من جديد، وإثر انتهاء اعتصامات الصدريين والتي دامت لشهر كامل داخل المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد، عاود تحالف "الإطار التنسيقي" حراكه لاستئناف عمل البرلمان، والمضي بتشكيل الحكومة الجديدة، ما يعني تراجع فرص تحقيق أهداف الاعتصامات التي طالبت بحلّ البرلمان والتوجه نحو انتخابات مبكرة.
وأنهى زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، يوم أمس الثلاثاء، صفحة خطيرة من الأزمة السياسية التي بلغت ذروتها بعد تحول الاعتصامات إلى مواجهات مسلّحة بين أنصار الصدر من جهة وأمن "الحشد الشعبي" من جهة أخرى، والتي أوقعت 26 قتيلاً ومئات الجرحى، ما دفع الصدر إلى سحب أنصاره وإلغاء الاعتصام بشكل نهائي.
ومثّلت تلك الخطوات المتسارعة إعادة الأزمة العراقية إلى مرحلة الصفر، عاودت فيها القوى السياسية مراجعة نشاطها وتحركاتها السياسية لاستغلال الظرف الراهن، وتحقيق ما تصبو إليه من مكاسب.
وعلى الجانب الآخر المناوئ لتيار الصدر، بدا زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي متفائلاً بمرحلة جديدة بعد انتهاء الأزمة، تتمثل في عودة البرلمان والالتزام بمقررات السلطة القضائية، وقال إنّ "القوة لا يمكنها أن تفرض واقعاً سياسياً يُكره الآخرين على المضي وفق بوصلتها"، مشدداً على أنه "علينا أن ندين أية ممارسة خاطئة من أي طرف منا دون مجاملة ومواربة".
وأكد أنّ "الاعتداء على مؤسسات الدولة الشرعية، التي لها كامل الحصانة والاحترام وفق القانون، جريمة كبرى تعاقب عليها القوانين"، مضيفاً: "يجب الالتزام بالسياقات الدستورية في الخطوات السياسية"، في إشارة منه إلى مسألة تشكيل الحكومة الجديدة.
من جهته، أكد زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي، عودة عمل البرلمان والتوجه نحو تشكيل الحكومة، وقال، في كلمة له مساء أمس الثلاثاء، إنّ "ما حدث هو انتشار مجاميع مسلحة في غالبية محافظات الوسط والجنوب، وهذه المجاميع استعملت مختلف أنواع الأسلحة وأرعبت المواطنين، وقام بعضها بتطويق حقول النفط في محافظتي البصرة والناصرية مما يعتبر تهديداً اقتصادياً"، في إشارة إلى أنصار الصدر.
واتهم الخزعلي رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه "لم يقم بدوره في حفظ الأمن والاستقرار"، داعياً إلى "عودة انعقاد البرلمان وتشكيل حكومة وفق السياقات الدستورية، ولا يمكن أن يستمر الوضع الذي نمر به، فالبرلمان معطل والحكومة معطلة".
في غضون ذلك، أكد سياسي عراقي مطلع، أنّ قادة "الإطار التنسيقي" بدأوا حراكهم فعلياً لاستئناف عمل البرلمان بداية الأسبوع المقبل، مبيّناً لـ"العربي الجديد"، شرط عدم ذكر اسمه، أنّ "قادة الإطار أجروا في ما بينهم أمس اتصالات ولقاءات منفردة، توافق غالبيتهم على التوجه نحو عودة خطوات تشكيل الحكومة"، مشيراً إلى أنّ "تحالف الإطار سيطلب من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي إنهاء تعليق جلسات البرلمان".
وأكد أنّ "الحلبوسي سيعيد عقد الجلسات بعدما زالت مسوغات التعليق، والتي تمثلت في سيطرة معتصمي التيار على مبنى البرلمان والمنطقة الخضراء"، متوقعاً أن "يستأنف البرلمان جلساته بداية الأسبوع المقبل".
وعلى الرغم من اعتباره البرلمان "غير متوازن" بعد انسحاب التيار الصدري منه، قال نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبد الله، إنّ "موظفي البرلمان سيعودون إلى عملهم اعتباراً من يوم الأربعاء"، مبيّناً أنّ البرلمان سيستأنف عمله تدريجياً، إلا أنّ عقد جلسة يستوجب "تفاهماً سياسياً".
وأضاف، خلال مشاركته في برنامج حواري على محطة تلفزيون كردية تبث من أربيل شمالي العراق، أنّ "خطاب مقتدى الصدر أسهم في تهدئة الموقف، وكان أشبه بخطاب مرجع، أكثر من كونه خطاباً سياسياً، لأنه كان مستقلاً".
وأشار عبد الله، إلى بدء المساعي خطوة بخطوة لاستئناف عمل البرلمان، لافتاً إلى أنّ هيئة الرئاسة ستبدأ اجتماعاتها الأسبوع المقبل، مشدداً على ضرورة وجود تفاهم بين الأطراف السياسية لاستئناف جلسات المجلس.
وشهدت العاصمة العراقية بغداد، منذ فجر اليوم الأربعاء، أوضاعاً طبيعية، بعد فتح جميع الطرق والجسور التي جرى إغلاقها، خلال اليومين الماضيين، بينما استأنفت جميع الدوائر والمؤسسات عملها بشكل انسيابي، بما فيها مواعيد امتحانات الدراسات الأولية الجامعية وطلاب البكالوريا ضمن الدور الثاني للعام الدراسي الحالي.
وقال مراسل "العربي الجديد"، إنّ الموظفين العاملين داخل المنطقة الخضراء عاودوا دخولهم بشكل طبيعي للمنطقة، بعد إزالة العوارض والأسلاك الشائكة، بينما أنهت دوائر البلدية في ساعة متأخرة من الليل عمليات تنظيف ورفع مخلفات الاشتباكات التي اندلعت داخل المنطقة الخضراء وفي محيطها، وتسببت بمقتل 26 عراقياً وجرح أكثر من 260، وفقاً لأرقام مصادر بوزارة الصحة العراقية.
متابعات
أقرأ ايضاً
- مجلس محافظة كربلاء: عملية التعداد نجحت والباحثين وصلوا لأكثر من (404) ألف موقع
- البرلمان يخاطب مجلس الوزراء لتعديل قرار استقطاع 1% من رواتب الموظفين والمتقاعدين
- البرلمان يُنهي قراءة أولى لمشروع ويرفع جلسته