بقلم: د. بلال الخليفة
اول شيء يتبادر الى الذهن عند سماع غسل العار هو الذهاب الى الأعراف الاجتماعية الشرقية تجاه بناتهم حينما تمارس الرذيلة (الزنى) خارج الأطر الشرعية والقانونية، لكن هل تعلمون ان السياسيين يستعملون نفس التكتيك لغسل عارهم وسمعتهم السيئة المتلطخة بالفساد والظلم.
عادة ما يراهن السياسيون على جهل المنظومة المجتمعية وبالتالي من السهولة جدا ان تنطلي عليهم أي حيلة من اجل غسل عارهم او امرار حدث فيه مصلحتهم لا مصلحة الامة، والشعوب المثقفة والذكية تكون اقل عرضة للخداع من قبل السياسيين العار، ولذلك يحتاجون السياسيون الى طرق أكثر تعقيدا وحبكة كي يمرروا ما يريدون.
توجد العديد من وسائل غسل العار التي يستخدموها باستعمال الاعلام المرئي والسمعي وكذلك استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في خدمة أهدافهم، الان لنتعرف على اهم وسائل غسل عار السياسيين:
1- صناعة الاحداث واستغلالها
عندما يرى السياسي ان سمعته بدأت بالتناقص او وصلت الى الحضيض، نراه يعمد الى خلق حدث معين مرتبط به كمحاولة اغتيال او خروج شخص ذو توجه معروف يقوم بالانتقاص منه، وبالمقابل يقوم الاعلام باستغلال ذلك الحدث بإظهار مظلومية السياسي وبيان إيجابيات وبالتالي يبدا الناس تتناسى سيئاته وتتعاطف معه وبالتالي قام عذا السياسي بغسل عاره السابق بإيجابية مختلقة حاليه، وهل تعلمون السبب ما هو؟ نعم لأننا نمتلك ذاكرة ذبابه ولأننا نحتكم لعاطفتنا فقط.
حتى وصل الامر الى ان الاذكياء لا ينظرون الى الحدث المهم الذي يشغل الناس بل ينظرون الى احداث ثانوية مقرر لها ان تمر دون ضجة إعلامية ودون رفض الناس لأنهم مشغولون بالحدث الأهم حسب اعتقادهم.
2 – توظيف الاحداث إعلاميا
عادة ما يحيط نفسه السياسي بمكانة إعلامية مكونة من انصاف المثقفين الذين يبيعون أفكارهم واصواتهم بحفنه دنانير وهؤلاء هم يوظفون الاحداث كي تخدم رب نعمتهم إيجابيا حسب رأيهم، ويكون ذلك باتجاهين:
أ – الفات نظر الناس الى موقف رب نعمتهم من هذه الحادثة، وإبراز كم هو موقف عظيم ونبيل وشجاع و و و ما الى ذلك مع بيان مواقف سابقه له كي ينسى الناس عارة السابق وينظر الى موقفه المشرف الحالي.
ب – استغلال الحدث اعلاميا كي ينسى الناس موقف عار قام به أحد السياسيين وبالتالي الحدث هو اشبه بالإبر الصينية بتشتيت الألم الرئيس بوخزات من هنا وهناك، وهذا التكتيك يستخدم لتغطية حدث عار قام به أحدهم. من الأمثلة على ذلك هو ما حدث قبيل الانتخابات الامريكية في زمن أوباما، نهاية الدورة الأولى، حيث حدث فيضان كبير، فاستغل الرئيس ذلك الحدث ونشر صور له وهو يقدم المساعدات للناس الذي عانوا من غرق منازلهم، وبالفعل وخلال أيام ارتفعت شعبيته وفاز بدورة ثانية.
3- الاستعانة بصديق
العنوان قد يكون غريب لكن هو أسلوب وتكتيك يستخدمه معظم السياسيين الحاليين وبدون استثناء عن طريق اللقاء بالفنانين والرياضيين والمشهورين والإعلاميين والكتاب والمحللين والهدف هو شراء ذممهم وحثهم على نشر صورهم مع ذلك السياسي وبالتالي ان الناس سترى السياسي مع كثير من الناس المحبوبين وبالتالي يألف الناس السياسي وقد يرونه جيدا متناسيا افعاله العار التي اقترفها.
من الأمثلة العالمية على ذلك هو ان الرئيس الأمريكي كوليدج عام 1924 شعر بانخفاض شعبيته وتعرضه الى السخرية في الاعلام فقام بجلب 34 نجم سينمائي والتقطوا معه صور ووجه الاعلام بتغطية ذلك الحدث وبالفعل ان شعبية الرئيس بعد ذلك تحسنت كثيرا.
4 – استغلال المناسبات الاجتماعية والدينية
تكاد تكون هذه الصفة حتى عند السياسي المبتدئ الذي لا يعرف شيء منها، وتنشط هذه الظاهرة قبيل الانتخابات، حيث يزداد نشاط السياسي الاجتماعي وحضوره لكل المناسبات الاجتماعية وعلى سبيل المثال الافراح والاحزان وكذلك حضور المناسبات الدينية لما لها وقع كبير في قلوب الناس البسطاء، وفي هذا المقام لا يحتاج القارئ لأمثلة لغزارتها.
وخلاصة الامر ان الاحداث التي مررنا بها كثيرا وحتى وصل أحد الاحداث على انه عالمي لكن منهم استفاد من الحدث ووظفه لخدمة سمعته وغسل عاره واعتقد ان الامر لا يحتاج الى امثلة.
أقرأ ايضاً
- صفقات القرون في زمن الانحطاط السياسي
- ثورة الحسين (ع) في كربلاء.. ابعادها الدينية والسياسية والانسانية والاعلامية والقيادة والتضحية والفداء والخلود
- ظاهرة الحج السياسي