بقلم: علي حسين
ماذا كان يضير المحكمة الاتحادية لو أنها لم تدس أنفها في السياسة منذ عام 2010 عندما وضعت تفسيراً للكتلة الأكبر، كان الغرض منه سد الأبواب أمام أياد علاوي في تشكيل الحكومة، في ذلك الوقت حصل علاوي على 91 مقعداً بينما حصل المالكي على 89 مقعداً، فوجدنا المحكمة تصدر قراراً غريباً، ساهم في انهيار البلاد.. وأتمنى أن لا يتصور البعض أنني أدافع عن أياد علاوي، ولكن ما فعلته المحكمة الاتحادية في ذلك الوقت فتح الباب أمام القضاء ليتحول من مؤسسة مهمتها الحفاظ على القانون وتطبيقه إلى مؤسسة سياسية.
على مدى سنوات استهلك العراقيون طاقتهم ومعها ثرواتهم في جدال عقيم حول الكتلة الأكبر، هل هي التي تتشكل في البرلمان أم التي تفوز في الانتخابات، لتخرج علينا المحكمة الاتحادية وبعد 12 عاماً على قرارها الأول بقرار جديد يقول إن الكتلة الأكبر هي التي فازت بأكبر عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية. وكأن مصائر البلاد والعباد مجرد لعبة تشبه لعبة "الدجاجة من البيضة أم البيضة من الدجاجة".
ما يحدث اليوم يثبت أن المحكمة الاتحادية أدخلت البلاد في مرحلة صعبة لا يعرف أحد نتائجها. وكنت أتوقع أن المحكمة الاتحادية ستكون أكثر جدية وحرصاً بعد احداث المنطقة الخضراء، وأن أرواح الضحايا سترفرف داخل قبة المحكمة من أجل إصدار قرار يعيد للناس الأمل بالاستقرار والطمأنينة.
أما وقد أعادتنا المحكمة الاتحادية إلى نقطة الصفر مشفوعة ببعض العبارات من عينة الدستور والخدمات، فان الغريب والعجيب أن تخبرنا المحكمة بانتشار الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، وكأن المواطن مطلوب منه أن يشكل محاكم ويعين مدعياً عاماً لمتابعة ملفات الفساد ومحاسبة حيتان الرشوة ونهب الثروات.
أدرك جيداً أن التجاوز على سلطة القضاء مرفوض ومدان ونقف جميعاً ضده، لكن للأسف القضاء ومنذ سنوات أحب لعبة الاشتباك مع السياسة، ولهذا فالناس كانت وما زالت تريد من المحكمة الاتحادية أن تساهم في مساعدة البلاد على دخول المستقبل، وبناء دولة تقوم على أساس حق المواطنة لا حق الساسة، وعلى العدالة والمساواة لا على توزيع الغنائم بين الأصحاب والأحباب، ومع التسليم الكامل بأن وجود مجلس نواب ضرورة سياسية، فإن المنطق يقول إننا بحاجة إلى مجلس نواب حقيقي خال من نواب الصفقات، مجلس نواب مهمته خدمة الناس لا خدمة الكتل السياسية ، مجلس نواب غير مصاب بفايروس الانتهازية.
وإذا كان هناك حرص حقيقي على الدماء التي سالت من أجل الوطن وتقدير للأثمان الباهظة التي يدفعها المواطن العراقي كل يوم، فليس اقل من تشييع الوجوه الكالحة لكل نواب الصدفة.