بقلم: رعد العراقي
لم تكن مراسم إجراء قرعة بطولة خليجي 25 الذي شهدته البصرة الفيحاء إلا إعلان رسمي يوثّق اجماع جميع الدول المشاركة على استحقاق البصرة في احتضان البطولة وبدء العد التنازلي لانطلاقها في 6 كانون الثاني 2023 والشروع في وضع اللمسات النهائيّة لاستكمال جميع الأمور اللوجستيّة لتكون النسخة الأبرز والأكثر إبهاراً وتشويقاً بحسابات عُمق وتاريخ العراق وشعبه المُحبّ لاستقبال وضيافة أشقّائه الخليجيين بعد حرمان استمرّ لأكثر من 40 عاماً منذ آخر نسخة في بغداد 1979.
الحفل رسم صورة متفائلة عن حرص الجهات المسؤولة بدءاً من الحكومة المحليّة ووزارة الشباب والرياضة واتحاد الكرة على نجاح الحدث بأدقّ التفاصيل، وهو ماعكسته مشاعر الارتياح والرضا التي ظهرت على ممثلي 8 منتخبات مشاركة وثُقل الحضور من نجوم سابقين وضيوف أبدوا سعادتهم منذ وصولهم إلى البصرة وسط حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة في ظلّ الأمان الذي تنعم به المدينة.
يتوقّع أن تشهد البطولة تصاعد المستوى الفني لجميع المنتخبات المشاركة عطفاً على المساحة النموذجيّة للتحضير والاستعداد التي ستمنحها فترة توقّف جميع دوريات العالم أثناء منافسات نهائيات كأس العالم في قطر 2022 وخاصّة للمنتخبات غير المشاركة في النهائيّات، بينما سيكون ممثلا الخليج والعرب (قطر والسعودية) في قمّة الجاهزيّة الأمر الذي سينعكس بالإيجاب على حدّة الإثارة والتنافس ممّا سيلقي بمسؤولية النجاح الفنّي للبطولة على المنتخبات الخليجيّة من خلال إبداء حرصها على المشاركة بالصفّ الأول لمنتخباتها من دون أعذار مُسبقة حتى لو أضطرّ الأمر الى إعادة النظر بموعد انطلاقها بما يُحقّق هدف المشاركة بالخطّ الأول وضمان إقامة بطولة استثنائيّة فنيّاً وتنظيميّاً وجماهيريّاً.
القرعة جاءت متوازنة حيث وضعت منتخبنا الوطني على رأس المجموعة الأولى بجانب كل من منتخبات (السعودية وعُمان واليمن) بينما ضمّت المجموعة الثانية بطل النسخة الماضية المنتخب البحريني مع منتخبات (الكويت وقطر والإمارات) لتتوضّح بشكل كبير مسالِك المواجهات نحو الوصول الى الدور قبل النهائي، ومن ثمّ المنافسة على اللقب، وهو ما يضع المنتخب الوطني مُضيّف البطولة تحت ضغط جماهيره المُتعطّشة لخطف اللقب الرابع بتاريخ مشاركاته، وبالتالي المطالبة برفع وتيرة الإعداد بما يتناسب وقيمة الحدث وأهدافه التي لن تتوقّف إلا وفرحة خطف كأس البطولة التي تحمل الأنامل العراقية بصمة صناعته.
الجهات الحكومية مُطالبة بدعم اتحاد الكرة بشكل استثنائي، وحثّه من أجل تطبيق منهاج الاستعداد المُبكِّر، والخروج من أزمة غياب الملاك التدريبي، وعدم الالتفات الى دُعاة التحليل الفني الذين يحاولون أن يدفعوا باتجاه التريّث في اختيار المدرب الأجنبي بعد انتهاء نهائيات كأس العالم بانتظار إقالة الكثير منهم وانخفاض أقيام التعاقد المالية معهم مُتناسين خسارة الزمن المُتبقّي وضيق فترة الإعداد وكذلك صعوبة قبول مدرّب عالمي - خاض تجربة عالميّة - المُجازفة مع منتخب لم يبلغ نهائيّات المونديال برغم سهولة التنافس في مجموعته ولا تتوفّر أمامه أدوات مُتكامِلة ومهيّئة لتطبيق أفكاره، ومن ثم نجاحه بالمهمّة.
نُذكّر اتحاد الكرة ومن يطرح تلك الآراء غير المنطقيّة بأن الألقاب الثلاثة السابقة أعوام 1979 و1984 و1988 تحقّقت بفكر المدرب المحلي بقيادة الراحل عمو بابا في وقت كانت المنتخبات الأخرى تحت قيادة ملاكات فنيّة عالميّة فشلت في كسر إنجاز شيخ المدربين المسجَّل باسمه حتى الآن.
باختصار .. نريد لخليجي البصرة 25 أن يُسجِّل بتنظيمه ومستوى المشاركة الانطلاقة الفنيّة الثانية في عبور جميع الدول المشاركة نحو مدّيات أوسع في التطوّر والارتقاء بالواقع الكروي لها مثلما كانت البطولة عند انطلاقتها الأولى سبباً في حدوث ثورة تغيير هائلة على صعيد البنى التحتيّة وشغف الجماهير وظهور أجيال كرويّة فذّة اسهمت في وضع المنتخبات الخليجيّة على منصّات النجاح والتتويج القارّي في وقت نأمل أن يستشعر اتحاد الكرة بمسؤوليّة قيمة اسعاد الجماهير مرّتين الأولى حين تحتفي بالأشقّاء والثانية حين ترفع الكأس الغالية بعد طول انتظار وعناء!
أقرأ ايضاً
- مسؤولية الأديب في زمن الاحتضار.
- المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي
- مسؤولية المجتمع الدولي تجاه العراق