عند القنطرة الفاصلة بين قضائي المدينة في محافظة البصرة والجبايش في محافظة ذي قار نصب موكب القاسم بن الحسن (عليهم السلام) في نقطة تشهد زخم بشري كبير لايام عدة يمر منها الزوار المشاية، فتقدم لهم مختلف انواع الخدمات من الطعام والشراب والمنام على مدار خمسة عشر ساعة يوميا، هذا الموكب كان يعمل به خدام من من رجال قبيلة بني اسد وافتهم المنية في حوادث مرورية وغيرها، فتسلم ابنائهم واخوانهم مسؤولية الخدمة بدلا عنهم ليتوارثوها منهم كما توارثها الآباء من الاجداد.
القهوة العربية
في هذا الموكب اختص الحاج طاهر الاسدي بصنع القهوة العربية كونه يملك مضيفا عشائريا ويقصده الناس، يبين ولده عبد الكاظم طاهر عبيد (50 عاما) لوكالة نون الخبرية قصة والده مع الإمام الحسين (عليه السلام) بقوله "ورثت الخدمة الحسينية من اجدادي ووالدي واهلي لم يتركوا الشعائر الحسينية في ثمانينيات القرن الماضي وكانت تقام ليلا رغم المنع والملاحقة من قبل ازلام السلطة المبادة وخاصة في ايام العشر الاولى من شهر محرم حيث كانوا يقيمون محاضرات دينية يلقيها احد الخطباء من السادة ومجالس حسينية ويقيمون وجبات الطعام ويجتمع ابناء المنطقة في موكبهم وكنا اطفال وجعلونا نشترك بها ونرتدي السواد وننتظرها في كل عام وكبرنا على احياء الشعائر الحسينية، وفي العام 2004 أسس موكب القاسم بتعاون مجموعة من الشباب ويديره لهم السيد قاسم البطاط وشارك ابي معهم وتخصص بصنع القهوة العربية التي يحبها الزوار العراقيون والعرب والاجانب وكنت مساعدا لهم وعلمني طريقة صنعها ويعمل معي في الموكب اخوتي الثلاثة وابنائي وابنائهم، وتمسكنا بالخدمة لان والدنا علمنا ان الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال " اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي" والتمسك بالعترة مفتاحها ابا عبد الله الحسين (عليه السلام)، وبعد وفاة والدي تسلمت مسؤولية صنع القهوة بدلا عنه وجلبت ولدي عقيل وعلمته طريقة صناعتها لنتوارثها جيلا بعد آخر، ونستمر بالخدمة احد عشر يوما في ايام الشتاء واسبوع في ايام الصيف وموقع موكبنا متميز ويمر علينا يوميا الاف الزوار وكل بيوتنا مفتوحة لمبيت المئات منهم يوميا، ونقدم الخدمة كذلك في موكب حسيني بمحافظة كربلاء المقدسة بمنطقة فريحة، وكل بيوتنا وعائلاتنا ومضائف عشيرة بني اسد تقيم الشعائر الحسينية".
على خطى ابيه
ورثت الخدمة الحسينية من ابي فاضل الاسدي الذي كان كاسبا وخادما ملتزما بالرغم من منع الشعائر والمطاردة ولم ينثني رغم اعتقال الكثير من اصحاب المواكب والمعزين ومنهم من توفى في سجون الطاغية المقبور، بهذه الكلمات بدأ فراس فاضل جبار من منطقة السحاقي بقضاء الجبايش حكايته ووالده مع الخدمة الحسينية لوكالة نون الخبرية ويضيف " وكان قبله جدي يصطحب والدي في مناطق الاهوار البعيدة عن عيون السلطة لحضور مجالس العزاء وكما رباه والده ربانا نحن اربعة اخوة واربع اخوات على حب الحسين (عليه السلام) واتذكر عندما كان عمري عشر سنوات يدخل بيتنا في استنفار تام للمشاركة في المواكب والمجالس الحسينية الرجالية والنسائية، وكنت اشاهد بأم عيني كيف يعتقل عناصر الامن خطيب المنبر الحسيني في مضيف السيد قاسم البطاط، وبعد سقوط النظام نصبنا موكبنا من القصب والبردي لتقديم الخدمة ولم تكن الامور سهلة لان الحالة المادية كانت ضعيفة والمواكب محدودة والزوار كثيرين، والان بعد تسعة عشر عاما تكاتف اهالي المنطقة وتكفلوا بخدمة الموكب وتمويله تضامنيا، وفي العام 2011 توفى والدي بحادث مروري وهو ذاهب الى زيارة الامام الحسين (عليه السلام) واستمريت بالخدمة بدلا عنه واشركت ولدي معي في الخدمة لانها عقيدة لا نتنازل عنها".
قصة خادم
وقف نبيل محمد غازي امام صورة اخيه عبد الامام الاسدي التي علقت على ابواب موكب القاسم بن الحسن (عليهم السلام) وهو يتذكر الحادث المؤلم الذي تعرض له وادى الى وفاته ويقول عنه لوكالة نون الخبرية ان" اخي كان منتسبا في مغاوير الشرطة الاتحادية وكان ذاهبا للدوام من قضاء الجبايش الى مدينة الناصرية وشاهد مجموعة من الاشخاص متجمعين امام فتحت مجاري المياه الثقيلة، فهب على الفور لانقاذ رجل سقط في المجاري، ونزل الى الاسفل وحاول بكل غيرته وقوته انقاذه لكن الغازات السامة قطعت انفاسه وتوفى بحالة اختناق على الفور، وكان خادما حسينيا ويساهم بالاموال وغيورا وتعلمنا الخدمة منذ صغرنا من اهلنا وتعلمنا الغيرة والنخوة من الإمام الحسين (عليه السلام) ولم اكتفي بالخدمة في الموكب بل بيوتنا فتحناها لمبيت الزائرين ونسائنا تشاركنا الخدمة واستمريت بالخدمة بدلا عن اخي وجلبت اولادي معي لنكمل المسيرة".
قاسم الحلفي ــ ذي قار
تصوير ــ عمار الخالدي
أقرأ ايضاً
- فاطمة عند الامام الحسين :حاصرتها الامراض والصواريخ والقنابل.. العتبة الحسينية تتبنى علاج الطفلة اللبنانية العليلة "فاطمة "
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- رئاسة المشهداني.. هل تمهد لعودة الزعامات الكلاسيكية؟