أشاد السيد احمد الصافي ممثل المرجعية الدينية العليا في خطبته الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 10/ج1/1429هـ الموافق 16/5/2008م أشاد بالمسؤولين والعشائر وأبناء مدينة سامراء المقدسة أثناء لقاءه معهم في زيارته الأخيرة لمرقد العسكريين عليهم السلام، منوها إلى حركة الإعمار التي تشهدها العتبة العسكرية والتي انطلقت من رفع الأتربة والركام مرجعا السبب إلى نقطتين الأولى: هناك جهود رسمية سبقتنا لزيارة مرقد العسكريين تمثلت برئاسة الوزراء وديوان الوقف الشيعي والسني التي بذلت جهودا مشكورة في هذا المضمار .
الثانية: المنطقة كانت سالكة من الناحية الأمنية ونحن نتوجه بالشكر الجزيل لجميع القوى الأمنية التي أمنت الطريق إلى سامراء المقدسة، وبعض المسؤولين يأمل زيارة سامراء المقدسة ولكنه يحبذ السفر جوا وأنا ارفض هذا الأسلوب جملة وتفصيلا، لان الطريق سالك ومؤمن وادعوهم لزيارة العتبات المقدسة في سامراء بلا منة من أحد، فان الكثير قد سلك هذا الطريق ذهابا وإيابا وهو آمن بحمد الله.
وعن تماسك الجبهة الداخلية في سامراء الحبيبة ذكر السيد الصافي (وجدنا منهم حالة من الرفض للمنهج التكفيري والقاعدة والتدخلات الوافدة من خارج العراق، ومن المعلوم أن سامراء المقدسة كانت معقلا للارهابين وقد ذكر بعضهم أن القاعدة قتلت أكثر من (1500) من أهالي سامراء المقدسة حسبما ذكرته الإحصاءات الرسمية من غير المجهولين، وإنني بنفسي قد شاهدت فيلما خلويا لأحد الضباط يظهر فيه جثث قتلى من الإرهابيين من تونس والسعودية والعراق) وتساءل قائلا (ماذا تستدعي هذه الحالة؟! قلنا للأخوة في سامراء هل تجهلون وجود الشيعة في العراق؟! قالوا كلا، وهل نحن نجهل وجود السنة في العراق نقول كلا، إذن ما عدا مما بدا!)
وسلط سماحة ممثل المرجعية العليا الضوء على (أن هناك مسائل خلافيه بين الشيعة والسنة في الإمامة والفقه، وهذا هو دور المعاهد والمحافل والحوزات العلمية، وهناك مسائل خلافية بين السياسيين وهو شأنهم، وهناك مسألة القواعد الشعبية فإنها ينبغي أن تتعايش فيما بينها بكل ود واحترام كما كان عليه في فترات مترامية من الزمن).
وذكر الصافي أنه و(بعد أن اتضحت الحقيقة وبعد سفرنا وجلوسنا مع أهالي سامراء ولمسنا منهم صراحتهم في رفض المنهج التكفيري أقول للأعزاء في المدينة المقدسة لا تصغوا لصوت يأتي من خارج العراق مثلما نحن ينبغي أن لا نصغي لأي صوت من خارج العراق، وأقول لكم أعزائي أي شيء تحتاجونه نحن بخدمتكم، أبوابنا مفتحة لكم في الأيام والأشخاص وفي كل وقت ومكان، ثقوا إذا حصلت هذه الزيارات المتبادلة سنقضي على الإرهاب الداخلي والوافد، وسنقضي على كل المؤامرات التي تحاك للنيل من وحدة وسيادة العراق).
وهناك ألفاظ ومعزوفات عزفت في السابق وأوصلت البلاد إلى حافة الحرب الأهلية، فماذا حصلنا من هذه السياسات الخاطئة يرجع السيد الصافي الأسباب الكامنة وراء تعشعش الإرهاب في أوساط البعض منا بقوله (أن الحواضن كانت قد غررت بالإرهاب، وذكر احد الأشخاص الذي كان تحت حرابهم في مدينة سامراء المقدسة انه تحت الضغط والتهديد القاعدي أجبر ابنته على الزواج من احد الإرهابيين في القاعدة، وردت عليه ابنته كيف تجبرني على الزواج الثالث!! هذا الانحطاط الخلقي الذي وصلوا إليه إنما أرادوا منه تمزيق أواصر المجتمع العراقي).
وعندما يكون النفس عراقيا وطنيا تصدح العبارات من صميم القلب( نحن بخدمتكم جميعا وأوجه دعوتي إلى أهالي بلد والدجيل وصلاح الدين والرمادي لزيارة العتبات المقدسة في كربلاء، ونحن بحاجة إلى هذا اللون من الزيارات وإذا ما حصل ذلك لا معذورية للإخوة السياسيين، نحن بحاجة إلى سياسي يخدم البلد، أما السياسي الذي يدمر البلد لا علاقة له لا بهذه الفئة أو تلك، وبوحدتنا نقف حائلا أمام الذين يحاولون التصيد بالماء العكر، ونرغب أن نرى الوئام يعم الجميع وحينئذ سيذعن السياسي لما هو موجود في الشارع).
وبعدها عرج السيد إلى اللقاء الذي جمعه مع ممثل اليونسكو وهو من الأخوة الجزائريين المكلفين بأعمار مرقد العسكريين موجها له خطابه (ينبغي أن تلغي مسألة الروتين في عملكم في العراق، لان هذه المسالة ليست أثرية وإنما عقائديه، كادت أن تؤدي إلى حرب أهلية لولا تدخل المرجعية في حقن الدماء).
وطالب الجميع خدمة هذا البلد وعلى رأسها العتبات المقدسة قائلا: (والإخوة في سامراء تضرروا اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا من حالة التفجير، ونحن بتكاتفنا جميعا وبناءنا لتلك الصروح نرجع اللحمة بين أوساطنا على المحبة والخير والتقدم).
وفي جانب آخر من خطبته أكد سماحة السيد الصافي (أن الوضع الأمني في عموم البلاد قد تحسن وقد اخذ مساحة واسعة من الصحافة، وهذه الدعوى تحتاج إلى دليل، والدليل يكمن في حالة لا تقبل الكذب، وان عملية التهجير الواسعة أخذت تتزامن مع التصريح في التحسن في الوضع الأمني، ونحن قلنا مرارا أن ميزان تحسن الوضع الأمني عودة المهجرين إلى مواطنهم بشكل آمن، ولكننا رأينا أن بعض المهجرين عادوا إلى بيوتهم لكنهم قتلوا أو هجروا مرة ثانيه، وتصديق العيان أقوى من تصديق البرهان، وان بعض الأحياء ما زالت مقفلة للارهابين، ولابد للدولة الكريمة أن تجعل في حساباتها عودة المهجرين وبقائهم في أوطانهم مستقرين).
وفي السياق نفسه أن (هناك محاولات بدأت بالاغتيالات المنظمة للعقول العراقية، وخطر هذه الاغتيالات التي طالت العلماء والأطباء والمثقفين قد تفوق في فضاعتها التفجيرات الإرهابية، ويقف وراء هذه الاغتيالات أناس منظمون تمدهم جهات إرهابية خارجية، وعلى الحكومة أن تضع حدا للحد من هذه الظاهرة الخطيرة).
أما عن الحس الوطني الذي هو أساس المواطنة الصالحة في تقدم البلدان أوضح الصافي أن (بعض الإخوة قد سافر إلى خارج العراق ووجد أن هناك جهة مشتركة في كل البلدان التي زارها وجد عندهم حسا عاليا في محبة أوطانهم وهذا غير مرتبط بالجانب الديني، بحيث تجد الفرد يقدس علم بلاده ويحترم القانون وكذلك يحترم إشارة المرور حتى بعد منتصف الليل!! للأسف هنا في العراق أن الحس الوطني لا أقول انه مفقود، إنما أقول انه ضعيف والسبب في ذلك يرجع إلى السياسات السابقة التي ربطت الحس الوطني بالبطش والاعتقالات والسجون، فاخذ المواطن يتوجس خيفة من هذا الحس، أما الآن نجد أن هذا الحس في بعض الساسة العراقيين ضعيف جدا، والحس الوطني ليس فيه طائفية ولا قومية والذي يفتقده تهون عنده السرقة والإهمال، وتراه يلجأ إلى تجيير بعض القوانين لمصلحته الشخصية حتى إذا أدت إلى تمزق البلد).
وفي الختام وجه كلامه لكل الأطياف العراقية قائلا: (إن العراق دين في أعناقنا جميعا وهذا الحس الوطني لا يشترى، وإنما محبة الإنسان للوطن لا تتعارض مع النص الديني، بل الذي يموت في سبيل وطنه يموت شهيدا، وحب الوطن المفروض يكون شعارا لدى المواطن والمسؤول على حد سواء، والعراقي يجب أن يشعر أن هذا البلد بلده، والمفروض على الجميع أن يبنوا هذا الوطن بالفعل لا بالشعارات، لابد من البناء والاعمار والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه التعدي على المال العام، وليعلم الجميع أن السبب الأساسي لتوقف الكثير من المشاريع هو ضعف الحس الوطني للكثير من المسؤولين، ومن الأمور التي أفرزتها السياسة في هذا المضمار السرقات التي يتم بموجبها تهريب أموال العراق إلى الخارج، وبعض السياسيين يتلقون الأوامر والنصائح من خارج الحدود، أرجو من كل الإخوة أن يعززوا في دواخلهم الحس الوطني بعيدا عن التحزب والتمذهب والتطرف، هذا الحس لوطني عندما يثقف عليه ويعمل به نستطيع القول إننا سائرون على الجادة الصحيحة).
موقع نون
أقرأ ايضاً
- ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالانت في عزلة دبلوماسية؟ ومستعدة لاعتقالهما!
- ضعف الانترنت يؤخر عملهم التعداد السكاني: الارقام النهائية سترفع حجم الخدمات المقدمة للمواطنين
- محافظ كربلاء يتحدث عن احياء التجاوز ويؤكد استحالة التجاوز على اراضي الدولة مستقبلا