- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"الى الله.. سفرة الى الله" .. قصيدة ولد فيها الشاعر وسيرهق فيها الرادود
بقلم: علاء الفاضلي
عندما قرر مدرب برشلونة الاسبق غوارديولا الرحيل عن ناديه ادلى بتصريح مازلت احفظه الى هذا اليوم قائلا: ''مورينيو لم يرهقني ولكن كثرة الانتصارات ارهقتني'' وهذا التصريح لو نقلناه من الرياضة الى العقيدة او الثقافة او السياسة... لوجدنا ان تحقيق النصر امر ليس بالصعب ولكن المحافظة عليه هو الاصعب والمرهق، وهنا اتذكر قول الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري عندما اعطى كل ما لديه اختصر كل مسيرته ببيت من الشعر وقال:
لم يبقَ عنديَ ما يبتزّهُ الألمُ
حسبي من الموحشاتِ الهمُّ والهرمُ
بعد الاصدار الاخير للشاعر مصطفى العيساوي والرادود حيدر البياتي في قصيدتهما (سفرة الى الله) يأتي السؤال ماذا سيكتب الشاعر بعد هذه القصيده وكيف سيحافظ الرادود على قمة الانتصار بعد هذه القصيدة الملحمية؟ الجواب باختصار المسيرة امامها كبيرة والفرصة سانحة طالما هناك اقلام تنظم الشعر وحناجر تهتف بحب الحسين (ع).
لكن لماذا تصدرت هذه القصيدة المشهد الحسيني؟
القصيدة شأنها من شأن بقية القصائد لكنها تميزت بصور شعرية مختلفة ونقلت القصيدة الحسينية الى عصر جديد، ويمكن اجمالها بالآتي:
اجتماعياً: نجح الشاعر وابدع الرادود بابراز قيم المجتمع العراقي والمتمثلة بالسماحة والكرم والشهامة والمروءة عندما قال وتحدى سكان الكرة الارضية والقارات السبع عن اكثر الشعوب اكراما للضيف وترحيبا به فكان الجواب: ''الزيارة الاربعينية تگول الشاهد'' وانتهى. ومن استطاع ان يأتي بشاهد اخر فاليتفضل.
عقائدياً: نجد ان هذه القصيدة تميزت بالابتعاد عن المظلومية وذلك لكثرة القصائد المكتوبة في هذا الشأن ولعل السبب في طبيعة المناسبة فمصيبة يوم العاشر تختلف عن زيارة الاربعين، والحسين (ع) يريد منا في هذه المناسبة نمشي على الارض وكبريائنا يعانق السماء وهذا ما اجاد به قريحة الشاعر.
وطنياً: وهو الجانب المفقود في مجالسنا بشكل عام فاغلب القصائد عندما تنجح بأظهار الحب والولاء العقائدي لايكون الا بابراز مواضع الخلل العقائدي عند الاخرين. الا ان شاعر القصيدة قالها وبملئ الفم ان الحسين هو من الله والى الله وكل الديانات لها الحق بحب الحسين من الشيعة والسنة والمسيحيين والصابئة والايزيدين، وهذه هي اطياف المجتمع العراقي من الموصل الى البصرة وباقي اراضي العراق.
ان هذه القصيدة لم تكن قصيدة يكتبها شاعر ويلقيها منشد بقدر ما هي ظاهرة جديدة كنا ننتظرها منذ امد بعيد، قصيدة اعادت لنا الحسين الذي سار معه واستشهد معه وهب النصراني واسلم التركي وجون الافريقي فضلا عن العدو والصديق والمحب والمبغض.
ان الاوان ان نقرأ الحسين من ظاهرة المحبة والتسامح والالفة والتعايش.
وآخر الكلام ان هذه القصيدة اولدت شاعراً بظاهرة جديدة وستجعل من فحول المنشدين تتزاحم على ابيات وقصائد شاعرها. لكنها سترهق رادودها ومنشدها لانه سيكون مطالب بتقديم الافضل من شجاوة الصوت وقوة الاداء. ابارك لهما ولجميع الكادر والمجلس المبارك هذا العمل الرائع راجيا لهم جميعا الاجر والثواب ودوام السداد.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً