بقلم: علي حسين
إذا أردت أن تعرف كيف تُدار السياسة في بلاد النهرين، فإن متابعة جلسة البرلمان التي انعقدت على مدى ساعات يوم السبت الماضي، تكفيك لتقف على أبعاد الفشل السياسي الذي عشنا فيه خلال السنوات الماضية.
يريد الإطار التنسيقي أن يتحكم بكل مفاصل الدولة، ويرفع شعار أن لا إصلاح من دون عودة محمود المشهداني إلى كرسي رئاسة البرلمان، وقبل أن تسأل عزيزي القارئ عن السبب في صعود أسهم المشهداني، يمكنك أن تعود إلى الخلف وتتذكر كيف أن قادة الإطار التنسيقي أطاحوا بمحمود المشهداني من كرسي رئاسة البرلمان عام 2008، آنذاك صوت التحالف الوطني بأجمعه على استقالة المشهداني واتهموه بأنه يثير النعرات الطائفية، ونسوا أو تناسوا أن الحكم في العراق تم تقاسمه، على أساس الطائفة وليس وفق معيار الكفاءة. وقد أخبرنا محمود المشهداني ذات يوم عن الأسباب التي أدت إلى خراب العراق، بأن المشكلة أن العراقيين لا يريدون أن يعترفوا بأن لكل طائفة أوصياء يديرون شؤونها.!
بعد معركة البرلمان من أجل كرسي المشهداني، أيقنت أن العراقيين، نساءً ورجالاً، يستحقّون الجنّة، لسبب أساسي، هو أنهم يتعرضون للكذب والنفاق والخديعة كلّ يوم وعلى مدى عقود طوال.
كم هي بسيطة هموم العراقيين، أن يعرفوا مثلاً، لماذا نتوسّل الأُمم المتحدة أن ترعى اللاجئين العراقيين؟ ولماذا نفرح حين يقام جسر للمشاة ؟ نرجو إفادتنا. أنا لم أعد أتابع التفاصيل وسأكتفي بمتابعة أخبار الآباء المؤسسين الذين كانوا أول من أسس لمفهوم "الكيكة" العراقية.
ليس لديَّ موقف شخصي من الدكتور محمود المشهداني الذي اشتهر بتعليقاته الغريبة في البرلمان والتي أدت إلى إقالته، فالرجل دائماً ما يقحم نفسه في مجال التنظير السياسي بعد أن فاته التميّز في مجاله كطبيب، ولا أُريد أن أتحدث عن إخفاقه كسياسي، لكن مشكلتي معه أنه يريد أن يؤسس لنمط جديد من السياسة شعاره "يرّادلها بخت" وهو الشعارالذي أطلقه قبل عام لكي يعود إلى كرسي السلطة وبرّر مطالبته هذه بطريقة كوميدية حيث قال لمحاورته: "لإننا شبعنا أخطاء وبعد ما نخطأ"، ولا أدري عن أية أخطاء تحدث السيد المشهداني والتي تعلّم منها ساستنا الأفاضل.. هل هي سرقة أموال الشعب والزواج الحرام بين السلطة والثروة في العراق بالتزوير والرشوة والعبث بمقدرات الناس؟!
للأسف يعاني كاتب مثلي من مشكلة عميقة مع الآباء المؤسسين، فهم رغم اعتراف البعض منهم بأن ما جرى خلال السنوات الماضية كان كارثة بكل المقاييس، لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يدركوا أن العراقيين يريدون واقعاً جديداً، وأن تصفير العداد، والبدء من جديد مع المشهداني نوع من أنواع الاستهانة بعقول الناس، ولهذا كنت أتمنى على الكتل السياسية احترام عقل الناخب العراقي.
أقرأ ايضاً
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم