بقلم: عمـار سـاطع
أكاد أجزم أن التوجّه الجديد في سياسة اتحاد كرة القدم المُقبلة، تتمحور في قضيّتين مهمّتين، تنفيذ فكرة إقامة أوّل دوري للمحترفين الموسم 2024 - 2023، وقبلها الاهتمام بالفئات العمريّة كونها الأساس في بناء الأجيال اللاحقة بالشّكل الصحيح، والطريقة الأسلم للاستمرار وديمومة العمل ورفع راية اللعبة بتعاقب اللاعبين وتمثيل الوطن في المحافل الخارجيّة.
وفي الواقع، إن ما لفتَتْ انتباهي هي ضرورة الاهتمام بالفِئات العمريّة عبر خلق نظام جديد يوازي ما معمول به في دول المنطقة من خلال رعاية المواهب والأخذ بأيدي اللاعبين اليافعين، وصقلهم بالشكل الأمثل، ووضعهم على الطريق الصحيح والاسهام في إيجاد مراكز تدريبيّة وأكاديميّات تهتمّ بصناعة اللاعبين، وترفع قابليّاتهم وتؤسِّس لمدارس غايتها الانتقاء النوعي.
لا أريد التدخّل في قضايا فنيّة بحتة ترتبط بشريحة مهمّة وواسعة همّها كيفيّة لعب كرة القدم، اللعبة الشعبيّة الأولى، وكيفيّة تنظيم هذه الشريحة بدءاً من فِئة البراعم والأشبال مروراً بالناشئين والشباب وانتهاء بفئتي الرديف والأولمبي العُمريّة، لكن الحقيقة هي أن الأساس في تكوين اللاعبين وتشخيص مستوياتهم والتعرّف على قابليّاتهم بعيداً عن الوساطات والمعرفة التي دائماً ما تكون سبباً في إبعاد المواهب بمقابل ضمّ لاعبين لديهم علاقات تؤثّر داخل الوسط الرياضي عموماً، والكروي على وجه الخصوص، وكانت سبباً رئيسيّاً في حرمان العديد من الأسماء والمواهب عن البروز للواجهة!
هذا كُلّه من بين الأسباب التي أوقعت فرق الفئات العمريّة في الأندية أوّلاً والمنتخبات ثانياً في مطبّات وارهاصات ومشاكل كثيرة، وكانت من بين المسبّبات التي أوصلتنا الى التخلّص من لاعبين نتيجة التزوير في أعمارهم أو التشكيك في تحقيق الإنجاز، مقابل تهميش قدرات مركونة والتفريط بلاعبين كان لوجود بعضهم مهمّاً ولو تواجد البعض الآخر لكانت النتائج بمعالم خالصة بعيدة عن الفوضويّة التي عاشتها مرحلة الفئات العمريّة برغم عِلم الجميع أن هذه المرحلة هي الأساس في تكوين اللاعبين.
وهنا أشير الى أهميّة انفتاح الاتحاد العراقي لكرة القدم على وزارة التربية عبر إيجاد المنفذ الفني الذي يشمل لاعبين في المدارس في عموم البلاد، وتشكيل لجان من ذوي الاختصاص واختيارهم بعناية فائقة لتشمل التربويين والكشّافين والعاملين في حقل المراحل العمريّة، وإبرام اتفاق عام وشامل يشتمل على إعادة درس الرياضة الى مكانته الصحيحة، وإقامة دوريّات تنشيطيّة لفرق مدارس وزارة التربية بطريقة تنافسيّة تُضاهي بطولات دوري الفئات العمريّة للكشف عن الخامات المركونة والمُهمّشة وإجراء نهائيّات دوري المدارس للمراحل الابتدائيّة والمتوسّطة والثانويّة.
ثورة بناء أجيال كرة القدم بحاجة ماسّة الى رعاية حكوميّة خالصة أوّلاً مع الاستمرار في ذلك بأجندة فعّالية وبرنامج عمل طويل الأمد، مع ضرورة اتباع الخُطط التربويّة والبرامج العلميّة وصولاً الى تحقيق الأهداف المرجوّة، بمقابل منح درجات الى المتفوّقين بالدراسة والفائزين لاضفاء أجواء التنافس بين الطلبة اللاعبين من جهة، وإشعارهم بالاهتمام الحكومي بهم وبالرياضة ثانياً.
وما تناولناه أعلاه سيكون من بين النقاط المهمّة للغاية فيما بعد، إذ أن فرق الفئات العمريّة في الأندية الرياضيّة ستبحث عن اللاعبين الطلبة أوّلاً من أجل ضمّهم في دوريات رسميّة ومُنتظمة ويصبُّ ذلك كلّه في صالح اللعبة مع إجراء دوريّات المحافظات ومن ثم المناطق وإقامة منافسات بطولات الجمهوريّة وإقامة مباريات فرق الفِئات المختلفة قبل إقامة دوريّات المتقدّمين الكبار، وإجبار الأندية على تشكيل فرق الأشبال والناشئين والشباب ليكون كلّ ذلك سلاح يُعتمد وتمنح على أساسه الأندية تخصيصات ماليّة بالتنقيط والتقييم الرسمي من وزارة الشباب والرياضة.
أقرأ ايضاً
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الاول
- المجلس.. بين رؤية وحقيقة في إبعاد المستقبل