بقلم: جواد العطار
زيارة رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الى تركيا كانت مثمرة وفي وقتها، لعدة اسباب منها: الحاجة الى تعزيز التعاون الثنائي مع دول الجوار اولا؛ التنسيق بشأن الملفات المشتركة الأمنية منها بالخصوص ثانيا؛ والاهم ثالثا؛ مناقشة موضوع المياه والأزمة التي يعانيها العراق بسبب نقص الإمدادات القادمة من تركيا باعتبارها منبع نهري دجلة والفرات والجهة الاكثر الأهمية في تعزيز الواقع المائي ومقاومة الجفاف والتصحر على مستوى الوسط والغرب والجنوب.
لكن هل ادت الزيارة الغاية الاساسية منها؟ وهل كان للعراق اوراق وملفات تغير من الواقع للأفضل وتضغط على الجارة لاحترام مبادئ حسن الجوار!
للأسف الزيارة لم تناقش مجالات التجارة والأمن والمياه بشكل فني تخصصي ينصف العراق على المدى القريب والبعيد، وهي الملفات المهمة والخطيرة التي يمكن للمفاوض العراقي ان يناقشها مع الجانب التركي باعتبار الاخير المستفيد الاول على عدة مستويات، منها:
- التجارة: فالتبادل التجاري يميل لصالح تركيا وبأرقام كبيرة جداً قاربت العشرين مليار دولار عام 2022، وهذه ورقة كان يمكن الضغط بها لان العراق سوقا مهما للبضائع التركية للقرب الجغرافي اولا؛ ومستوى التبادل الكبير والمجدي للصانع التركي ثانيا.
- الأمن: تركيا تصول وتجول وتنشئ قواعد في شمال العراق دون رادع، وتقوم بعمليات عسكرية كبيرة دون تنسيق مع الجانب العراقي بما يخرق السيادة ويعرض حياة المواطنين العراقيين لخطر جسيم وحدث ان سقط ضحايا اكثر من مرة نتيجة هذه العمليات، وتلك ورقة اخرى للضغط لم تستعمل بشكل مناسب.
- المياه: تركيا تخالف اتفاقية الامم المتحدة للدول المتشاطئة لعام 1997 التي تنص المادة السابعة منها على مبدأ مهم وهو " تجنب احداث ضرر ذي شأن لدى دولة جارة عند استخدام او تنفيذ مشاريع تتعلق بالموارد المائية المشتركة "، وهو ما تفعله تركيا تماما دون رادع أيضاً حتى قطعت المياه عن دجلة والفرات وما زالت تنشئ مزيدا من السدود والمشاريع المائية والاروائية على اراضيها بما يضر بالعراق وحياة المواطن واصبح يهدد الحرث والحيوان والنسل.
عندما بدأت تركيا انشاء السدود بما يسمى مشروع الكاب ودخل التنفيذ الكبير نهاية ثمانينيات القرن الماضي، كنا نسمع ان الغاية من المشروع استبدال برميل ماء ببرميل نفط، واليوم مصداق لذلك الكلام عندما يقرر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش الزيارة بفتح المياه الى نهر دجلة لمدة شهر واحد فقط في مقابل محاربة وطرد تنظيم بي كا كا من شمال العراق في تدخل يمس السيادة، رغم ان جريان المياه من دول المنبع حق مكفول للعراق دوليا على مدار العام... لكن على ما يبدو اصبح الماء سلعة مهمة للعراق ولمواطنيه مثلما النفط مهم للاقتصاد، لكن ثمنه غالي... أغلى من النفط وأشياء اخرى.
أقرأ ايضاً
- توقعات باستهداف المنشآت النفطية في المنطقة والخوف من غليان أسعار النفط العالمي
- انخفاض اسعار النفط وهدهد سليمان القادم من الصين
- النفط.. مخالب في نوفمبر وعيون على الرئيس القادم لأمريكا