مفاتحة إلى وزارة البيئة لتشكيل لجنة للتحقيق في الأسباب الحقيقية لتزايد الإصابات السرطانية والأمراض الجلدية في المحافظة".
ويوضح "المفاتحة تضمنت إجراء تحليل إحصائي دقيق لأعداد الإصابات قبل وبعد إنشاء الحقل النفطي الذي تديره شركة صينية".
وفي تشرين الأول 2023، قالت وزارة الصحة إن الحالات السرطانية بالعراق في تزايد يتماشى مع الزيادة السكانية، مبينة أن معدلات الإصابة بالسرطان هي ضمن المعدل العالمي، لافتة إلى أن نسب الإصابة به في العراق دون الـ80 حالة لكل 100 ألف شخص في العام الواحد.
وفي ومركز مدينة الكوت، حيث يقع أحد المصارف الحكومية والذي سجل لوحده 11 إصابة بالسرطان أدت إلى وفاة 7 من موظفاته إلى الآن.
وتشير هند اللامي الموظفة في المصرف، إلى أن "إصابة زميلات لنا بهذا المرض بشكل مستمر، شكل مصدر قلق لنا".
وتبين أن "موقع المصرف بالقرب من مبنى أمني من فترة النظام السابق وقد تعرض لقصف أمريكي عام 2003، لذلك نعتقد أنه سبب أساسي من أسباب ارتفاع نسب الإصابات بالسرطان، لكن للأسف الإجراءات الحكومية ضعيفة، فلم يصدر قرار بإخلاء المبنى أو تغيير مكانه".
يشار إلى أن القوات الأمريكية استخدمت في حرب 2003 للإطاحة بالنظام العراقي السابق، أسلحة محرمة دولياً وأخرى مشعة وبكميات ضخمة جداً، وعزت وزارة الصحة ومنظمات دولية ارتفاع نسب الإصابات السرطانية في العراق إلى مخلفات تلك الأسلحة.
وتجاور ديالى محافظة واسط، وهي تعيش نفس المعاناة، حيث تم تشخيص أكثر من أربعة آلاف مصابا بالسرطان، والحصول على العلاج يشكل مشكلة كبيرة لهم، إضافة إلى عدم وجود مراكز صحية متخصصة لاستقبال المصابين.
ويقول المتقاعد صالح العزاوي، إن "زوجتي أصيبت بسرطان الرحم، وعلاجها شهريا يتطلب 400 ألف دينار في حين أن راتبي التقاعدي لا يتجاوز 500 ألف".
ويضيف أن "المصابين بالسرطان وذويهم في ديالى يعيشون أسوء فترات حياتهم، فالأعداد في ارتفاع والجهود الحكومية تراوح في مكانها".
وإلى جانب الكلف الباهضة للعلاج، يعاني المصابين بالسرطان وذويهم بالانتقال إلى محافظات أخرى مثل العاصمة بغداد أو البصرة أو إقليم كردستان للحصول على العلاج، ما يضيف كلفا إضافية.
بدوره يؤكد مدير مركز الأورام في ديالى، حسام الدين حميد، أن "ارتفاع عدد الإصابات السرطانية عالميا، ولد أزمة في التعاقدات، فوزارة الصحة لا تجد فرصة للتعاقد مع الشركات الرصينة في أوقات كثيرة بسبب ارتفاع الطلب العالمي".
ويتابع "المد والجزر في التخصيصات المالية للعلاجات، ضمن موازنة وزارة الصحة، عامل مهم في توفير العلاجات والمكملات الخاصة بالمصابين".
وأعلنت وزارة الصحة، في تشرين الأول 2023 عن انطلاق حملة مكافحة سرطان الثدي، مشيرة إلى أن عدد عيادات الكشف المبكر عن سرطان الثدي في العراق تبلغ 53 عيادة.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- الدوام الثلاثي.. كابوس يطارد الطلبة والتربية: أنجزنا 500 مدرسة ونحتاج لـ8 آلاف
- الدوام الثلاثي.. كابوس يطارد الطلبة والتربية: أنجزنا 500 مدرسة ونحتاج لـ8 آلاف
- الألغام.. عشرات الآلاف من الضحايا وملف التطهير مازال عصيا