مع استمرار الحرب في غزة وما يقوم به الكيان الصهيوني من اجرام وقتل بحق شعبنا الفلسطيني، والتي كانت من نتائج هذه الحرب المدمرة والتي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث بأن يحصل مثل هذا الدمار على شعب أعزل كما حصل في غزة البطلة، والذي كانت نتائجه عشرات الالوف من الشهداء ليصل العدد الى أكثر من(20)الف شهيد أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ والجرحى ليصل إلى أكثر من(64)الف جريح والالوف الذين لازالوا تحت الأنقاض والذي يصعب الوصول وأكثر من مليون ونصف نازح في فترة زمنية لا تتجاوز الأكثر من(75)يوم، في اجرام وهستيريا قتل وإبادة جماعية تحت أنظار العالم أجمع، وسكوت مطبق من قبل العالم الغربي، وكذلك من قبل العرب وحكامهم الخونة وكذلك الدول الإسلامية.
ويتضح من خلال هذا الهجوم البربري النازي من قبل الكيان الصهيوني الغاصب، بأنه ليس كان رداً على ما حدث في العملية البطولية في طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر، بل هو في الحقيقة أمر اكبر وأعمق من هذا الرد، ولو راجعنا تصريحات المجرم النتن ياهو، كلها تتخذ مديات مجرمة وكبيرة غير الرد على عملية طوفان الأقصى البطولية.
فهو في أول تصريح له في تهديده لقطاع غزة الذي احتوى على أوامر بارتكاب جريمة حرب بحق القطاع بعد عملية “طوفان الأقصى" التي أطلقتها “حماس " وفصائل المقاومة الفلسطينية في 7 من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، توعّد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، بأن الرد " سيغيّر الشرق الأوسط ".
وخلا ل حديثه مع رؤساء المجالس المحلية الإسرائيلية في غلاف قطاع غزة -التي نفّذت (حماس) الهجوم تجاهها: " نحن بالفعل في الحملة (العسكرية) وقد بدأناها للتوّ، قيادتكم قوية جداً في هذه الأيام الصعبة (…) أطلب منكم أن تقفوا بثبات لأنّنا سنغيِّر الشرق الأوسط ".
إنّ عبارة " الرد سيغيِّر الشرق الأوسط " تحمل كثيراً من الغرور والصلف من جهة، كما تحمل كثيراً من الرغبة في الاستمرار بالعمل حتى السيطرة التامة على منطقة الشرق الأوسط، حيث ترى إسرائيل وقيادتها أنّها لا بدّ أن تقود المنطقة وتتحكم فيها كيفما تشاء، وهذا كان في الأصل أحد الأسباب الرئيسية لإنشاء “دولة إسرائيل” ودعمها من القوى العالمية الكبرى.
إنّ تغيير الشرق الأوسط هو لعبة كبرى بدأتها القوى الكبرى بعد انتهاء فترة الدولة العثمانية، التي تولّاها في البداية الإنجليز، ثم دخل معهم الفرنسيون والايطاليون بدرجة أقل، بعد الحرب العالمية الأولى، و تبنته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وبهذا التصريح يؤكد الاحتلال الإسرائيلي أنّه جزء لا يتجزأ من مشروع التغيير المستمر.
لتأتي تصريحات هذا المجرم بعد ذلك ومن أجل استجلاب عواطف اليهود بأن يعمل بما جاء في كتاب أشعيا ويعتبره هو المنهج الذي تسير عليه الإدارة الصهيونية في الإبادة الجماعية,
وهذه النبوءة ذكرت في الكتاب المقدس – العهد القديم (التوراة) سفر إشعياء المؤلف من 66 إصحاحا، وإشعياء نبي يهودي لمملكة يهوذا الجنوبية، وهو من كتب سفر إشعياء الذي ذكرت فيه عدة نبوءات.، ليقول " أنه سيحقق "نبوءة إشعياء".
ويتحدد مجال نبوءاته في 3 أوجه: الأول نبوءات دنيوية عن إسرائيل، والثاني نبوءات مشؤومة عن سقوط بعض الدول ودمارها، والثالث خلاص اليهود، وشمل إلى جانب ذلك جوانب دينية وسياسية وتاريخية.
وكانت الإصحاحان من(1ـ 5)عبارة عن لوم لبني إسرائيل، إذ يوبخهم إشعياء ويلومهم أشد اللوم بسبب تورطهم في الرشاوى وبسبب فساد قضائهم وظلمهم للمساكين، وبذخهم وترفهم، وطمعهم وسكرهم وانعدام الأخلاق لديهم. ثم يشير لاحقا إلى عودة اليهود من ضلالهم وانحرافهم وتجاوزاتهم.
نبوءة إشعياء التي بشر بها نتنياهو.. الخراب لمصر والظلام لفلسطين والنور لإسرائيل، وهذا مختصر هذه النبوءة، حيث وذكر في الإصحاح أن دمشق والسامرة ستسقطان، وتنبأ بتمدد حكم الآشوريين على الشرق الأوسط، وذكر أن بابل ستشكل خطرا على مملكة يهوذا، وأن على الأخيرة ألا تعتمد على مصر في محاربة الآشوريين، وذكر أن الخلاص والنصر "بيد الله وأنه السند والحليف الوحيد لبني إسرائيل".
نتن ياهو و"نبوءة إشعياء"
وقد ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتن ياهو "نبوءة إشعياء" خلال خطاب متلفز يوم الأربعاء(25)أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقال "نحن أبناء النور بينما هم أبناء الظلام، وسينتصر النور على الظلام".
وأشارت تقارير صحفية إلى أنه قال ذلك لتبرير سعيه إلى "تدمير" حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خاصة في قطاع غزة.
وأضاف نتنياهو "سنحقق نبوءة إشعياء، لن تسمعوا بعد الآن عن الخراب في أرضكم، سنكون سببا في تكريم شعبكم، سنقاتل معا وسنحقق النصر".
ويبدو أن نتنياهو استمد تشبيهه من فقرات(1-2)في الإصحاح(9)من سفر إشعياء يقول " لكن لن يخيم ظلام على التي تعاني من الضيق، فكما أذل الله في الزمن الغابر أرض زبولون ونفتالي، فإنه في الزمن الأخير يكرم طريق البحر عبر الأردن، جليل الأمم. الشعب السالك في الظلمة أبصر نورا عظيما، والمقيمون في أرض ظلال الموت أضاء عليهم نور "، وكأن إسرائيل هي أهل النور الذين يجب أن ينتصروا على أهل الظلام أي الفلسطينيين، في السياق الجيو سياسي الحالي.
مصير مصر
كما تحيل كلمة نتنياهو أيضا إلى الإصحاح(60)وعنوانه "إشراق نور الرب"، والذي يقول "ولا يُسمع بعد ظلم في أرضك، ولا دمار أو خراب داخل تخومك، بل تسمين أسوارك خلاصا، وأبوابك تسبيحا".
وفي الجزء الثاني من حديثه عن القتال والنصر، فقد يكون قصد ما ذكر في إصحاح(11)، الذي يقول "فيعود الرب ليمد يده ثانية ليسترد البقية الباقية من شعبه، من أشور ومصر وفتروس وكوش وعيلام وشنعار وحماة، ومن جزائر البحر، وينصب راية للأمم ويجمع منفيي إسرائيل ومشتتي يهوذا من أطراف الأرض الأربعة، وينقضون على أكتاف الفلسطينيين غربا ويغزون أَبناء المشرق معا، ويستولون على بلاد أَدوم وموآب، ويخضع لهم بنو عمون".
وفيما بقي يتكلم الإصحاح(11)عنوان "مصير مصر" عن خراب مصر وما سيحل بها وعن جفاف نيلها وأرضها، وأنه سيولى عليها ملك عنيف قاس، وستكون مصدرا الذعر والرعب لكثير من الأمم، وستهزم من قوى خارجية، وستكون في فترة ملجأ آمنا للمعوزين والمضطهدين، ثم تعود للرب عبر تقديم النذر والتضحيات، وبعدها تتحالف مع آشور.
وانتقدت عالمة الكتاب المقدس آن ماري بيليتييه "الإشارة المبتذلة"، وقالت إن الذي يسير في الظلام في سفر إشعياء ليس "العدو" المجاور، بل الشعب اليهودي نفسه، الذي يمر "بكل تأكيد بمحنة سياسية وروحية"، مشددة على أن معنى النص لا يدعم ما ذهب إليه نتنياهو، خاصة أن هذا الكتاب معقد للغاية و" لا يمكن فهمه إلا في ضوء السياق التاريخي في ذلك الوقت".
يشار إلى أنه لم يرد في القرآن ولا السنة النبوية ذكر النبي بهذا الاسم، وليس هناك دليل على إثبات نبوة "إشعياء" أو نفيها (*).
ومن هنا جاءت وفي تصريحات أخرى يقول بأن التوراة تحضه على الاستمرار في هذه المعركة الدموية الغير مسبوقة فكانت هذه الاستراتيجية المتبعة في هذه المعركة ونتائجها الكارثية.
وسوف نكمل ما ستكون هذه الحرب الدينية ونتائجها في جزئنا القادم أن شاء الله.