بقلم: إياد الصالحي
يعرف النجم المحبوب يونس محمود، اللاعب السابق الأكثر إبهاراً في ذاكرة العراقيين ما بعد عام 2003 أن ليلة سقوط البطل في ملاعب الكُرة تكون بخطأ منه نتيجة إضاعته ركلة جزاء أو تهاون فريقه أو ظُلم التحكيم، وأحياناً بزلّة لسان عفويّة أو مقصودة لم يُراعِ تبعاتها حينما يُقرّر السير في حقل الإعلام المليء بالألغام التي تحوُّلهُ الى ضحيّة في نهاية الطريق ولن يجد من يسترهُ أو يُلملم جراح انتقادات لم تُضبطها المشاعر ولا أحكام الثقافة العامة.
لن ننسج هنا على منوال مُقتطفي تصريحات يونس محمود في سحوره الرياضي عبر الشاشة، وهو يعلم جيّداً أن هناك قاعدة جماهيريّة كبيرة تترقّب همسه وتحلل إيماءة وجهه، فما بالها وهي تسمع رأيه عن شؤون الاتحاد واستحكام عدنان درجال بقراره وهو الذي اختاره ضمن قائمته ليكون نائباً له، مُحقّقاً أمنيته باحتلال مقعدٍ في الاتحاد بعدما كان يكتفي برسائل صحفيّة من معقل الفهود في الدوحة يُهدِّد بها الرئيس السابق عبدالخالق مسعود جدّياً بأنه الرئيس القادم لإزاحته متى ما سنحت الظروف لتقديم أوراق ترشيحه !
كلّ أحاديث يونس محمود الرمضانيّة وغير الرمضانيّة، في حالة ارتياحه أو انزعاجه، معرفته بدقائق الأمور أو جهله لها، دائماً ما يضع مصلحة الكرة العراقية في المقدّمة، ويبني تطلّعاته على أساس محبّة الناس له وتعاونهم معه كمسؤولين أصحاب قرار أو رياضيين، متناسياً السياقات الأصوليّة في كيفيّة كسب مصلحة اللعبة مثلما تحدّث عن زيادة ميزانيّة الاتحاد الماليّة التي ظلّت تُعاني النقص في ظلّ تقادم الزمن وزيادة متطلّبات تطوير المنتخبات ورعاية الموهوبين، وهو ما يُناقض أحاديث سابقة له أعتقد خلالها أن علاقاته الداخليّة والخارجيّة كفيلة بانعاش ميزانيّة الاتحاد شرعيّاً عن طريق الاستثمار ولم يضع في الحُسبان صعوبة ذلك وسط عدم تغيير القوانين التي لم تزل تُكبّل اتحاده بروتين الميزانيّة وفقاً لإجراءات وزارة الشباب والرياضة ومُراقبتها من الأجهزة المعنيّة، وعدم وجود إمكانيّة اغماض عيون الحكومة كي يتصرَّف باستقلاليّة في توريد الأموال ممّن يشاء وانفاقها لمن يشاء !
في مخيلة يونس محمود مشاريع كبيرة يُترجمها الى حالة استياء من محاولات تقليص صلاحيّاته في أمور فنيّة صغيرة تشعرهُ بالاحباط لم يُكمل سوى 18 شهراً منذ حصوله على ثقة الهيئة العامة لاتحاد كرة القدم، لكنها ليست مُدعاة للقطيعة بينه وبين رئيس الاتحاد أو نائبه الأوّل، فحالة تشكّيه من سلب صلاحيّاته كمُشرف على المنتخب لا تليق به ولا باتحاده ليُجاهر بها الإعلام، يمكنه مناقشة ذلك في أحّد الاجتماعات، وإن لم تحصل الموافقة فبقيّة الأعضاء يكملون المهمّة طالما كانت وطنيّة بعيدة عن النزوات !
ليس من مصلحة يونس أن يُزعزع استقرار المدرب الإسباني خيسوس كاساس وملاكه المساعد بفضح عدم رغبته باللعب أمام روسيا، وهي مسائل تخضع للحوار بين المدرب والاتحاد، وليس صحيحاً ولا من باب العمل الاحترافي الذي يؤمِن به يونس أن يُظهر عدم توافق المدرّب ما يعني استسلامه للضغوط، وسبق أن تعهّد رئيس الاتحاد بالنأي عنها لمنع تكرار أخطاء مرحلة الهيئة التطبيعيّة والتي تلتها في الأشهر الأولى من انتخاب الاتحاد بإفشال مهمّة الملاك التدريبي للمنتخب الوطني، فمن حق كاساس أن يُبدي وجهة نظره وليس من حقّ يونس أن يصطاد الموقف ليؤكد تفرّد درجال بقرار مواجهة روسيا كون المدرب هو المسؤول عن النتيجة ولديه وثيقة عقد يفترض أن يؤدّي التزامه نحوها فلماذا وافق السفر الى سانت بطرسبرغ.
يعلم يونس محمود أنه جزء من منظومة تتحمّل مسؤوليّة أي انفاق في بطولة كأس الخليج وغيرها، وعدم وجود توقيع له في وثائق مُبرمة مع شركات وأفراد لا يعفيه من المُساءلة أمام الأجهزة الرقابيّة إذا ما أخفى وجود شُبهات فساد ولم يُخبر بها السُلطات المعنيّة، فهو عضو اتحاد أصيل ويمكنه التحريّ بمشاركة بقية الأعضاء عن أي مبلغ تتم تسوية صرفه بحكم حوزته جميع الكُتب والعقود ولا مبرّر لأي تلميح منه يضرب نزاهة الاتحاد إذا لم يتأكّد بنفسه من الخرق ويكشف ذلك للإعلام بشفافية وجرأة.
إن تصريحات يونس محمود كانت أقرب الى تسويات مجمل مصادماته وخيبات أمله خلال فترة عمله القصيرة في الاتحاد، شبيهة بتسويات عمليّات جرديّة تحدُث في دوائر حسابيّة مُرتبطة باقتصاد عام أو خاص بموجب قوائم ختاميّة تخضع لأسس الصرف والإيراد، لا تنفع يونس محمود لاقتباسها في أجواء رمضانيّة تسمو بخُلقه وروحيّته كي يتدبّر ما يُفكّر به قبل أن يبوح للناس، وما يشغلهُ يُخطّط له بصبرٍ وقناعة حتى يُنفّذه من دون ندم!