بقلم: ريم عبيد
قبل جنة الامام الحسين بكربلاء ببضعة كيلومترات، تطالعك جنة وقد اتشحت باللون الاخضر، وكأنها في احتفال دائم لاستقبال الزائرين.
أربعمة وخمسون موظفا..جميعهم بخدمتك ينتقلون أمامك بزيهم الرسمي، يأخذونك الى مكان إقامتك، فتمر معهم من طريق ساحر، تبقى معه مندهشا، مساحات خضراء مطلية بالجمال،ونوافير مياه، وألوان، وحدائق خلابة، الى أن تصل الى غرفتك،التي خصصت لتكون فيها مرتاحا لأبعد الحدود.
انها مدينة سيد الأوصياء التي تدفعك لأن ترى العراق بعين الجمال،بعين السحر الخلاق، إنه العراق الحقيقي .
المدينة هذه، تخضع لإدارة العتبة الحسينية،التي صممتها لتكون نافذة ينعم فيها الزائر بالهدوء، ؤيقلب صفحات مخططه للزيارة دون ضوضاء.
ولدى سؤالنا بعض العاملين هناك، أجابونا، ان كل هذه الفخامة لا تسد حجم النفقات، لا بل حتى أنها لا تستطيع سد حاجتها في الصيانة..وما يطلب من الزائرين هي مبالغ رمزية قياسا بالخدمات التي تقدمها المدينة.
فهي فضلا عن أنها تحوي على عدد كبير من المجمعات للسكن، هي تحتوي ايضا على مطاعم فخمة، ومستوصف،و11 قاعة كل منها لها اسم خصص لصحابة الامام الحسين اثناء مسيره الى كربلاء، كي لا تنسى هذه الاسماء وتبقى محفورة في ذاكرة الخلود، خصوصا انها همشت الى حد ما في السيرة الحسينية.
تأسست المدينة في أواخر العام ٢٠١٦، وارتأت العتبة الحسينة ..ان يكون طابعها خدميا،وهي مفتوحة على مدار الساعة وعلى مدى ايام الاسبوع السبعة لاستقبال الزائرين والمرتادين، وتخصص ربع مداخيلها البسيطة اصلا ، لعوائل لشهداء والجرحى .
انها واحة للأمان فعلا، ففي اربعينية الامام الحسين تتحول هذه المدينة الى باحة تستقبل الجميع من دون مقابل، تفرش لهم الارض، وتقدم لهم يوميا ما يزيد على عشرين الف وجبة غداء مجانا على حب الامام الحسين، وتستقبلهم دون كلل او ملل، في أجواء من المحبة والاهتمام والحرص على راحتهم.
جهزت المدينة أيضا بمستوصف للأيام العادية،يتحول مابين 11 من صفر الى 21 منه الى مستشفى ميداني بكامل تفاصيله، ليخدم زوار الحسين، ثم ما ان يتركوا المكان حتى يعود الى سابق عهده.
في فترة جائحة كورونا،ارتأت العتبة الحسينية أن تحول المدينة بكاملها الى مستشفى خاص لمرضى الكورونا ، قدمت لهم الرعاية الصحية الكاملة، بعد أن انتشر المرض بشكل كبير في البلاد، وقد استطاعت فعلا ان تقدم الخدمات الصحية بأعلى المستويات خلال الفترة.
هنا، وفي هذا المكان الذي تغطي المساحات الخضراء منه ما يزيد على 28 دونما، وانت على مرمى حجر من مقام الامام الحسين، تشعر أن العالم هنا توقف، وترجو ان يتمايل الماضي على ارجوحة النسيان، ومن هنا، يبدأ العمر يخط بك صفحات جديدة،لا تشبه شيئا سوى سحر المكان وصخب هدوئه، بعد أن يترك الاطفال مدينة ألعابهم التي خصصت لهم، ينامون وتجلس انت على شرفة احدى الغرف، حائرا بين أن تترك هذا الجمال،او تستسلم للنعاس فتخلد للنوم متشوقا لغد أجمل.