بقلم: علي حسين
ما معنى أن يخرج مستشار لأعلى سلطة تنفيذية في العراق ليقول وبالحرف الواحد: إن "الجيوش لا تستطيع حماية الحكومات، وتحريك الشعوب بيد الحركات الإسلامية".
السيد رشيد العزاوي الأمين العام للحزب الإسلامي العراقي ومستشار الشؤون الخارجية العربية في مجلس الوزراء أخبرنا مشكوراً بإعلان رغبته في أن يكون لحزبه جناح عسكري، بل كشف كالعادة أن العراق لم يخضع في يوم من الأيام لحكم الأحزاب الدينية، وأن الليبراليين والعلمانيين هم من تسببوا بالفشل المتراكم في العراق.. ولم يكتف السيد العزاوي بإطلاق هذه التهم بل أخبرنا أن "الإسلاميين حرموا من ممارسة حقهم الطبيعي بالعمل السياسي". وأن الحزب الإسلامي حسب قوله يتعرض إلى "مؤامرة عالمية".
صار الحديث عن فشل النظام السياسي مرتبطاً بالمدنيين وكأنهم تسلموا السلطة منذ عام 2003 وحتى لحظة إعلان السيد رشيد العزاوي حربه عليهم، مقولات وعبارات يستخدمها البعض ليثبت أنه يفهم في السياسة، فتجدهم وهم يشاركون في دراما السلطة ومنافعها يصوبون مدافعهم باتجاه القوى المدنية التي لا ناقة لها ولا جمل في معمعة الخراب.. ولأنني لا أريد أن أدخل في جدال سياسي مع السيد النائب خوفاً من أن أتهم بتخريب البلاد ونشر الرذيلة، فسأحاول فقط أن أذكر السيد العزاوي بأن الحزب الإسلامي كان شريكاً في الحكم منذ عام 2003، وتسلم مناصب قيادية منها منصب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوزراء ورئاسة البرلمان وعدداً من الوزارات بينها سيادية، وأن القوى المدنية المسكينة لم تمنح إلا مرة واحدة وزارة الثقافة، وعندما شعرت أحزاب السلطة بغلطتها سلمت الوزارة إلى الحزب الإسلامي أيضا، وأن الحزب الإسلامي كان شريكاً وداعماً لسنوات الخراب التي عاشها العراق عندما نهبت موازناته وتحولت أموال البلاد إلى خارج الحدود.
للأسف يدخلنا بعض الساسة كل يوم في أتون حرب جديدة المفاجأة فيها، أن العدو لم يكن الفشل الذي أصاب مفاصل الدولة، وإنما القوى المدنية الذي تجرأت وخرجت في تظاهرات ضد المحسوبية والطائفية والفساد.
الحرب العالمية التي قادها السيد العزاوي ضد القوى المدنية والليبرالية ذكرتني بالحملات التي قادها "العلامة" كامل الزيدي عندما كان رئيساً لمجلس محافظة بغداد والتي أراد من خلالها إعادتنا إلى القرون الوسطى، وسارت على دربه مجموعة من القوى السياسية كان أبرزهم السيد نوري المالكي، الذي قال بالحرف الواحد: "إن الأحزاب الإسلامية في العراق استطاعت أن تدحر الماركسيين والعلمانيين والحداثويين وأن تنتصر عليهم".
ولن ننسى الدروشة التي أخذت رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني حين أصرّ على أن يعيد علينا مشاهد من فيلم "الرسالة"، معلناً أنه "لن يتنازل عن أسلمة الشعب العراقي، وأي فكر آخر هو فكر مستورد ولن نسمح به" هذه الحملات هي نفسها التي يحاول اليوم السيد رشيد العبيدي.
أقرأ ايضاً
- فلسطين من الحجارة الى الصواريخ
- المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
- الاضداد والمتشابهات في فقه العقوبات